عاد طالبو اللجوء في تونس إلى الاعتصام مجدداً أمام مقرّات المنظمات التي تُعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين، بعد فضّ اعتصام سابق لهم بالقوة، علماً أنّه استمرّ أكثر من عام أمام مقرّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأعلن أكثر من 100 طالب لجوء من جنسيات مختلفة من دول أفريقيا جنوب الصحراء عن نصب خيامهم أمام مقرّ المنظمة الدولية للهجرة، مع استمرار الاحتجاج أمام مقرّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وذلك للمطالبة بالتسريع في ترحيلهم من تونس نحو وجهات أخرى أو تسوية أوضاع إقاماتهم نهائياً.
ويضغط طالبو اللجوء في تونس عبر الاعتصامات المتواترة من أجل ترحيلهم نحو وجهات توفّر لهم ظروف إقامة أفضل، لا سيّما السودانيون منهم الذين لم تعد لهم القدرة على العودة إلى بلادهم بسبب تدهور الأوضاع الأمنية فيها.
في هذا الإطار، قال المتحدث باسم طالبي اللجوء المعتصمين أمام مقرّ المنظمة الدولية للهجرة محمد صالح آدم، وهو سوداني الجنسية يقيم في تونس منذ أربعة أعوام، إنّ "المحتجّين عادوا إلى نصب الخيام أمام مقرّ المنظمة كإعلان رسمي للعودة إلى الاعتصام، في حين تتواصل الاحتجاجات أمام مقرّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إذ هي الهيكل الأممي الراعي لشؤون طالبي اللجوء".
وأوضح آدم لـ"العربي الجديد" أنّ "أكثر من 100 طالب لجوء التحقوا بالاعتصام للمطالبة بتسريع مسارات تسوية ملفاتهم والحصول على صفة لاجئ دائم أو ترحيلهم إلى وجهات أخرى آمنة". وأشار إلى أنّ "المعتصمين يواجهون ظروفاً إنسانية صعبة، بسبب غياب الحدّ الأدنى من المرافق الأساسية في الخيام التي يبيتون فيها".
وانتقد آدم "مواصلة سياسة المماطلة في النظر في ملفات طالبي اللجوء من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في حين أنّهم بمعظمهم يتعرّضون لملاحقات أمنية نتيجة الإقامة غير الشرعية في تونس".
أضاف آدم أنّ "لا مداخيل ثابتة لطالبي اللجوء بمعظمهم، تمكّنهم من العيش. كذلك، لا مقرّات سكن ثابتة لهم، ولم يعد يُسمح لهم بالعمل في تونس بسبب أوضاع إقاماتهم".
وفي إبريل/ نيسان 2023، فضّت قوات الأمن التونسية بالقوة اعتصاماً لطالبي اللجوء كانوا ينفّذونه أمام مقرّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في منطقة البحيرة بالعاصمة تونس. وقد أدّى ذلك إلى اشتباكات ما بين المهاجرين ورجال الأمن تسبّبت في إلحاق أضرار بمركبات كانت مركونة في المنطقة. كذلك اعتقلت القوات الأمنية عدداً من المعتصمين فأُحيل بعض منهم على القضاء فيما أُطلق سراح آخرين.
ومنذ عام 2022، يطلق لاجئون وطالبو لجوء في العاصمة تونس ومحافظات الجنوب سلسلة من التحركات الاحتجاجية مطالبين بالتسريع في البتّ في طلبات اللجوء من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنح الموافقة للذين يتقدّمون بتلك الطلبات أو الردّ على طلباتهم في مدّة لا تتجاوز ستّة أشهر، بحسب ما تنصّ عليه القوانين الدولية المنظّمة للهجرة. كذلك يطالب المحتجون بترحيلهم من تونس نحو وجهات آمنة، وذلك بعد تزايد الممارسات العنصرية التي تستهدفهم.
ويحتلّ اللاجئون وطالبو اللجوء السودانيون، المسجّلون رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المرتبة الثالثة في قوائم المهاجرين بعد الإيفواريين (من ساحل العاج) والسوريين، فيما يغيب العدد الرسمي المتعلق بالمهاجرين غير النظاميين من الجنسية السودانية المقيمين في تونس.
وتفيد بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنّ عدد السودانيين الحاصلين على صفة لاجئ أو طالب لجوء يُقدَّر بـ566 شخصاً من مجموع 9,474 مسجّلين على قوائمها الرسمية.
وفي سياق متصل، أفاد منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان له بأنّ انعكاسات السياسات المتّبعة على الحدود الأوروبية تغذّي أزمة المهاجرين في تونس وفي البحر الأبيض المتوسط، نتيجة مصادرة حقّ التنقل والتضييق على عمل المنظمات الإنسانية في البحر، بالإضافة إلى التخلّي عن الواجب القانوني وكذلك الأخلاقي المتعلقَين بالإنقاذ البحري. وقد دعا المنتدى إلى فتح الممرّات الضرورية للوصول إلى أوروبا أمام اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في تونس الذين يعانون حالياً نتيجة الأوضاع الإدارية أو صعوبة الحصول على الحقوق.