ارتفعت أسعار الدروس الخصوصية في مصر منذ أزمة تفشي جائحة كورونا، ما زاد الأعباء على الأسر التي تئن في الأساس تحت وطأة الغلاء الذي طاول أسعار كل السلع الغذائية والأساسية، بتأثير موجة التضخم التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة.
بمجرد إعلان الحكومة فرض الضرائب على مراكز التعليم التي تُعرف باسم "سناتر الدروس"، رفع المعلمون أسعار الدروس الخصوصية للتلاميذ، باعتبار أن غالبيتهم يشاركون أيضاً بحصص في هذه المراكز، ما يعني أنهم حمّلوا فعلياً التلاميذ كلفة الضرائب التي يسددونها لخزانة الدولة.
نشاط تجاري
يقول مصدر مطلع في مصلحة الضرائب لـ"العربي الجديد": "قفزت أسعار الدروس الخصوصية بصورة غير مسبوقة مع بداية العام الدراسي الحالي، خصوصاً تلك التي تشمل المرحلتين الإعدادية والثانوية. ويتوقع أن تشهد زيادات جديدة تدريجاً بالتزامن مع قرار وزارة المالية فرض ضرائب على مراكز التعليم".
ويوضح أن "الحكومة لا تعترف قانوناً بالدروس الخصوصية، في حين تفرض ضرائب على نشاطات كل مراكز التعليم، وبينها تلك التي تلقّن اللغات والإنترنت والتي تحظى باعتراف رسمي. وتحدد الضرائب وفقاً لأعداد المترددين على المراكز من تلاميذ وأولياء أمور، وكمية استهلاكها للكهرباء والغاز والمياه والإنترنت التي تكشف مقدار نشاطها".
يضيف: "يعتبر استهلاك الكهرباء العامل الأهم في احتساب قيمة الضريبة المفروضة على المراكز، علماً أنه يتراوح بين 3 و10 آلاف جنيه (190 و635 دولاراً) شهرياً، وصولاً إلى 15 ألف جنيه (952 دولاراً) في المراكز المكيّفة بالكامل، ما يجعله معيار نشاطها التجاري الذي ستُحاسب عليه ضريبياً، والذي تحدده حسابات مأمورية الضرائب التي يقع المقر الرئيسي للنشاط في نطاقها".
وتشغل مراكز التعليم عادة مساحة الدور الأرضي للعقار بالكامل، وتنتشر في مناطق تشهد كثافة سكانية أو تجمعات للمدارس الحكومية والخاصة، مثل الهرم وفيصل، والسرايات والعجوزة وإمبابة في الجيزة، والسيدة زينب ومصر القديمة والبساتين وحدائق القبة ومدينة نصر والمطرية وعين شمس في القاهرة، وشبرا الخيمة وقليوب وبنها في القليوبية.
ويحدد أحد العاملين في مركز تعليمي بحي مدينة نصر بالقاهرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، قيمة الحصة الواحدة للطالب في المرحلة الإعدادية بمبلغ يتراوح بين 60 جنيهاً (3.8 دولارات) و100 جنيه (6.35 دولارات) للطالب في الثانوية العامة. ويضاف إلى ذلك قيمة طباعة "الملزمة" التي يحصل عليها الطالب، والتي تتراوح بين 15 و25 جنيهاً (95 سنتاً و1.58 دولار).
ويكشف أنه في حال فصل الإناث عن الذكور في المرحلة الثانوية، تبدأ مواعيد الدروس الخصوصية للتلميذات من العاشرة صباحاً في مناطق القاهرة الكبرى، والثامنة صباحاً في الأقاليم، وللذكور اعتباراً من الثانية ظهراً، وهي نفس مواعيد الدراسة في المدارس، كون تلاميذ الثانوية العامة لا يذهبون بانتظام إلى المدارس.
ويوضح أيضاً أن مراكز التعليم الكبيرة تستعين بحراسة خاصة لتنظيم دخول التلاميذ إلى القاعة، ومنع احتكاكهم بالمعلمين، وقطع الطريق على أي شجار، خصوصاً بالنسبة إلى أولئك في المرحلة الثانوية التي تستقبل "السناتر" أعداداً كبيرة منهم في حصص المراجعة النهائية. كما يشير إلى أن الأمر يختلف كثيراً في ما يعرف بشهادة "أي جي" البريطانية البديلة للثانوية العامة والمعترف بها دولياً، حيث يصل سعر الدرس الخصوصي للمادة الواحدة إلى 10 آلاف جنيه (635 دولاراً) على امتداد العام الدراسي، علماً أن المصاريف السنوية لهذه الشهادة في المدارس تتراوح بين 60 و180 ألف جنيه (3810 دولارات و11,431 دولاراً).
ترتيبات مصلحة الضرائب
وكان رئيس مصلحة الضرائب رضا عبد القادر طالب القائمين على نشاط مراكز الدروس الخصوصية بضرورة التوجه إلى مأمورية الضرائب في مناطقهم، وفتح ملف ضريبي جديد لهذا النشاط خلال 30 يوماً، وإبلاغ مأموريات الضرائب بأماكنه سواء في جمعيات أو قاعات أو وحدات سكنية، أو غيرها أكانت مملوكة أو مؤجرة، أو إذا كانت تعطي الدروس عبر وسائل إلكترونية.
وقال في بيان أصدرته المصلحة أن "الإخطارات الذي تقدمها مراكز الدروس الخصوصية إلى المأمورية يجب أن تتضمن البيانات الأساسية للممول أو الشركة أو الجمعية، وعناوينها وفروعها ووثائقها القانونية، وتحدد المساحات التي تشغلها وعدد القاعات وسعة مقاعدها، وكذلك أسماء المدرسين والمتعاقدين وبياناتهم".
لكن البيان استدرك بأن "إخطار المأمورية بنشاط الدروس الخصوصية وفتح ملف ضريبي لا يعد سنداً قانونياً لتشريع أوضاع مراكز الدروس الخصوصية، إذ ستخضع المصلحة هذه المراكز لأحكام قانون الضريبة على الدخل وتعديلاته، وقانون الإجراءات الضريبية الموحد، باعتبارها تمارس نشاطاً تجارياً ومهنياً يجلب أرباحاً، ما يحتم تحصيل خزانة الدولة ضريبة منها".
وسبق أن أعلنت وزارة التربية والتعليم عزمها على تقديم مشروع قانون في شأن "تجريم الدروس الخصوصية" إلى مجلس النواب، يشمل فرض غرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه (317 دولاراً)، ولا تتجاوز 50 ألف جنيه (3175 دولاراً)، لكل من يعطي درساً خصوصياً في مركز تعليمي أو مكان مفتوح للجمهور. وفي حال تكرر الجرم، يعاقب صاحبه بالسجن مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد عن ثلاث سنوات.
وخلال العام الدراسي الماضي، شنت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الشرطة والأجهزة المحلية، حملات لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية في المحافظات المختلفة، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الخاص بمنع التجمعات في الأماكن المغلقة للحد من انتشار فيروس كورونا.
وبحسب نتائج بحث الدخل والإنفاق للعام المالي 2017-2018 الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، تنفق نحو 26 مليون أسرة على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية نحو 47 مليار جنيه (30 مليون دولار) سنوياً، ما يشكل نسبة 37.7 في المائة من إجمالي الإنفاق على قطاع التعليم.