صيادلة الجزائر ضحايا عنف "شبان المهدئات"

01 سبتمبر 2024
طالبت نقابة الصيادلة بخطوات لحماية المهنيين (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تزايد الاعتداءات على الصيدليات**: تتكرر في الجزائر ظاهرة الاعتداء على الصيدليات، خصوصاً من قبل شبان يسعون للحصول على مؤثّرات عقلية وأدوية نفسية دون وصفات طبية، مما يثير قلق الصيادلة ويعرضهم لمخاطر جسدية ونفسية.

- **إجراءات أمنية وتدابير وقائية**: دفعت هذه الاعتداءات الصيادلة إلى اتخاذ تدابير وقائية مثل وضع عوازل حديدية وفتحات صغيرة، والنقابة الوطنية للصيادلة دعت إلى تزويد الصيادلة برقم أخضر وأجهزة إنذار وكاميرات مراقبة.

- **العلاقة بين الإدمان والاعتداءات**: الباحثة كريمة بن سليمان أكدت وجود علاقة بين الاعتداءات وإدمان المهلوسات، حيث يزداد ارتكاب متعاطي المهلوسات جرائم السطو باستخدام أسلحة بيضاء، مما يستدعي فحص الظاهرة بجدية.

تتكرر في الجزائر ظاهرة الاعتداء على الصيدليات، خصوصاً من قبل شبان يعترضون عبر ردود فعل عنيفة على عدم بيعهم مؤثّرات عقلية وأدوية عصبية ونفسية يستعملها بعضهم باعتبارها مخدرات، لكن عمليات بيع هذه الأدوية تخضع لإجراءات خاصة تختلف عن باقي الأدوية، وتلحظ إبراز وصفات طبية، وتدوين هويات المرضى الذين يطلبونها.
وأخيراً أثار اعتداء على صيدلية في منطقة باب الزوار بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية موجة استنكار لدى الرأي العام، وأحدثت قلقاً كبيراً لدى الصيادلة. ففي الأسبوع الأخير من يوليو/ تموز الماضي تعرّض العاملون في هذه الصيدلية لهجوم باستخدام سيوف وعصي نفذه ثلاثة أشقاء ووالدتهم قبل أن يلوذوا بالفرار. 
ولاحقاً قال صاحب الصيدلية الدكتور تابتي: "انتمى منفذو الاعتداء إلى عائلة واحدة، وهم سيدة وثلاثة من أبنائها، دخلوا الصيدلية للحصول على أدوية لم يمكن توفيرها بسبب عدم امتلاكهم الوصفة الطبية المطلوبة لهذه الأدوية. وبعدما ارتفع الصراخ داخل الصيدلية غادروها ثم عادوا بعد ثلاث ساعات في سيارة وفي حوزتهم أسلحة بيضاء هاجموا بها العاملين. وأدت الحادثة إلى جرح 5 أشخاص، أحدهم في حالة سيئة".
وساعدت كاميرات المراقبة أجهزة الأمن في توقيف المتهمين الأربعة بسرعة وإيداعهم السجن في انتظار محاكمتهم بتهم محاولة القتل مع سبق الإصرار والترصد، وإنشاء عصابة أحياء والمشاركة فيها، والضرب والجرح المتعمد باستعمال أسلحة بيضاء، والتخريب المتعمد لأملاك الغير، ومحاولة الحصول على مؤثرات عقلية باستعمال العنف". 
وتقول الصيدلانية كريمة خنوف التي تسكن في منطقة بوفوح بولاية ميلة (شرق) لـ"العربي الجديد": "يطلب بعض الشبان أن يبيعهم الصيادلة أدوية من دون وصفات طبية، وهذا الأمر لا يمكن فعله بالنسبة إلى أدوية تتعلق بالأعصاب والأمراض النفسية، خصوصاً المهدئات التي يتطلب بيعها اتخاذ ترتيبات. وعندما يرفض الصيادلة بيع هذه الأدوية التزاماً بالقانون يجري تهديدهم أو الاعتداء عليهم. وفي بعض الأحيان يتجاوز الأمر الاعتداءات النفسية والجسدية إلى استخدام السلاح الأبيض. وهذه المخاطر تهدد الصيادلة في كل وقت، خصوصاً أولئك الذين يعملون في صيدليات مناوبة خلال فترة الليل".

يلتزم الصيادلة بعدم تسليم أدوية خطيرة (Getty)
يلتزم الصيادلة بعدم تسليم أدوية خطيرة (Getty)

ودفعت هذه المخاوف صيادلة، وخصوصاً الذين يعملون في الدوام الليلي، إلى تجنّب فتح أبواب الصيدليات، ووضع عوازل حديدية تحدّ من التواصل المباشر مع الزبائن، من أجل تفادي المخاطر. وهم استحدثوا فتحات صغيرة تسمح بوضع الزبائن الوصفات التي يوفرونها. 
وعلى خلفية الاعتداء على صيدلية باب الزوار، دعت النقابة الوطنية للصيادلة إلى اتخاذ خطوات لحماية العاملين في قطاع الصيدلة من التهديدات التي تطاولهم والاعتداءات التي تنفذها مجموعات الأشرار ومتعاطي المخدرات، والتي تهدد سلامتهم الجسدية والنفسية. وطالبت النقابة السلطات المختصة بضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة من أجل حماية العاملين في القطاع من المخاطر التي تهدد سلامتهم الجسدية والنفسية. 
وأشارت النقابة الى أنه يجري باستمرار إخطارها بمختلف الاعتداءات التي يتعرض لها المهنيون باستعمال الأسلحة البيضاء. أما الصيادلة، فطالبوا الجهات الوصية بتزويدهم برقم أخضر مرتبط بالأجهزة الأمنية من أجل الإبلاغ مباشرة عن الحوادث، وتسهيل الحصول على التراخيص الخاصة بتركيب أجهزة الإنذار المبكر وكاميرات مراقبة تساعد في كشف المجرمين، وإلقاء القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية.
وسبق أن تعرضت صيدلانية في ولاية تبسة (شرق) لاعتداء بسبب رفضها تسليم شخص دواءً لم يملك وصفة طبية، ثم أحرق الشخص المعني صيدليتها، ما أصابها بحروق بالغة. 

أيضاً وقع اعتداء على صيدلاني باستعمال سلاح ناري في ولاية باتنة (شرق)، وآخر في ولاية أم البواقي (شرق). وسجلت النقابة مجموعة اعتداءات إضافية على صيدليات خاصة باستخدام "العنف والخناجر والعصي"، وارتبطت برفض مخالفة الإجراءات الصارمة التي تمنع تسليم بعض الأدوية الخطيرة على الصحة من دون إبراز وصفات طبية، وهو ما يفرضه القانون إلى جانب تدوين بيانات هوية الشخص الذي اشترى الأدوية ورقم هويته الرسمية في سجل خاص.
وتؤكد الباحثة في علم الاجتماع بجامعة عنابة (شرق) كريمة بن سليمان، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك علاقة قوية بين الاعتداءات على الصيادلة وإدمان المهلوسات التي وقع شبان ضحيتها، إذ يزداد ارتكاب متعاطي المهلوسات جرائم السطو باستخدام أسلحة بيضاء، والاعتداء على أملاك الغير. وفي ظل تكرار الاعتداءات يعتبر الاستهداف الأخير للصيدلية في منطقة باب الزوار بالعاصمة الجزائرية حدثاً غير معزول، وهو أمر يستدعي فحص الظاهرة جدياً". 

المساهمون