ليست شيخة بنت يوسف الجفيري شخصية عادية في قطر. فهي أول امرأة تفوز بمقعد في انتخابات المجلس البلدي المركزي على مستوى قطر والخليج العربي، وذلك في انتخابات عام 2004. وحظيت على ثقة المواطنين وفازت خلال خمس دورات في انتخابات المجلس البلدي المركزي، وكانت تنتخب رئيسة للجنة القانونية بصفتها قانونية.
وكان لدعم أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تأثيراً إيجابياً في مسيرتها العملية. وكان قد قال في إحدى المناسبات أن دولة قطر يحق لها أن تفخر بهذه المرأة التي تعبر عن المكانة اللائقة التي وصلت إليها المرأة القطرية في المسيرة الديموقراطية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قراراً بتعيين 15 عضواً في مجلس الشورى الجديد، بينهم امرأتان، ليكتمل بذلك عدد أعضاء المجلس الـ 45، بعد انتخاب 30 عضواً مطلع الشهر نفسه. وتضمن القرار أسماء 15 شخصاً، بينهم 13 رجلاً وامرأتان هما شيخة بنت يوسف الجفيري وحمدة بنت حسن بن عبدالرحمن السليطي. وجرت أول انتخابات تشريعية في تاريخ قطر يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد نحو 17 عاماً من دخول أول دستور دائم للدولة حيز التنفيذ، وصوت القطريون لاختيار 30 من إجمالي 45 عضواً لمجلس الشورى الجديد. تجربة تتحدث عنها الجفيري لـ "العربي الجديد".
1 - هل فاجأك اختيارك عضوة في مجلس الشورى؟
لم يكن اختياري عضوة في مجلس الشورى مفاجئاً، على اعتبار أن التعيين والاختيار تكليف ومسؤولية وطنية يجب أداؤها بإخلاص. شعرت بالفخر لأنني سأمثل أهل بلدي في المجلس.
2 - كيف تصفين العضوية في مجلس الشورى؟ وكيف تختلف عن العمل في المجلس البلدي؟
العضوية في مجلس الشورى مسؤولية كبيرة. وعادة ما يكون جل اهتمام المجلس البلدي خدمة المواطنين والاهتمام بشؤون الدائرة الانتخابية. أما العضو في مجلس الشورى فيحمل هم الوطن بأسره، وتقع عليه مسؤوليات جسيمة، وخصوصاً مع بدء تفعيل اختصاص المجلس لناحية التشريع والرقابة على الأداء الحكومي، في ظل ارتفاع سقف تطلعات المواطنين وآمالهم بقيام المجلس بتحقيق كل ما يتطلعون إليه، وكل ما ورد في برامج المرشحين الانتخابية.
3 - هل كان سهلاً ترك المجلس البلدي بعد 19 عاماً من العضوية فيه؟
لم يكن من السهل تركه، وخصوصاً بعدما حققت إنجازات عديدة جعلت الناخبين في دائرتي يصوتون لي على مدى خمس دورات انعقاد متتالية. وكنت المرأة الوحيدة في المجلس خلال الدورات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة، وشاركتني فاطمة الكواري في الدورة السادسة.
4 - ما أهمية ممارسة القطريين الانتخاب المباشر للمرة الأولى في البلاد؟
لأول مرة في التاريخ السياسي لمسيرة الشورى في بلادنا، يحتفل المواطنون والمواطنات بممارسة حق الانتخاب والترشح في انتخابات حرة ومباشرة لاختيار ثلثي أعضاء مجلس الشورى. وفتحت المشاركة الشعبية نوافذ الحوار المجتمعي. وتابع الجميع هذه الحوارات واستمعوا إلى برامج المرشحين، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار الانتخابات، الأمر الذي أثرى النقاش ورفع سقف الوعي السياسي، وجذب اهتمام الشباب لقضايا الوطن بوجه عام. وستظل هذه التجربة، التي شهد على نزاهتها وشفافيتها جميع المهتمين المحليين والاقليميين والدوليين، قاعدة صلبة ترسخ تجربتنا مستقبلاً.
5- ما هي أولوياتك أو برنامجك الذي تسعين إلى تحقيقه خلال وجودك في مجلس الشورى؟
أولوياتي تحقيق الثقة التي وضعها فينا أمير البلاد، وتلبية أقصى ما نستطيع من طلبات المواطن القطري لناحية انتخاب مجلس الشورى. برنامجي هو كل ما يخدم الوطن والمواطن، وقضايا المواطنين ومطالبهم، كونها موضع اهتمام ومتابعة من رئيس مجلس الشورى حسن عبد الله الغانم ونائبة رئيس مجلس الشورى حمدة بنت حسن السليطي.
6- لا شك أنك تابعت الحملات الانتخابية للمرشحين لعضوية مجلس الشورى والقضايا التي طرحوها. ما هي القضية الأبرز التي ترين أن على مجلس الشورى إيلاءها كل الاهتمام؟
أبرز القضايا هي رعاية الشباب وكبار السن وتحسين الأوضاع المعيشية، من خلال تعديل قوانين التقاعد والرواتب وتوطين الوظائف وتوفيرها لجميع الشباب من الجنسين. ومن مقومات نجاح المجلس، التقيد بالقوانين والتعاون والتكاتف بين أعضائه، وإعلاء المصلحة العليا للوطن، ورعاية مصالح المواطنين. كما يعد التواصل مع الناخبين من أهم أسس المشاركة الشعبية ومد جسور التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة. ويأتي على رأس مقومات النجاح الدعم غير المحدود من أمير البلاد.
7- هل تعتقدون أن مجلس الشورى نجح حتى الآن في كسب ثقة الناس وتلبية مطالبهم؟
لا شك أن الغالبية العظمى يضعون ثقة كبيرة في أعضاء المجلس، الذين يسعون بكل همة لتلبية مطالبهم، ولا بد أن تكون هناك فئة لديها شكوك، وهذه سنة الله في الخلق، ولكن دون شك، كسب المجلس ثقة غالبية الناس، اللذين يهتمون ويدركون اختصاصات المجلس وحدوده ومهامه ، ويميزون بين مجلس الشورى والمجلس البلدي، فمجلس الشورى ليس لتوفير الخدمات البلدية وخدمات المناطق، فهو يهتم بنهضة البلاد والتشريع والرقابة وتحقيق العدالة والأمن والاستقرار.
8 - كيف تفسرين عدم نجاح أية مرشحة في انتخابات مجلس الشورى في السابق، علماً أنك فزت بغالبية كبيرة في جميع دورات المجلس البلدي المركزي؟
نعم. باستثناء الدورة الأولى، نجحت وحصلت على ثقة الناخبين في خمس دورات في المجلس البلدي المركزي. أما أسباب عدم فوز المرأة في الانتخابات الأولى الحرة المباشرة لمجلس الشورى فهي عديدة، وأهمها الصورة النمطية السلبية لدى البعض عن المرأة، وعدم قدرتها على التوفيق بين مهامها الأسرية والوظيفية، واعتقاد البعض أن التواصل مع نائب الدائرة من الرجال أسهل، في مقابل الشعور بالحرج من التواصل مع امرأة، وإحجام النساء عن مناصرة المرشحات لأسباب مختلفة، إلى جانب بعض العادات التي لا تحبذ ظهور النساء في وسائل الإعلام.
9 - هل ترين ضرورة تعديل قانون انتخابات مجلس الشورى بما يسمح للمرأة بالفوز بالانتخابات؟
المشكلة ليست في قانون الانتخاب، إذ إن القانون يتيح للجنسين فرصاً متساوية. ولا أعتقد أن تخصيص مقاعد للمرأة بنظام الحصص "الكوتا" يحقق لها فرصاً أكبر. فالناس يختلفون حول مدى ديمقراطية وعدالة نظام الكوتا. ولما كان المجلس يضم ثلثاً معيناً، كما هو الحال اليوم، فقد يتم تعيين عضوات، وسبق أن عينت أربع عضوات في مجلس الشورى المعين الأخير. كما تم تعييني وتعيين زميلتي حمدة بنت حسن السليطي في عضوية مجلس الشورى المنتخب، والتي حظيت بثقة زملائها أعضاء المجلس، فاختاروها نائبةً للرئيس.
10 - كيف ترين أداء مجلس الشورى بعد أكثر من 3 أشهر على انتخابه؟ وهل اقترب من نبض الشارع؟
ثلاثة أشهر من عمر المجلس في فصل تشريعي ليست معياراً للحكم. المجلس ما زال يبذل قصارى جهده لوضع لائحته الداخلية وإجازتها، ووضع الهيكل التنظيمي والوظيفي لمأسسة العمل والأداء الشوري، ويظل نبض الشارع هو أحد هموم المجلس وأحد مصادر عزمه على تحسين الأداء. ولن ينجح المجلس في مهامه إذا عزل نفسه عن الشارع. فالشورى ممارسة تشاركية بين المجلس والشعب. ولأول مرة يكون للمجلس أمانة عامة برئاسة الأمين العام أحمد بن ناصر الفضالة، لتحل محل السكرتارية العامة السابقة. والأمانه العامة تعمل بكل جهد لتوائم نفسها مع متطالبات المجلس المنتخب الذي اتسعت مهامه التشريعية والرقابية. يشهد المجلس في الوقت الحالي عملاً دؤوباً لاستكمال توسعة مبانيه وقاعاته ومنشآته الأخرى واستكمال هيكله التنظيمي وكوادره الوظيفية.
11 - تتابعين بلا شك مواقع التواصل الاجتماعي، وما يثار حول أداء المجلس والقضايا التي يطرحها والمطالبة بإيلاء قضايا أكثر أهمية وتمس المواطنين. ما رأيك بما يطرح في الشارع القطري؟
سبق أن أشرت إلى أن القضايا التي تعد من أولويات المواطنين هي ضمن برامج المرشحين، وتجد الرعاية والاهتمام من قبل رئيس مجلس الشورى ومكتب المجلس الدائم وأعضاء مجلس الشورى. وما يغيب عن المواطنين هو آلية عمل المجلس والخطوات التي يتخذها لمناقشة هذه القضايا، واتخاذ القرارات بشأنها وفق صلاحياته الدستورية. فالمجلس له آليات للدراسة والبحث، ومنها اللجان الخمس الدائمة التي تتولى دراسة جميع مشاريع القوانين والمراسيم والرغبات والمناقشات العامة، وترفع تقاريرها للمناقشة في جلسات المجلس العامة. وتحتاج اللجان إلى معلومات وبيانات من الجهات الحكومية، وقد تدعو اللجان الوزراء والمسؤولين لحضور اجتماعاتها، الأمر الذي يتطلب بعض الوقت، وسن التشريع ليس بالأمر السهل، بل يحتاج لوقت لمراجعة جميع التشريعات في المجال نفسه ومواءمة ذلك مع التشريعات السابقة.
سيرة ذاتية
ولدت شيخة بنت يوسف الجفيري، في براحة الجفيري قرب سوق واقف في الدوحة، وترعرعت فيها. وعملت أمينة مكتبة بعد تخرجها من الثانوية العامة كما حصلت على شهادة في الحقوق. وعينت مفتشة إدارية ومالية وتدرجت في الوظائف في وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي. ونالت العديد من الجوائز وكُرّمت من قبل مؤسسات وشخصيات محلية وإقليمية ودولية، من بينها منظمو اليوم البلدي الخليجي في البحرين عام 2005. كما حصلت على تكريم من المجلس البلدي المركزي في الكويت في العام نفسه.