يخرج صاحب مطبعة بمحافظة الإسكندرية شمالي مصر، ويدعى عبد الله موسى (44 عاماً)، من منزله في إحدى مناطق شرق المدينة في الصباح الباكر، قاصداً عمله، ويُفكر في الأعمال التي تنتظره. يمشي خطوات قليلة حتى يصل إلى طريق الكورنيش الرئيسي حيث عدد كبير من الناس. مشهدٌ بدا مفاجئاً بعض الشيء بالنسبة إليه، هو الذي قضى إجازة عيد الأضحى كاملة في منزله، ولم يرَ إقبال المصطافين الكبير من كل محافظات مصر إلا حين قرر النزول من بيته والتوجه إلى العمل.
يقول: "عاد الكابوس" وسط تجاهل حكومي لأزمة تتكرر كل عام. بدا أنه يفكر في العودة إلى البيت، قبل أن يعدل عن قراره بسبب ضغط مواعيد تسليم الطلبات. وخلال فصل الصيف، تكثر أعداد المصطافين على طريق الكورنيش، الأمر الذي يزعج الأهالي. وتقول آسيا عبد الرحيم، وهي ربة منزل في منطقة ميامي الشاطئية، لـ "العربي الجديد"، إن "أشهر الصيف تكون صعبة بالنسبة لأهالي المنطقة في ظل تجاهل المسؤولين للمشاكل التي يتعرضون لها بسبب الضغط الكبير على المرافق والخدمات وغيرها. ويؤدّي توافد عشرات آلاف المصطافين إلى ازدحام شديد في المواصلات وضوضاء لا تُحتمَل طوال الوقت".
وتوضح آسيا: "إقبال المصطافين متوقع كل عام في ظل موجات الحر. إلا أن المشاكل تتكرّر بسبب تزايد الأعداد، منها الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وتراجع ضغط المياه".
أما أحد سكان منطقة سيدي بشر ويدعى فيصل السيد، وهو تاجر أدوات كهربائية، فيقول إن "أسعار جميع السلع والخدمات في المناطق القريبة من البحر ارتفعت بشكل كبير منذ بدء موسم الصيف، ويستمر هذا الحال حتى آخر يوم في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل"، مناشداً المسؤولين بمحافظة الإسكندرية إيجاد حلول للمشاكل المتكررة بسرعة. يضيف: "تضاعفت أسعار الخضار بحوالي الضعف أو أكثر في أسواق المناطق البعيدة عن البحر بحجة ارتفاع بدلات الإيجار". ويوضح: "أسعار الخدمات خيالية أيضاً. فإذا قصدت عاملاً لصيانة الكهرباء أو شبكة المياه أو الصرف الصحي داخل وحدتك السكنية، فعليك توقع دفع أموال أكبر بكثير من المعتاد، والحجة معروفة مسبقاً وهي أن المنطقة سياحية والموسم للمصطافين".
وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وصول تعداد سكان محافظة الإسكندرية إلى 5 ملايين و554 ألف مواطن، في وقت يقول محافظ الإسكندرية اللواء محمد الشريف إن عدد سكان المدينة الساحلية يرتفع خلال موسم الصيف إلى نحو 9 ملايين مواطن.
وكانت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية قد أعلنت في بيان أن نسبة إشغال الشواطئ وصلت إلى 100 في المائة خلال عطلة عيد الأضحى في ظل إقبال المصطافين الكبير، وخصوصاً من المحافظات المجاورة، الذين يلجأون إلى سياحة اليوم الواحد. واصطفت الحافلات أمام مختلف شواطئ المدينة الساحلية البالغ عددها 65 شاطئاً، والممتدة من أبوقير شرقاً حتى أبوتلات غرباً منذ ساعات الفجر في انتظار فتح الأبواب والسماح لهم بالدخول.
من جهته، يقول صاحب إحدى شركات السياحة الداخلية بالإسكندرية زكريا فهمي، لـ "العربي الجديد"، إن "رحلات اليوم الواحد هي من العلامات المميزة للإسكندرية على مدار السنوات، إذ توفر تلك الرحلات للناس فرصة للاستمتاع بالشواطئ وزيارة المدينة الساحلية الأشهر سياحياً في مصر بأقل سعر ممكن". يضيف أن "رحلات اليوم الواحد لا تحتاج إلى مبيت وحجز فنادق أو شقق، ما يجعلها في متناول الجميع من أهالي المحافظات المجاورة، كما أنها أحد أسباب زيادة الضغط على الإسكندرية خلال أشهر الصيف".
ويرفض فهمي ما يصفه بالحملات الممنهجة ضد استقبال الإسكندرية للمصطافين صيف كل عام، قائلاً إن هذه السياحة تُنعش اقتصاد المدينة وتؤمن دخلاً لفئة واسعة من أبنائها تُنفق منه طوال العام. كما أن موسم الصيف يساهم في استقرار أوضاع المدينة الاقتصادية، مطالباً الجميع بدعمه واحترامه.
إلى ذلك، تقدم عضو مجلس النواب النائب محمود عصام، بطلب إحاطة بشأن استعدادات محافظة الإسكندرية لموسم الصيف في استقبال المصطافين، وقال إن المحافظة تشهد خلال فترة الصيف إقبالاً كبيراً من المواطنين لقضاء عطلاتهم، فضلاً عن سياحة اليوم الواحد من المحافظات القريبة من عروس البحر المتوسط. يضيف أنه أمام هذا الإقبال الكبير، تشهد الإسكندرية رواجاً كبيراً على الشواطئ، عدا عن تأجير الشقق السكنية وغيرها من الأنشطة التي تنعش الاقتصاد، منها الإقبال على المقاهي وهو ما يتطلب استعدادات خاصة وتجهيز الشواطئ وضبط الأمن. يُتابع: "تجب مراعاة القانون في تأجير الشقق السكنية لمنع استغلالها بصورة تؤثر على الأمن العام".
بدوره، يؤكد محافظ الإسكندرية اللواء محمد شريف انتهاء أجهزة المحافظة المعنية من تجهيز شواطئ الإسكندرية على أكمل وجه لاستقبال المصطافين خلال فصل الصيف، والعمل على توفير وسائل الأمان، والحرص على تواجد رجال الإنقاذ ونقط الإسعاف الثابتة. ويشير إلى انعقاد غرفة العمليات الرئيسية بالمحافظة وغرف العمليات في جميع المديريات والجهات الخدماتية بشكل دائم ومستمر على مدار الـ 24 ساعة، لاستقبال وحلّ كافة الشكاوى والبلاغات، ورصد أي حالات طارئة للتعامل الفوري معها.
ويتحدث عن حملات متابعة على مدار الساعة طوال أيام أشهر الصيف لإحكام الرقابة وفرض الانضباط على طول الكورنيش، وضبط الأسعار، ومنع أي تجاوزات أو مخالفات لضمان موسم صيف بلا مشاكل. ويشدّد على ضرورة التزام المصطافين بالقانون والقواعد المنظمة للشواطئ والمتنزّهات والطرقات العامة، مشيراً إلى أن الإسكندرية قادرة على استيعاب المصطافين من جميع المحافظات، كما أن المحاور والطرقات الجديدة التي تشهدها المدينة هي جزء من حل أزمة الازدحام، وخصوصاً خلال الصيف.