شهادات لاجئين سودانيين توثق ارتكاب الدعم السريع جرائم تطهير عرقي

شهادات لاجئين سودانيين في تشاد توثق ارتكاب قوات الدعم السريع جرائم تطهير عرقي واغتصاب

23 ديسمبر 2023
معاناة اللاجئين السودانيين في تشاد مستمرة (فرانس برس)
+ الخط -

أدت الاشتباكات المستعرة في السودان إلى فرار آلاف الأشخاص من العنف في دارفور، حيث يخشى المجتمع الدولي من حدوث تطهير عرقي يتعرّض له اللاجئون في المخيمات المكتظة في صحراء بشرق تشاد.

تحاول مريم آدم يايا (34 عاما) جالسة على الأرض أمام مسكنها في مخيم أدري، إسكات جوعها باحتساء شاي غلته على الحطب.

وعبرت مريم، وهي من قبيلة المساليت، الحدود سيرا بعد رحلة استغرقت أربعة أيام، من دون طعام، فيما كانت تحمل ابنها البالغ ثماني سنوات على ظهرها. وتقول إنها اضطرت لترك سبعة من أطفالها الآخرين بعد هجوم شنّه رجال "مدججون بالسلاح" على قريتها، موضحة "ما شهدناه في أردماتا كان مروّعا. قوات الدعم السريع قتلت مسنين وأطفالا بشكل عشوائي".

حكاية مريم وغيرها من آلاف الحكايات التي يحملها اللاجئون خلال رحلتهم المثقلة بآلام الفقد وتعب المسير وفقدان القدرة على تخيل ما قد تحمله لهم الأيام المقبلة من مصاعب.

اللاجئون يفرون من التطهير العرقي

وفي مدينة أردماتا وحدها، في غرب دارفور، قتل أكثر من ألف شخص مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني على أيدي جماعات مسلحة وفقا للاتحاد الأوروبي. وأجبرت أعمال العنف هذه أكثر من ثمانية آلاف شخص على الفرار إلى تشاد المجاورة خلال أسبوع، بحسب الأمم المتحدة.

واتّهمت عواصم غربية من بينها واشنطن "عناصر من قوات الدعم السريع ومليشيات متحالفة معها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأعمال تطهير عرقي". ويشتبه الاتحاد الأوروبي أيضا في حدوث "تطهير إثني" في دارفور.

ويتكدس اللاجئون بمجرد وصولهم إلى منطقة وداي الحدودية، في المخيمات التي تديرها منظمات غير حكومية، وفي مخيمات أخرى غير رسمية، حيث يقيمون ملاجئ بما توافر من مواد.

قرابة 500 ألف لاجئ سوداني في تشاد

تضم تشاد، الدولة الواقعة في وسط أفريقيا والتي تعد ثاني أقل البلدان نموا في العالم، وفق الأمم المتحدة، أكبر عدد من اللاجئين السودانيين، ووصل عددهم الى 484626 شخصا منذ بداية الحرب، بحسب آخر حصيلة صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويضاف الجوع إلى معاناة النزوح والفظائع التي شهدها السودانيون.

وتقول مريم إنه منذ وصولها إلى تشاد مع طفلها "بالكاد نجد ما نأكله". كذلك، يشكّل نقص المياه مصدرا للتوتر في المخيمات، تسعى المنظمات الإنسانية الموجودة فيها لتخفيفه.

قتل واغتصاب وانتهاكات مستمرة

جالسة على سرير في منشأة طبية تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية على مشارف مخيم أدري، تقول أميرة خميس (46 عاما)، وهي لاجئة من المساليت في دارفور، فقدت خمسة من أطفالها، إن عناصر الدعم السريع "قتلوا العديد من الرجال واغتصبوا البنات"، مضيفة" يقتلون (أصحاب البشرة) السوداء الحادقة. كانوا يقولون إن التاما والبرقو (قبيلتان) معهم، لكن الذي رأيناه هو أن الدعم هو من قتل أكثر".

وتتابع "حدثت مشاكل (في الجنينة). بعد المشاكل انتقلنا إلى أردماتا، وبعد انتقالنا إلى أردماتا نهبوا كل شيء... وقعت مشاكل في أردماتا وتعرضت للإصابة بقذيفة".

بدوره، يؤكد محمد نور الدين (19 عاما) وذراعه اليمنى مكسورة ومثبتة بضمادة حول رقبته، الاضطهاد المستمر الذي تمارسه قوات الدعم بحق المساليت، قائلا: "يبيدون الناس كلهم. إن كنت ولدا (صبيا) سيقتلونك مباشرة. جيراننا وهم عرب حاولوا إخراجي، أمضيت معهم بضعة أيام. جاؤوا ونهبوا المنزل ولم يتركوا فيه شيئا، جئنا إلى هنا بالملابس التي نرتديها، لم يتركوا لنا شيئا، ثم نزحنا وجئنا إلى تشاد".

ويضيف "حاولنا الخروج من المنزل مع الأسرة، لكن لم نجد طريقا، بعدها نزحنا إلى مدرسة وأمضينا ثلاثة أيام هناك. قام الدعم السريع أو قوات أخرى بإطلاق النار علينا، توفي أربعة من أفراد الأسرة، بينهم والدتي واثنتان من خالاتي وجدي، وأصبت أنا مع اثنين من أشقائي".

ويتابع "دخلنا المستشفى، فدخلوا المستشفى أيضا وحاولوا قتل كل الناس. حاولنا الخروج، خرجت أنا ووالدتي وخالتي وجدتي إلى منطقة (أخرى) دخلوها وارتكبوا إبادة جماعية. يجعلون الناس يصطفون في مجموعات من عشرين شخصا ويطلقون عليهم النار".

من جهته، يعتبر منسّق برنامج منظمة أطباء بلا حدود في أدري، غيرار أوباربيو، أن "الوضع يصبح مقلقا مع تدفق لاجئين سودانيين إضافيين"، مضيفا "نستقبل هؤلاء الأشخاص (...) وهم يعانون اضطرابا جسديا ونفسيا"، خصوصا أن الرحلة إلى تشاد محفوفة بالأخطار.

ويقول أمير آدم هارون، وهو لاجئ من المساليت أصيب بكسر في الساق بشظية متفجرة: "هاجمونا أيضا عندما نقلت إلى تشاد لتلقي العلاج".

ويشهد السودان منذ 15 إبريل/ نيسان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

في دارفور، يتعرّض المدنيون لأعمال عنف على نطاق واسع، ما أثار مخاوف الأمم المتحدة من حدوث إبادة جماعية جديدة في الإقليم. وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل 12 ألف شخص، وفقا لحصيلة منظمة أكليد المتخصصة في إحصاء ضحايا النزاعات. لكن يرجّح أن يكون هذا العدد أقلّ بكثير من العدد الفعلي للضحايا.

ووفق أرقام الأمم المتحدة، أجبر أكثر من سبعة ملايين شخص على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة.

(فرانس برس، العربي الجديد)