شركة نفط تتسبب بكارثة بيئية في القيارة العراقية واختناقات بين السكان

30 يناير 2022
أكثر من 80 حالة اختناق بغازات ثاني أوكسيد الكربون في القيارة (علي السعدي/ فرانس برس)
+ الخط -

يشكو أهالي مدينة القيارة الواقعة في محافظة نينوى شمالي العراق من ارتفاع نسبة التلوث في الهواء، والذي أدّى أخيراً إلى حالات اختناق واسعة بين السكّان بفعل الغازات المنبعثة من حقل للنفط ومصفاة على أطراف المدينة، تعمل على تشغيلها شركة نفط أجنبية وفقاً لعقد مع وزارة النفط العراقية في بغداد.

وسجّلت المدينة خلال الأيام الأخيرة الماضية أكثر من 80 حالة اختناق بغازات ثاني أوكسيد الكربون، وغازات أخرى منبعثة من آبار النفط التي تمّ استصلاحها أخيراً من قبل الشركة النفطية العاملة في الحقل.

ووفقاً لمصادر طبية في مدينة القيّارة 60 كم جنوبي الموصل، فإنّه في يومي الجمعة والسبت سُجّل أكبر عدد في الواصلين إلى المستشفيات نتيجة الاختناق، غالبيتهم نساء وأطفال.

وقال الطبيب في المدينة، كمال الحديدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ غالبية الواصلين إلى المستشفى كانوا بحاجة إلى أوكسجين وأثبتت الفحوص وجود تسمّم بالدم لدى عدد منهم نتيجة تعرّضهم بشكل مباشر لهذه الغازات، خاصة سكّان الأحياء القريبة من الحقل النفطي ومصفاة النفط.

ولفت إلى أنّ "الخلل هو في آلية عمل الشركة الأجنبية العاملة في الحقل، وانعدام وسائل الأمان وحماية البيئة واتباعها أسلوب الحرق والتنفيس للغازات المصاحبة لاستخراج النفط، رغم علمهم أنّ اتجاه الريح ينقل تلك الغازات إلى الأحياء السكنية".

وأضاف أنّ التلوث الحاصل يعود بين الفينة والأخرى، لكن استمرار هبوب الرياح الموسمية عكس انبعاثات الغاز جعلها ترتد إلى الأحياء السكنية وتشكّل تلوثاً كبيراً لا يهدد البشر فقط، بل حتى الحيوانات وينذر بتكرار سيناريو البصرة في ارتفاع معدلات السرطان بعد فترة.

إلى ذلك، قال النائب في البرلمان العراقي، أحمد الجبوري، في تغريدة له على موقع "تويتر"، إنّ "وزارة النفط تتحمّل المسؤولية الكاملة عن التلوث البيئي في مدينة القيارة". واتهم الشركة النفطية بالتورّط في المشكلة قائلاً إنها "بسبب عدم استخدام عازلات الغاز من قبل شركة سونغول الأنغولية، المستخرجة للنفط".

وطالب الجبوري الوزارة بإيقاف الإنتاج وفتح تحقيق عاجل وإعادة تقييم أداء الشركة لعدم التزامها بالشروط الفنية والبيئية والمجتمعية.

ونشر ناشطون ومدوّنون صوراً لمواطنين داخل المستشفى لدى وصولهم وهم بحالات اختناق نتيجة الغازات المنبعثة. وقال الصحافي عبد الله النجار إنّ هناك "حالات اختناق لأطفال في مدينة القيارة بسبب انبعاثات مصفى النفط هناك"، متهماً جهات مسلّحة بأنها تسيطر على إنتاج المصفى النفطي وتتحكم بوارداته.

ونقلت صحيفة الصباح الرسمية العراقية، اليوم الأحد، عن مدير مستشفى المدينة محمد السبعاوي، قوله إنّ "ردهات الطوارئ تسجّل يومياً عدداً كبيراً من إصابات الأطفال والمسنين بحالات الاختناق بسبب انبعاث الغازات السامة، لا سيما لسكان مدينة القيارة والقرى القريبة منها الواقعة جنوب مدينة الموصل".

بدوره، صرّح المهندس سمير عبد الله، للصحيفة ذاتها أنّ "المصفى الذي بُني خلال أربعينيات القرن الماضي، لم يشهد أي إضافة لفلاتر التنقية خلال استخراج النفط أو استحداث مصاف جديدة تراعي عدم حصول تلوث في الهواء". وأشار إلى أنّ "النفط في القيارة بات نقمة بعد تسجيل الكثير من حالات الاختناق والإصابات أسبوعياً في ظل وجود مصفى متهالك".

المساهمون