استمع إلى الملخص
- الحاجة زينب السودة وأسرتها المكونة من 16 فردًا تعاني من صعوبات في توفير الغذاء، في ظل ارتفاع أسعار المعلبات وندرة اللحوم والدواجن.
- تضاعفت معاناة السكان بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح، مما أوقف تدفق المساعدات وتعطل سفر الجرحى لتلقي العلاج، مجددًا المخاوف من عودة شبح الجوع في ظل ظروف معيشية قاسية.
يطل شبح الجوع في غزة من جديد على سكان شمال القطاع، مزاحما قذائف العدوان الإسرائيلي منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، والتي يعانى من ويلاتها سكان القطاع، إذ تختلط آلام الحرب والجوع في غزة، وهو ما يعبر عنه الشاب الفلسطيني أشرف مهنا (47 عامًا)، بالحيرة خلال تجوله في أحد أسواق مدينة غزة، حيث نفدت الخضروات والفواكه والمواد الغذائية تماما من البسطات والمحال التجارية.
الجوع في غزة... ندرة وغلاء المنتجات
أصوات القذائف لم تمنع الأهالي من الخروج إلى "سوق الصحابة" بحي الدرج بالمدينة، حيث يتجاوز صوت أحد البائعين ضجيج الأزقة مروجا لبضاعته، في ظل دهشة الأهالي من ارتفاع أسعارها وندرة المتوافر منها، فسعر كيلوغرام البصل المستورد ذي الجودة المتوسطة ارتفع إلى 80 شيكلا إسرائيليا (نحو 22 دولارًا أميركيًا)، في حين تجاوز سعر كيلوغرام البندورة 60 شيكلا إسرائيليا، وهو ما ينذر باقتراب شبح الجوع في غزة من محاصرة الجميع.
ويتعجب مهنا، وهو أب لـ6 أطفال، من ارتفاع أسعار الخضروات الشحيحة المتوفرة، قائلا بنبرة غاضبة: "حالنا لا يسر صديقًا ولا عدوًا، السوق شبه فارغ، ويبدو أننا على مشارف المجاعة مجددًا"، مضيفا أن أسواق غزة والشمال انتعشت لأيام محدودة بعد فتح المعابر وإدخال البضائع والمنتجات المختلفة، قبل عودة الأزمة مجددًا بسبب إغلاق إسرائيل المعابر.
وفي الجهة المقابلة، تحاول الحاجة زينب السودة (71 عاما)، مع بائع المعلبات لإنقاص أسعارها بعدما شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأيام القليلة الماضية نتيجة نفاد البضائع والخضروات من الأسواق، قائلة: "أسعار اللحوم المعلبة ذات الحجم الصغير، سواء البقرية أو الدجاج منها، ارتفعت إلى ثمانية شواكل بعدما وصل سعرها إلى شيكلين فقط، فيما وصل سعر علبة الفول الواحدة إلى 14 شيكلا بعدما كانت بأربع شواكل (الدولار الواحد يساوي 3.66 شيكلات)"، وتبدي السودة ذات البشرة القمحية والعيون المتعبة غضبها الشديد من عودة أزمة الغذاء مجددًا إلى شمال قطاع غزة.
الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح بدخول أي بضائع أو شاحنات لمحافظتي غزة والشمال منذ نحو شهر
وتشير السيدة المسنة إلى أن عائلتها المكونة من 16 فردًا تحتاج إلى توفير كمية مناسبة من المعلبات لسد جوع الأطفال وأفراد العائلة، "وهذا مكلف جدًا في هذا الوضع الصعب الذي نعيشه"، موضحة أن أسواق قطاع غزة تخلو في الوقت الحالي من الدواجن واللحوم، وفي حال توفرت تكون أسعارها جنونية، وتأمل بأن تنتهي الحرب الإسرائيلية التي سببت أوضاعًا مأساوية لم تحصل قبل ذلك في قطاع غزة، وأن تُفتح المعابر أمام البضائع والاحتياجات الأساسية والمساعدات الإغاثية.
ويصف الصحافي أدهم الشريف، من سكان مدينة غزة، الأوضاع بأنها صعبة داخل أسواق المدينة نتيجة لإغلاق المعابر وعدم دخول البضائع والخضروات منذ عدة أيام، قائلا :"لا يوجد أي نوع من أنواع الخضروات والفواكه أو اللحوم والدواجن، وفي حال توفرت فإن أسعارها جنونية جدًا، كما أنه لا توجد في الأسواق سوى كميات بسيطة من المعلبات وأصناف محدودة، وارتفعت أسعارها"، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح بدخول أي بضائع أو شاحنات لمحافظتي غزة والشمال منذ نحو شهر، وأصبح شبح المجاعة يلوح في الأفق مجددًا، مشيرًا إلى ضعف الحركة الشرائية في ظل عدم توفر البضائع والأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطنين الفلسطينيين، مضيفا أن "الأزمات الإنسانية في غزة لا تزال قائمة مع استمرار الحرب الإسرائيلية وإغلاق المعابر ومنع دخول البضائع إلا بشكل محدود جدًا، وفي ظل النقص الشديد في مقومات الحياة الأساسية، وعدم توفر السيولة النقدية وانهيار المنظومة البنكية".
ومنذ السابع من مايو/ أيار الجاري، سيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، ما أدى إلى توقف تدفق المساعدات إلى القطاع وسفر الجرحى والمرضى إلى الخارج لتلقي العلاج، ما ضاعف معاناة سكان شمال قطاع غزة، البالغ عددهم نحو 700 ألف نسمة، في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية والخضروات، وهو ما يجدد المخاوف بعودة شبح الجوع في غزة إلى الواجهة من جديد، وفقًا لمسؤولين محليين ومنظمات دولية.
وفي ظل عدم وجود فرص عمل وانعدام مصادر الدخل، يجد السكان في قطاع غزة أنفسهم عالقين في ظروف معيشية قاسية، حيث تشكل الحياة تحديًا يوميًا. يتطلع السكان إلى انتهاء الحروب الإسرائيلية كمخرج لهذه الأوضاع المأساوية.
(الأناضول، العربي الجديد)