قرر شباب يمنيون، بينهم إعلاميون وناشطون ومحامون، تنفيذ اعتصام مفتوح بالقرب من منفذ جولة القصر في شرقي تعز المحاصرة، كما دعوا مواطنين لمشاركتهم هذا الشكل الاحتجاجي قرب المنفذ الحدودي الذي يربط مركز المدينة بمنطقة الحوبان والمحافظات الأخرى.
وتأتي خطوة الشباب في مسعى للتنديد بإغلاق هذا المنفذ منذ عام 2015، والمطالبة بفتحه وإيصال صوت السكان المحاصرين ونقل معاناتهم ومأساتهم الإنسانية للأمم المتحدة ورعاة الهدنة الإقليميين والدوليين، ودعوتهم للتحرك الجاد، وإلزام جماعة أنصار الله الحوثيين برفع الحصار الذي تفرضه على تعز للعام الثامن على التوالي.
وأجمع هؤلاء النشطاء على التحرك بشكل مغاير ونشروا فكرة المبادرة بعد مناقشتها على حساباتهم الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والتي خاطبوا فيها الآخرين بالقول: "خذ فراشك أو خيمتك أو كرتونك وتوجه نحو منفذ جولة القصر المغلق ومنه وصّل رسالتك الإنسانية وصوتك للعالم، وطالب بفتح الطرق الرئيسية وحقك الإنساني الذي حرمت منه منذ ثماني سنوات".
ويقول الإعلامي نائف الوافي، وهو أحد المشاركين الذين قرروا الخروج بفرشهم وخيمهم إلى جوار منفذ جولة القصر في شرق المدينة، لـ"العربي الجديد": "تكتوي تعز بنيران الحصار منذ 8 سنوات، ولذلك خرجنا إلى هذا المكان، لنطالب بفتح الطرقات كونها حقاً إنسانياً مكفولاً في كل القوانين والأعراف، فالطرق لا تغلق".
ويضيف: "ربما تكون أفكارنا مجنونة، وهذا لأننا نعاني من ضغط نفسي كبير ونعيش في مدينة تبدو أشبه بسجن كبير، وتحيط بها قوات الحوثيين، وتغلق معظم منافذها وتمنع دخول الغذاء والدواء والمياه والوقود والمساعدات الإغاثية وطواقم العمل الإنساني".
ويأمل الوافي وغيره من المحتجين بأن تقوم الأمم المتحدة والمجتمع الإقليمي والدولي برفع الحصار عن تعز، وذلك في الوقت الذي يولون اهتماماً ملحوظاً بالملف الإنساني في اليمن، وما رافقه من فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، ما أفرح اليمنيين فرحة لن تكتمل إلا بفتح الطرقات المغلقة في تعز وغيرها .
وقوبلت مبادرتهم بتجاوب شعبي كبير، في حين اتخذ منها المسؤولون موقفاً سلبياً للغاية، كما يقول أحد المبادرين لـ "العربي الجديد".
وشهدت منصات التواصل الاجتماعية تفاعلاً كبيراً مع المبادرة والملف الإنساني لتعز، وتداعيات الحصار الكارثية، كما تداولت دعوات للخروج والتظاهر ضد استمرار حصار تعز والموقف الأممي والدولي المتخاذل من تعنت جماعة الحوثيين وإصرارها على الاستمرار في إغلاق الطرق وتقييد حريات المدنيين ومنع تنقلاتهم وإجبارهم على السفر عبر طرق بديلة طويلة وخطرة ووعرة وكبيرة الجهد والتكلفة.
ويعاني قرابة 4 ملايين مواطن من إجمالي سكان مدينة تعز من حصار يعدّ الأطول على مر التاريخ، ما تسبب في تدهور مادي ومعيشي وإنساني وصحي وخدمي.
وشنّ اليمنيون من مختلف الأطياف والشرائح في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حملة واسعة للضغط على جماعة "الحوثيين"، وإرغامها على إعادة فتح معابر مدينة تعز بالمديريات التي تقع خارجها والمحافظات المجاورة لها.
يتزامن ذلك مع حراك شعبي ملحوظ، إذ نظم عشرات المواطنين، مؤخراً، وقفات احتجاجية يومية، وذلك بالقرب من منفذ جولة القصر شرقي مدينة تعز، رفعوا فيها لافتات وشعارات طالبوا فيها المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالإيفاء بالتزاماتها وتنفيذ كامل بنود الهدنة المتفق عليها بين الحكومة الشرعية وجماعة "أنصار الله" وفتح المعابر، أسوة بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة من قبل الحكومة المعترف بها دولياً ودول التحالف.
ويحتشد المحتجون لأول مرة منذ ثماني سنوات في تلك المنطقة الخطرة، والتي سقط فيها عشرات المدنيين بين قتلى وجرحى بنيران أسلحة الحوثيين ورصاص قناصتهم.
وأكدوا الاستمرار في الخروج والتظاهر حتى ينتهي الحصار وتفتح جميع الطرق الرئيسية المغلقة منذ ثماني سنوات، كما شددوا على ضرورة الاصطفاف المجتمعي والوطني وتضافر الجهود، والالتفاف حول قضية حصار تعز وما خلفه من معاناة طاولت جميع الأهالي، إلى جانب العمل على إنهائه والحد من تداعياته على المرضى والنساء والأطفال.
ويبعث الترحيل الأممي والإقليمي والدولي المتعمد لملف تعز على الاستغراب في أوساط المواطنين والناشطين، كما أثار غضبهم ودفعهم نحو التظاهر والمطالبة بفتح منافذها، وذلك بالتزامن مع تسيير الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء ودخول السفن إلى ميناء الحديدة، كما يقول الناشط الحقوقي عبد الرحمن جابر، متابعاً "خرجنا إلى هذا المنفذ المغلق للتعبير عن مطالبنا ورفضنا للحصار ولفت الأنظار لمأساتنا الإنسانية".
ويأمل المحتجون أن يأخذ مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية بمطالبهم، وأن يلتفت ساسة البلاد للمواطن المنهك بالحروب والحصار وانهيار الاقتصاد والعملة وغلاء الأسعار، كما يتطلعون نحو السلام والرخاء.
وأكد الناشطون أنهم سيواصلون الاحتجاج والاعتكاف بالقرب من منفذ جولة القصر المتاخم للحوبان، وذلك إلى أن يرفع الحصار وتفتح الطرقات وهي مطالب ينبغي تلبيتها بشكل عاجل.
ودانوا التناقض الحاصل في سياسات الأمم المتحدة ورعاة الهدنة الإقليميين والدوليين، والتي سارعت في رفع القيود عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، في حين لم تفتح معابر تعز، حسب رئيس لجنة رصد الانتهاكات في حركة ثورة الجياع الناشط فيصل العسالي، الذي أكد لـ"العربي الجديد": "نرفض سياسة الكيل بمكيالين، وما حصل عنصرية مقيتة... يجب أن يتعاملوا معنا كبشر".