يوفّر الشاب اليمني نشوان الحاشدي، أسطوانات الأوكسجين مجاناً للمصابين بفيروس كورونا المحتاجين إليها في المنازل الواقعة بحيّه وغيره من الأحياء في مدينة تعز وسط اليمن، وذلك في محاولة منه لإنقاذ المرضى من الوباء الذي حصد أخيراً أرواح الكثيرين منهم جراء غياب هذه المادة وغلاء أسعارها وعجز المواطنين عن شرائها، في ظل تردي أوضاعهم المادية والمعيشية.
وتشهد مدينة تعز منذ عدة أسابيع أزمة أوكسجين خانقة طاولت مراكز العزل العلاجي والمرافق الصحية الأخرى ومساكن المواطنين، بالتزامن مع الموجة الثانية لكوفيد 19 وتفشي الفيروس في المحافظة وعموم اليمن بشكل غير مسبوق.
شهدت مدينة تعز منذ عدة أسابيع أزمة أوكسجين خانقة، طاولت مراكز العزل العلاجي والمرافق الصحية الأخرى ومساكن المواطنين
يقول الحاشدي، إن هذه الفكرة راودته منتصف العام 2020 وذلك مع ظهور الموجة الأولى للفيروس والتي أصيب فيها، كما توفي رجل وامرأة من جيرانه المصابين جراء ضيق التنفس وعدم حصولهم على الأوكسجين، ما دفعه إلى التفكير في المبادرة ومناقشتها مع جيرانه، وتوصلوا إلى أن الحل الأنسب يتمثل في توفير أسطوانات خاصة بحيّهم وشرعوا في جمع قيمتها وشراء أول أسطوانتين، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، إذ ابتاعوا بالتدريج أسطوانات أخرى ووصل اليوم إجمالي ما لديهم منها إلى 12 أسطوانة.
ونشر الحاشدي فكرة المبادرة في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وتفاعل معها الكثيرون من أهالي حارته، كما حققت صدى واسعاً وحظيت بإعجاب الكثيرين، ولفتت انتباه بعض المقتدرين ودفعتهم نحو شراء أسطوانات أوكسجين خاصة بعائلاتهم وتعبئتها وادخارها لوقت الحاجة، في الوقت الذي يعجز فيه الكثيرون عن شرائها، في ظل تواضع جهود الجهات المختصة ومساعيها لحل أزمة الأوكسجين المزمنة التي استفحلت جراء الحرب والحصار المفروض على المدينة من قبل جماعة الحوثيين منذ العام 2015، كما اشتدت ضراوتها مع انتشار الفيروس.
وبدأ الشاب بحي السواني الذي يقيم فيه لقلة عدد أسطوانات الأوكسجين، والتي ما إن تزايدت حتى شرع في توزيع بعضها على الأحياء المجاورة والتي تجاوزها أخيراً نحو مناطق متفرقة كالدحي وبئر باشا وشارع جمال والمصلى وحي عصيفرة.
ويتلقى اليوم اتصالات كثيرة من المحتاجين للأوكسجين فيقوم بتوزيع معظم الأسطوانات على الأشخاص الذين يعرفهم وذلك دون أي مقابل، فيما يهبها لغير المعروفين بعد أخذ البطاقة الشخصية كضمانة لإعادة الأسطوانة فور الانتهاء من الانتفاع بها.
ويتسبب الطلب المتزايد حالياً على الأسطوانات في نفادها وعدم تمكنه من مواجهة جميع طلبات المحتاجين، ما اضطره إلى نشر تغريدات متواترة في حسابه الشخصي على "فيسبوك"، في مسعى للبحث عن أسطوانات لهم لدى الآخرين.
يقول نشوان الحاشدي لـ "العربي الجديد"، إن "مبادرة توفير الأوكسجين لمصابي كورونا والتي دشناها العام الماضي مع ظهور موجة تفشي الوباء، بدأت فردية ثم تعاون أهل الحارة معي واشترينا بالتدريج عددا من الأسطوانات ونقوم بتعبئتها وتوزيع معظمها على المحتاجين خارج حارتنا فيما نبقي أسطوانتين تحسباً لأي طارئ داخلها".
ويضيف: "مع ظهور موجة كوفيد 19 الثانية، تزايدت خلال الأسابيع الأخيرة الإصابات بشكل كبير وارتفع معدل الاحتياج للأوكسجين فزادت الطلبات على أسطواناتنا والتي نوزعها بمعدل أربع إلى خمس يومياً، ما يتسبب لنا بعجز كبير في الأسطوانات لا نستطيع مواجهته عبر شراء المزيد منها".
وتشهد أسواق ومحلات بيع الأسطوانات تلاعباً كبيراً في أسعارها والتي تزايدت أخيراً بشكل كبير، إذ ارتفعت قيمة الأسطوانة الفارغة من 80 ألف ريال (100 دولار تقريباً) إلى 140 ألفاً (150 دولاراً) كما ارتفعت أسعار التعبئة من ألف ريال سابقاً إلى ألفي ريال ثم 3 آلاف ريال حالياً، إلى جانب تطلّب التعبئة للوساطة والرشوة، حسب تعبيره.