سورية: مستشفيات حكومية ترفض علاج مرضى التأمين الصحي

06 سبتمبر 2022
في أحد مستشفيات دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

ترفض مستشفيات حكومية تابعة للنظام السوري استقبال الإحالات المرضية لموظفي القطاع الحكومي من جهات عملهم من جراء عدم دفع غالبية تلك الجهات قيمة التأمين المترتب عليها لتلك المستشفيات، فضلاً عن معاناة هؤلاء الموظفين من عدم اعتراف حتى الصيادلة والأطباء المتعاقدين مع شركات التأمين ببطاقات التأمين خاصتهم. 
وكانت وزارة المالية في حكومة النظام السوري قد أعادت هيكلة وثيقة التأمين الصحي ورفعت في بداية العام الجاري بوليصة التأمين بالقطاع العام الإداري داخل المستشفيات إلى مليوني ليرة سورية (تبلغ قيمة الدولار الواحد نحو 4450 ليرة سورية)، وخارجها إلى 200 ألف ليرة سورية، بما فيها أدوية الأمراض المزمنة في مقابل اقتطاع شهري من رواتب الموظفين بمقدار 3 في المائة.
وتدعي هيئة الإشراف على التأمين الحكومية أن كلفة الدخول إلى أي مستشفى في حالات الطوارئ مغطاة من قبل التأمين. وفي حال كان المستشفى خارج الشبكة الطبية، يتم تقديم طلب إعادة تسديد إلى المؤسسة السورية للتأمين. لكن ما حدث مع أديب حمود (49 عاماً)، وهو موظف حكومي، يثبت عكس ذلك، إذ رفض مستشفى الأسد الجامعي بدمشق ومستشفى "المجتهد" استقباله بناء على إحالته الصحية من جهة عمله. 
ويقول حمود لـ"العربي الجديد"، إن مرضه يحتاج لمتابعة دورية، ودائماً ما كان يحصل على إحالة صحية من عمله إلى مستشفى الأسد الجامعي، إلا أن الأخير رفض إحالته الأخيرة، بحجة أنهم لا يستقبلون أي إحالات كما قيل له. وحال حمود ينسحب على أكثر من مليون و200 ألف موظف حكومي، وترفض المستشفيات الحكومية وبعض الأطباء والصيادلة استقبالهم على بطاقة التأمين الخاصة بهم على الرغم من اقتطاع ما نسبته 3 في المائة من رواتبهم الشهرية. 

واضطرت سامية العلي (45 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال، للجوء إلى جمعيات خيرية لتغطية نفقات رعاية ابنتها التي تحتاج إلى أكياس دم كل أسبوعين نتيجة إصابتها بمرض التلاسيميا الوراثي منذ ولادتها، وتقول لـ"العربي الجديد": "أعمل موظفة في جامعة دمشق، وكنت أعطي الدم لابنتي في مستشفى الأسد الجامعي مجاناً"، لكن المستشفى رفض استقبالها وابنتها على بطاقتها التأمينية بحجة عدم توفر الدم، وبسبب تأخر الجامعة حيث تعمل في دفع مستحقاتها التأمينية منذ أشهر، وتقول لـ"العربي الجديد"، إن التأخر في إعطاء ابنتها أكياس الدم يزيد حالتها خطورةً، قد تصل إلى الوفاة. وعلى الرغم من علم المستشفى بذلك، إلا أنهم رفضوا إجراء العلاج لها لأسباب لا علاقة للأم بها، وهي الخلافات بين المستشفيات الحكومية وشركات التأمين التابعة لهيئة الإشراف على التأمين الحكومية.

مستشفى في دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)
بعض المرضى يعانون خلال الاستشفاء (لؤي بشارة/ فرانس برس)

إلى ذلك، يقول مصدر إداري عامل في مستشفى الأسد الجامعي بدمشق لـ"العربي الجديد": "هناك مظلة تأمينية لكافة العاملين بالقطاع الحكومي، ونحن كمستشفيات حكومية نلتزم بتغطية نفقات المريض المؤمن عليه"، مضيفاً أن "غالبية الجهات العامة لا تدفع التأمين المترتب عليها على الرغم من مطالبتنا المتكررة عبر كتب رسمية لتلك الجهات".
يضيف المصدر أنه "في حال تم الدفع يكون ذلك بعد أشهر طويلة، وعندها تكون الأسعار قد ارتفعت أضعافاً عما دفعه المستشفى على المريض المؤمن. وهذا ما يجعل المستشفيات الحكومية ترفض استقبال موظفي القطاع الحكومي". 
لا تنتهي معاناة المرضى عند عدم استقبالهم مع بطاقة التأمين، إنما تتجاوزها إلى معاناتهم من النقص الحاصل في  المستلزمات الطبية، كـ"شاش وقطن وجبصين وأبر وأدوية مختلفة"، والتي يتم شراؤها من قبل المرضى من خارج المستشفيات الحكومية وصيدليات محددة، بحسب عدد من الموظفين التقتهم "العربي الجديد".  
وهذا ما حصل مع سميرة مهنا (58 عاماً)، والتي أصيبت بكسر في قدمها، واضطرت لشراء الشاش والجص من إحدى الصيدليات في ريف دمشق، إذ يعاني مستشفى قطنا الوطني من نقص في المعدات والمستلزمات الطبية البسيطة كالشاش والقطن. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وكانت سميرة قد دخلت مستشفى قطنا وهي في حالة طوارئ منذ نحو عشرة أيام من جراء تعرضها لكسر في قدمها وبقيت لمدة ثلاث ساعات تنتظر ذويها حتى تمكنوا من إحضار مواد التجبير لقدمها إلى مستشفى قطنا. وتعترف وزارة الصحة التابعة للنظام السوري بوجود نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية في المستشفيات الحكومية، ويظهر هذا النقص من خلال طلب الأطباء في المستشفيات من مرافقي المرضى إحضار المستلزمات المفقودة في المستشفيات، ما يحمل المرضى أعباء مالية كبيرة في مقابل تأمينها من القطاع الخاص.
ويعزو معاون مدير مستشفى ابن النفيس بدمشق محمود زيتون هذا النقص إلى تطبيق وزارة الصحة سياسة الاستجرار المركزي للمواد الطبية في كل المنشآت الصحية منذ سنوات، مضيفاً أن قائمة الأدوية والمستلزمات الطبية المفقودة طويلة جداً لدرجة فقدان مادة بوفيدون يوديّن المعقمة المستخدمة في العمليات الجراحية. 

المساهمون