سورية: رفات مجهولة وهويات غائبة في ريف حمص الشمالي

07 يناير 2025
المقابر الجماعية تتكشف عقب سقوط الأسد، درعا، في 16 ديسمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في تلدو السورية، عُثر على رفات بشرية مما أثار اهتمام الجهات المختصة، لكن فريق الدفاع المدني تعرض لإطلاق نار من مسلحين في بلدة القبو القريبة.
- تم استخراج رفات 20 جثة، بعضها محروق، مما يثير تساؤلات حول مصير المختفين في ظل اعتقالات تعسفية من قبل مليشيات النظام.
- الحواجز الأمنية كانت تهدد السكان وتستخدم لاعتقال المدنيين، مما يثير الشكوك بوجود مقابر جماعية أخرى، ويدعو عباس السليمان لنزع سلاح المسلحين لتمكين البحث.

على أطراف مدينة تلدو السورية، بالقرب من المنطقة المحظورة مع بلدة القبو، الواقعة ضمن ضمن ريف محافظة حمص الشمالي، والتي كانت محظورة على رعاة الأغنام قبل سقوط نظام الأسد، عثر بعض الرعاة، الأسبوع الماضي، على رفات بشرية بين الصخور. فسارعوا بإبلاغ الجهات المختصة إذ توجه فريق من الدفاع المدني، رفقة بعض أبناء البلدة، إلى موقع الرفات للتقصي، لكنهم فوجئوا بإطلاق نار من مسلحين في بلدة القبو القريبة، مما اضطرهم للتراجع. وأصبح الأمر ملحاً لمعرفة قضية الرفات، كما أشار محمد السيد، المعروف بلقب أبو فيروز، لـ"العربي الجديد"، مخلداً ذكرى والدته التي قتلت في مجزرة الحولة عام 2012.

عاد متطوعون من الدفاع المدني إلى المنطقة الوعرة التي عُثر فيها على الرفات، برفقة أبو فيروز الذي كان شاهداً على الحدث، مبيناً أن المنظر كان صادماً. فقد عثروا على رفات بشرية في ثلاثة مواقع، كانت الجماجم مشوهة بالكامل تعلوها الحجارة، ولم تُدفن، وتمكنت الفرق، كما أوضح أبو فيروز، من إخراج رفات 20 جثة في نحو 16 موقعاً. بعض الجثث كانت محروقة بالكامل.

عبد الله الصالح من سكان مدينة تلدو، وعمل في المجال الإغاثي، كما عمل في توثيق حالات الاعتقال والاختفاء القسري، يوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه في المستقبل قد تعثر الفرق الإنسانية على مقابر أكثر في المنطقة. مضيفاً "في ظل هذا الصخب الإعلامي الذي تم خلاله توجيه الإعلام حول المعتقلات الكبيرة مثل سجن صيدنايا، وباقي المسالخ البشرية التي تابعتها الأفرع الأمنية، تبيّن وجود رفات بشرية في ريف حمص الشمالي، وتحديداً في منطقة القبو الغربية".

يضيف الصالح، مع بداية الثورة عام 2011، تمركزت المليشيات على حواجز أمنية تحيط بمداخل المنطقة. ولاحقاً سميت هذه المليشيات بالدفاع الوطني، لكنها كانت في جوهرها تابعة لشبيحة نظام الأسد. موضحاً أن "حاجز القبو" كان "دولة مستقلة"، فقد كان الضباط يعتقلون المدنيين العابرين وينفذون بحقهم أحكاماً ميدانية. ورغم تدعيم الحاجز بعناصر من جيش الأسد لاحقاً، لكن هذا لم يغير من طبيعة تعامله مع المدنيين، فقد كان يُعتقل الشخص لمجرد وجود صلة له بأحد المطلوبين أو بناءً على وشاية من أحد المخبرين. وغالباً ما اقتيد المعتقلون إلى مناطق مجهولة لتنفيذ أحكام ميدانية، جزءاً من ردة فعل انتقامية إجرامية.

أما الرفات التي عثر عليها مؤخراً، والتي تشمل أكثر من 20 شخصاً في منطقة القبو. فيعتبرها صالح بأنها "مجرد مثال، وهناك العديد من المناطق الأخرى التي ستُكتشف لاحقاً، وهناك كثيرون تم اعتقالهم على هذه الحواجز ولم يصلوا إلى الأفرع الأمنية أو السجون، ولم يُعثر لهم على أي أثر".

من بين من اختفوا على هذه الحواجز كما أوضح بحسب التوثيق، رئيس اللجنة التربوية في مدينة تلدو محمد نور السيد، ومعه محاسبان من مدينة كفرلاها وطفل في منطقة الحولة، إذ إن هؤلاء عندما قبضوا رواتب المعلمين، وفي طريق عودتهم وُشي بهم من أحد الأشخاص في التربية، فاقتيدوا إلى منطقة مجهولة ونُفّذ حكم الإعدام بحقهم، وحتى الآن لم يُعثر لهم على أثر.

من المختفين أيضاً، رئيس البلدية في مدينة تلدو عبد المعطي السيد استُدعي إلى حاجز يُسمى مؤسسة المياه، وقيل إنه اقتيد إلى حمص، لكنه اختفى قبل أن يصل إليها. ورغم محاولة بعض الأقارب تتبع أثره لكنهم لم يجدوا له أثراً في حمص، وفقاً لشهادة الصالح. مشيراً إلى أن "هناك أسماء كثيرة لم يُعثر لها على أي أثر في السجون، وغالباً سيتم العثور على رفاتها، والله أعلم، في تلك المناطق".

ويرى عباس السليمان وهو من أبناء المنطقة، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من التفاصيل قد تتكشف عن مختفين من مدينة تلدو أو باقي مدن منطقة الحولة، لافتاً إلى كون المنطقة الفاصلة إدارياً بين مدينة تلدو وبلدة القبو كانت محظورة على سكان تلدو، بسبب انتشار الشبيحة وتمركزهم فيها قبل سقوط النظام، فقد توجد فيها أماكن لاحتجاز المختطفين. وفي الوقت الحالي يجب أن يُنزع سلاح المسلحين في البلدة قبل بدء عملية بحث عن رفات هناك بشكل موسع.

ويُعدّ حاجز القبو من أكثر الحواجز خطورة على سكان منطقة الحولة، فهو يقع جنوب المنطقة، وتمركز فيه إضافة لجيش النظام سابقاً عناصر من "الشبيحة"، وباتجاه المنطقة على الطريق الرابط بينها وبين مدينة حمص، كان يقع حاجز مؤسسة المياه، وفيه كانت تتمركز دبابات تقصف منازل المدنيين، أعلى سفح مطل على المنطقة من جهة الجنوب، كما تمركز على الطريق الرئيسي جيش النظام في المشفى الوطني لمدينة تلدو، وعلى بعد 500 متر من تمركز الجيش كان حاجز السياسية. وعلى هذه الحواجز أيضاً جرت العديد من عمليات الاعتقال والقنص للمدنيين.

المساهمون