استمع إلى الملخص
- العنف الأسري يشكل قلقاً كبيراً، ويتطلب الحد منه تطبيق القوانين الرادعة وإنشاء مؤسسات قانونية مستقلة، حيث زادت حالات الابتزاز والعنف الأسري بعد الحرب.
- انتشار المخدرات والاستخدام الخاطئ لتقنيات الهاتف الخليوي ساهم في زيادة الجرائم، وتلعب التوعية المجتمعية دوراً مهماً في الحد منها، خاصة في مناطق شمال شرقي سورية.
يفيد موقع "نمبيو" المتخصص في مراقبة مؤشرات الجرائم وجودة العيش في العالم، بأن سورية تحتل المركز الثامن عالمياً في معدلات الجريمة، والمرتبة الثانية في قارة آسيا بعد أفغانستان. وتختلف الأسباب بين ما قبل الحرب وبعدها.
زادت معدلات الجرائم في سورية بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، نتيجة تداعيات الظروف الأمنية المتدهورة. وتزامن ذلك مع ضعف الأجهزة القانونية لدى سلطات الأمر الواقع، وتردّي الأوضاع الأمنية، ما جعل سورية من بين الدول ذات معدلات الجريمة العالية.
وتكشف إحصاءات المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتكاب 202 جريمة قتل متعمد منذ مطلع العام الحالي، نجم بعضها عن العنف الأسري، وأخرى خلال عمليات سرقة، بينما لا تزال دوافع بعض الجرائم مجهولة. وبلغ عدد ضحايا الجرائم 221، من بينهم 11 طفلاً و41 امرأة و168 شاباً.
وتثير الجرائم الناتجة عن العنف الأسري قلقاً كبيراً لدى السوريين. ويوضح الأخصائي في العلاج النفسي هاني الجبيلي، لـ"العربي الجديد"، في شأن أساليب الحدّ من معدلات جرائم العنف الأسري، أن الخطوة الأولى تشمل تطبيق القوانين والتشريعات الرادعة، والثانية إنشاء مؤسسات قانونية مستقلة تقدم خدمات مجانية لضحايا الاستغلال والابتزاز والعنف الأسري قبل حصول الجرائم، وتوفر أيضاً أماكن لإيواء وحماية وتأهيل المتضررين من العنف الأسري، ومتابعة أي عمل توعوي مهما كان محدوداً.
وعن أسباب الجرائم، يقول الجبيلي: "قبل الحرب السورية كانت معظم الجرائم الناجمة عن العنف الأسري تقتصر على ما يُسمى بجرائم الشرف، مثل الخيانة الزوجية، وأيضاً تلك الناتجة عن تقييد حريات المرأة أو نزاعات الميراث وغيرها. وفي معظم الحالات كان مرتكبو الجرائم من الذكور والضحايا من الإناث. وبعد الحرب، ظهرت أسباب إضافية لهذا العنف الأسري، من بينها تردي الوضع الاقتصادي وانخراط المرأة في سوق العمل، خصوصاً في أعمال حرة ومكتبية نتيجة الحاجة، ما زاد حالات الابتزاز التي تسببت بعضها في نزاعات وعنف أسري".
يضيف: "أثّر الانتشار الكبير للمخدرات بين الجنسين على الجرائم بشكل كبير، إذ أصبحت المخدرات دافعاً رئيسياً لارتكاب العديد منها. ولا يمكن تجاهل الاستخدام الخاطئ لتقنيات الهاتف الخليوي وشبكات التواصل الاجتماعي التي خلقت تباعداً أسرياً كبيراً خاصة بين جيل الشباب، إضافة إلى أشكال وطقوس من التربية المحرّضة على العنف والرذيلة".
وفي شأن دور التوعية في المجتمع وإمكانية الحدّ من هذا النوع من الجرائم، يقول الجبيلي: "يعتمد ذلك على شكل التوعية. هل يمكن مثلاً إدخالها في مناهج التعليم بالمدارس، أو توفير معرفة بالقوانين والتشريعات التي تحمي الطرف الأضعف، أو تنفيذ حملات كثيفة وواسعة تُنظمها مراكز وأندية تقدم التوعية إلى جانب خدمات أخرى للترفيه والتسلية والفنون والتعليم، ولكل الأعمار؟ ومن بين الأسئلة المطروحة أيضا: هل يستوعب الرجل محاضرة عن العنف الأسري وكيفية التعامل مع الزوجة أو الابنة، وهو يُفكر في لقمة العيش أو الجنس أو الثأر وشرف العائلة؟".
ويُخبر حبيب العبد الله، المتحدر من ريف السويداء، "العربي الجديد"، أن "جريمة بشعة ووحشية شهدتها بلدة القريا في يونيو/ حزيران الماضي، وارتكبها شقيق الضحية بسبب جشعه، وهو ما شاركته فيه والدته. وفي التفاصيل، علمنا أن الشاب يزن البالغ 17 من العمر قتل شقيقته سيدرا، بعدما كبّلها وذبحها بوحشية أمام والدته في مزرعة قرب البلدة. ما حصل مرعب جدا. علما أن لدى القتيلة طفلاً لا يتجاوز السنتين".
يتابع: "لا يمر أسبوع من دون أن نسمع خبراً عن جريمة قتل بدافع السرقة أو أمر آخر. يتعاطى شبان طائشون المخدرات، وأعتقد أن ارتكابهم جرائم قتل للحصول على مخدرات بات أمراً عادياً، وهي تحصل ضمن العائلة الواحدة، كما هو الحال في جريمة القريا. ويحتاج وضع حدّ لهذه الجرائم إظهار أجهزة الأمن حزماً كبيراً، لكنها أصبحت فاسدة بدرجة كبيرة".
وتذكر الحقوقية السورية منتهى عبده، لـ"العربي الجديد"، أن "معدلات الجريمة في مناطق شمال شرقي سورية مرتفعة، لأن لا قانون في المنطقة، ولا تستطيع الضابطة العدلية ولا القوى الأمنية إيجاد حلول للفوضى السائدة". معظم جرائم القتل في مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) فردية بسبب قضايا مالية أو عائلية، وهي تحصل أحياناً بين أخ وأخيه أو زوج وزوجته أو أولاد العم".
وفي مايو الماضي، شهد حي العزيزية في مدينة الحسكة جريمة قتل ارتكبها شاب أردى شقيقه بطلق ناري بسبب خلاف حصل بينهما.
وفي مارس/آذار الماضي، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن مصطفى معن عمر، وهو ميكانيكي سيارات ولاعب كرة قدم، من قرية الحسانيّة في ريف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، قُتل برصاص أطلقه مسلحان لم تكشف هويتهما بعدما اقتحما منزله في القرية.
ووفق إحصاءات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يبلغ معدل جرائم القتل في سورية 2 إلى 2.5 لكل 100.000 نسمة.