سورية: امتحانات بلغات متعددة

08 ديسمبر 2021
في إحدى مدارس سورية (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

يمكن وصف الامتحانات التي جرت في سورية بأنّها نسخة طبق الأصل عن مآلات وأوضاع الدولة والنظام السياسي. وعليه، فالامتحانات كانت مطابقة تماماً لخارطة هذا الواقع على الأرض. هناك أولاً نصف عدد سكان البلاد بين مهجرين إلى الخارج ونازحين في الداخل؛ ما يعني أنّ نصف التلاميذ والطلاب، إما لم يخضعوا للامتحانات أصلاً، أو خضعوا بموجب مناهج وأنظمة امتحانات متباينة. والجديد هو امتحانات باللغتين الكردية والتركية وقريباً بالسريانية.
وإذا اعتبرنا أنّ النظام هو الذي يسيطر بمساعدة حلفائه على أكبر مساحة من البلاد، فمن نافل القول أن نتحدث عن الامتحانات التي جرت في مناطق يدير شؤونها. لكن نشير إلى أن قسماً لا يستهان به من معلمين وأساتذة غادر البلاد. يندرج في عدادهم ذوو كفاءات في اللغات وفي العلوم على اختلافها. ومع أن ليست هناك من دراسات تفصيلية عما حل بسورية تربوياً بعد حرب مستمرة منذ العام 2011، يمكن القول إن هناك فوضى مضاعفة تضاف إلى الضعف الأصلي في النظام التعليمي السوري.  
ففي شهر إبريل/ نيسان الماضي، أعلنت الحكومة السورية أن حوالي مليونين من التلاميذ والطلاب في المدارس والجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد في المناطق التي تسيطر عليها الدولة، بدأوا تقديم الامتحانات النهائية. حدث ذلك بعد إغلاق المدارس والجامعات للحد من انتشار فيروس كورونا على نحو متقطع.
يذكر أن تقديم الامتحانات تمّ قبل نحو شهر تقريباً من الموعد السنوي المعتاد، وذلك بسبب الوباء الذي أصاب عشرات الآلاف من الأشخاص في الدولة التي مزقتها الحرب. ففي المناطق التي يسيطر عليها النظام جرى اعتماد برنامج امتحاني موحد في بعض المحافظات (كما أعلنت الوزارة). أما الامتحانات الجامعية فخضعت للإجراءات المعتادة من جانب إدارتها سواء أكان الطلاب يدرسون في اختصاصات علمية أو إنسانية. لكن الملفت في هذه الامتحانات يتمثل في حصائل أوضاع الأساتذة والطلاب مع انهيار قيمة الليرة السورية وانعكاسه على أوضاعهم، ما جعل الدراسة أشبه بالنظرية لكل المواد والاختصاصات. 
وفي المقابل، بدأ طلاب مناطق "الإدارة الذاتية" الكردية، امتحانات الشهادة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي، وفق المناهج التي وضعتها مديرية التربية التابعة لـ"الإدارة الذاتية" في مناطق شمال شرقي سورية، بعد حظر تعليم مناهج النظام مع بداية العام الدراسي الأخير. وقد سبقت الامتحانات خطواتٌ عديدة، أبرزها أنه للمرة الأولى تُجرى الامتحانات على مناهج الإدارة الذاتية في الشهادة الثانوية، وأن الطلاب أنهوا دراستهم في المراحل الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية باللغة الكردية، وقد سبقت الامتحانات استعدادات شملت تأهيل المدرسين، ودورات تقوية للطلاب.

موقف
التحديثات الحية

وقد شكلت الإدارة التربوية الكردية لجاناً من 21 مدينة عملت على تحضير مقترحات الأسئلة، ثم أرسلتها إلى مركز الامتحانات الرئيسي، ليتم استخلاص نماذج الامتحانات منها، وبعد ذلك جرى طبع النموذج الذي تمّ اعتماده كأسئلة لامتحانات الطلاب.
أما عدد الطلاب الذين تقدموا للامتحانات فكان 4000 طالب في فرعي الثانوية العلمي والأدبي، وتقدم لامتحان الشهادة الإعدادية 7000 طالب وطالبة، وهناك 60 مركزاً في منطقة الجزيرة، تتوزع على أربع مدن هي القامشلي، والحسكة، ومعبدة، والدرباسية. والملفت في سورية هو دخول اللغة الكردية على نظام الامتحانات التي جرت العادة أن تكون باللغة العربية. لكن الأمر لن يقتصر عليها، إذ إن تركيا عملت على تدريس اللاجئين السوريين باللغة التركية وتمتحنهم بها. كما سينسحب ذلك على اللغة السريانية وهي لغة طقسية منتشرة في بعض الكنائس فقط، والعمل قائم على قدم وساق لإعداد منهاج المرحلة الابتدائية بها.
(باحث وأكاديمي)

المساهمون