يبدو أنّ أملاً جديداً وُلد لدى مئات المصابين بأمراض السرطان في منطقة شمال شرقيّ سورية، عقب افتتاح مركزين هما الأولان من نوعهما لعلاج الأورام السرطانية؛ الأوّل في مدينة القامشلي (مدينة تقع في جهة الشمال الشرقي على الحدود مع تركيا) والثاني في مدينة الحسكة (محافظة في شمال شرق سورية)، ما سيوفّر عليهم عناء السفر الطويل والكلفة المادية المرتفعة، للوصول إلى العاصمة السوريّة دمشق بهدف تلقي العلاج.
ويشعر عبد الله حسن (37 عاماً) بالتفاؤل، لأن والدته ستتلقى العلاج الذي انقطعت عنه منذ نحو ثلاثة أشهر، من جراء عدم قدرته على تأمين تكاليف السفر إلى دمشق وشراء الأدوية، عقب افتتاح مركز لعلاج الأورام في مدينة الحسكة في 17 من الشهر الجاري. ويلفت إلى أنّ "الرحلة إلى دمشق مع والدته كانت بمثابة معاناة لا يمكن وصفها، بدءاً من محاولة الحصول على حجز تذكرة طائرة للسفر في ظل الازدحام، والكلفة المادية للرحلة التي تتجاوز 200 ألف ليرة سورية (نحو 521 دولاراً)، علماً أنه ليس لدي خيارات. هناك شركة وحيدة تعمل ما بين مطار دمشق والقامشلي. كما أن السفر عبر البر مستحيل بالنسبة إلى مريض السرطان، ووالدتي لا يمكن أن تحتمل رحلة تستغرق أكثر من 12 ساعة سفر".
يضيف: "هناك معاناة أخرى في المستشفى في دمشق، وقد لا يكون الدواء متوفراً لدى وصولنا، ما يجبرنا على شرائه من السوق بعشرات آلاف الليرات. وكانت تصلنا معلومات عن أن هذه الأدوية غير فعالة كما هو مطلوب. أما تلك الفعالة، ومصدرها الغرب، فأسعارها تتجاوز الملايين".
من جهته، يقول أبو محمد سراج (47 عاماً): "منذ عشرات السنوات والناس يطالبون بافتتاح مستشفى لعلاج الأورام، خصوصاً أن أعداد المرضى بالمئات، لكن ما من مجيب". يضيف: "ما من خيارات سوى مستشفى البيروني الخاص بعلاج الأورام في دمشق، أو القسم الموجود في مستشفى المواساة، أو جناح السرطان في مستشفى الأطفال. وتجد الأهالي المرافقين لمرضاهم ينامون في الشارع أو في ممرات المستشفى. فالوضع المادي لدى غالبيتهم لا يسمح لهم بالنزول في أحد فنادق دمشق"، معرباً عن أمله في أن "تضم المراكز الجديدة كوادر ذات خبرة وكفاءة، والأهم وجود أدوية فعالة وبشكل دائم".
بدوره، يقول طبيب في الحسكة، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، لـ"العربي الجديد": "بكل تأكيد، فإن معاناة مرضى السرطان وغيرهم ممن لا يجدون علاجاً في شمال شرق سورية، أكبر بكثير مما يمكن الحديث عنه، بدءاً من عناء السفر وصولاً إلى الكلفة المادية الكبيرة جداً، التي غالباً ما تكون مئات آلاف الليرات، إذا كانوا يقصدون دمشق أو كردستان العراق". يضيف أن "افتتاح مركزين لعلاج الأورام في الحسكة والقامشلي يخلق أملاً جديداً لدى محرومي العلاج، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، أو حتى لدى الذين يعانون بسبب صعوبة التنقل. الجميع يترقب لمعرفة مدى جودة الخدمة، خصوصاً أنه لم يمضِ على افتتاح المركزين سوى بضعة أيام".
ويوضح أن "مركز العلاج في القامشلي استقبل حتى الخميس الماضي 112 مريضاً، فيما استقبل مركز الحسكة 70 حالة. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المرضى في الحسكة بلغ عام 2014 نحو 2400 مصاب". يشار إلى أن رئيس دائرة مكافحة السرطان في وزارة الصحة فراس الجرف، كان قد أعلن عام 2018، أن "معدل الإصابة بالسرطان هو حالة من كل ألف شخص سنوياً. لكن المشكلة الأساسية أن 70 في المائة من الحالات تراجع المؤسسات الصحية في مراحل متأخرة".
وأفادت الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، في تقريرها الصادر خلال سبتمبر/ أيلول عام 2018، بأن "سورية احتلت المركز الخامس من بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بأمراض السرطان قياساً بعدد السكان، وهناك 196 شخصاً مصاباً بالسرطان من بين كل 100 ألف سوري، و105 حالات وفاة من كل 100 ألف سوري".
196 مريضاً في كلّ 100 ألف
لا إحصائيات رسمية عن عدد المرضى بالسرطان في سورية بمختلف أشكاله، بانتظار إنجاز السجل الوطني للسرطان نهاية العام الجاري، بحسب تصريحات رسمية. من جهتها، تشير "الوكالة الدولية لبحوث السرطان" في تقريرها لعام 2018 إلى أنّ هناك 196 مريضاً بالسرطان من بين كلّ 100 ألف سوري، و105 وفيات نتيجة الإصابة بالسرطان من بين كلّ 100 ألف سوري.