لم يتمكن المعتقل الفلسطيني رمزي سمير أصلان من وداع والده الذي استشهد برصاص الاحتلال الإسرائيلي، أول أمس الخميس، بعد اعتقال رمزي بدقائق من منزله في مخيم قلنديا شمال القدس.
أمام مدخل منزل الشهيد سمير أصلان (41 عاما) تناثرت الدماء، حيث كان الوداع الأخير من الأب لابنه، في حين عجز الأخير عن وداع أبيه، الذي ووري جثمانه الثرى في مقبرة مخيم قلنديا شمال القدس.
يروي نضال أصلان، شقيق الشهيد، اللحظات الأخيرة في حياة شقيقه لـ"العربي الجديد" قائلا: "سمعت صوت زوجة شقيقي سمير تصرخ، لأكتشف إصابته بطلق ناري في الصدر والدم ينزف بغزارة منه. عقب اعتقال ابنه الأكبر رمزي".
ترجح العائلة أن قناصا استهدف سمير من أعلى إحدى البنايات أثناء الاقتحام، حيث تقع البناية في زقاق صغير جدا ولا يتوقع الأهل أن تكون الرصاصة وصلت من أسفل.
يؤكد نضال أن الاقتحام حصل قرابة الثالثة فجرا، ليفجر جيش الاحتلال بوابة البناية قبل الوصول إلى منزله، والذي كان قد فتحه بالفعل تجنبا لتفجير بابه، مضيفا أن جنود الاحتلال سألوه عن أبنائه، وحين أجاب سألوا عن رمزي ليجيبهم أنه ابن شقيقه سمير؛ فطلبوا منه التوجه معهم لمنزل أخيه وهو حافي القدمين.
اعتقل جنود الاحتلال رمزي بعد محاولات من سمير لمنع اعتقاله ونقاش حاد مع الجنود، انتهى بسماح الاحتلال له بارتداء ملابسه وحذائه، ثم اعتقلوه.
بعد أن أصيب سمير حاولت العائلة نقله إلى المشفى، لكن جنود الاحتلال أوقفوا المركبة وأنزلوا سمير أرضا وهو مصاب ينزف، رواية نضال هذه أكدتها مقاطع فيديو تداولها الفلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي.
يتابع نضال أن الجنود وبعد أن فحصوا نبض شقيقه سمير، سمحوا له بالمغادرة لتصل بعد لحظات مركبة الإسعاف وتقل سمير إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، ويعلن عن استشهاده بعد نصف ساعة تقريبا.
يؤكد عوني أصلان والد الشهيد لـ"العربي الجديد" أن لابنه ثمانية من الأبناء والبنات، كان يعيلهم من عمله في متجر دواجن، ويتقاضى لقاء عمله أجرا يوميا، كان يعتاد كما يقول على الجلوس مع والده ووالدته حين يعود من العمل قبل أن يتوجه لمنزله للنوم.
داخل المنزل جلست سميرة والدة الشهيد لم تتمالك نفسها تحدث الجميع عن جنازة رأتها قبل ليلة واحدة في الحلم، وتقول لـ"العربي الجديد": "رأيت جنازة كبيرة، ورأيت شقيقتي روضة المتوفاة تقول إنها تريد أخذ المتوفى معها"، ثم بكت وهي تقول: "لا يوجد أغلى من الضنا"، مؤكدة أن ابنها لم يتسبب في مضايقتها في يوم من الأيام.
أما نورا شقيقة سمير والتي جلست تبكي على مدخل المنزل، فتؤكد لـ"العربي الجديد" أن شقيقها طيب وحنون، مستنكرة إطلاق النار من جنود الاحتلال دون سبب بعد أن اعتقلت نجله.
وشيع أهالي مخيم قلنديا جثمان سمير بجنازة شارك بها المئات وعدد من المسلحين الملثمين، حاملين الجثمان المزين بعلم فلسطين على الأكتاف، وقد انطلق الموكب الجنائزي من مجمع فلسطين الطبي في رام الله بالمركبات، ثم ودعته والدته وقريباته داخل منزل والده، قبل أن يوضع في مسجد المخيم ليودعه أهالي المخيم، وتنطلق بعد صلاة ظهر الخميس، جنازته إلى مقبرة المخيم التي دفن فيها.
وسمير هو الشهيد السادس من مخيم قلنديا شمال القدس، منذ بداية العام 2022، حتى الآن، كما أنه منذ بداية العام الحالي 2023، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين في مختلف محافظات الضفة الغربية 12 شهيدا.