أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد في الأردن، سميح بينو، إن الهيئة استطاعت وضع عدد من كبار المتنفذين خلف القضبان بسبب الفساد، الامر الذي ساهم في التخفيف من الاثار السيئة على الاقتصاد، وقال في مقابلة لـ "العربي الجديد": نعمل الان على تعزيز مبادىء النزاهة والمساءلة في المملكة عبر تشريعات واضحة. وهنا نص المقابلة
*يعتبر الفساد أحد معوقات التنمية، فكم يتكبد الاقتصاد الأردني من جراء الفساد؟ وما هي أسبابه الفعلية؟
نعم، من المعروف أن الفساد وكافة أشكاله وصوره هو من أبرز معوقات التنمية الشاملة في أية دولة في العالم. وباعتقادنا أن الفساد في كل الدول لا يأتي صدفة، وإنما يأتي جراء توافر بيئة حاضنة له، حيث تتشابك فيها المصالح وجشع الفاسدين والمفسدين. هؤلاء يسعون لنهب الثروات الوطنية، سواء كانت مالاً عاماً أو خاصاً. كما يسعون للاستثمار في المشروعات الكبيرة، ويشترون أسهماً في شركات تريد تنفيذ المشروعات الضخمة، ليمرروا فيما بعد صفقاتهم.
ويساعد أيضاً على انتشار الفساد قصور التشريعات الرادعة وانعدام أو ضعف المساءلة والرقابة. كما يساعد تدني دخل الناس وتفشي الأمية والفقر على توافر تلك البيئة الحاضنة. وفي الأردن عندما استشرى الفساد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أي خلال الفترة الممتدة بين عام 2000 إلى عام 2010، تعاظمت الجهود الوطنية الأردنية في ملاحقة الفاسدين وضبط وفضح ممارساتهم.
*هل نسبة الفساد متشابهة في القطاعين العام والخاص في الأردن؟
لا أخفيك علماً أن حجم الفساد في القطاع الخاص هو أكبر منه في القطاع العام، من حيث قيمة الأموال المنهوبة، رغم أن عدد الملفات القضائية المرتبطة بالقطاع الخاص أقل من ملفات الفساد في القطاع العام. وتتركز أوجه الفساد في القطاع الخاص في ارتكاب مجالس إدارات الشركات تجاوزات إدارية وقانونية ومالية، إضافة إلى تلاعب مجالس الإدارات بأموال المساهمين ونهبها، عن طريق شراء شركات وهمية، أو القيام بمشروعات وهمية بأموال صغار المساهمين.
*قلتم في أحد التصريحات إنكم قضيتم على أكثر من 90% من قضايا الفساد الموجودة في القطاع الخاص، فماذا عن القطاع العام؟
لم أقل إننا قضينا على 90% من قضايا الفساد في القطاع الخاص، وإنما قلت غير مرة إننا أوقفنا الفساد في هذا القطاع بنسبة تفوق 90%. وبالنسبة للقطاع العام فقد بلغ عدد قضاياه الواردة إلى الادعاء العام المنتدب السنة الماضية نحو 108 قضايا. توزعت القضايا ما بين إساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة والمساس بالمال العام والوساطة والاختلاس. وبلغ عدد التهم الناتجة عنها 81 تهمة، وهناك حتى الآن 47 قضية ما زالت قيد النظر بحيثياتها.
وما زالت الهيئة ترى في التحري عن الفساد المالي والإداري والكشف عن التجاوزات والمخالفات ضمن القطاع العام في مقدمة مهامها. ولذلك تجري تحريات مستمرة وتتابع أية قضية تصلها معلومات عنها على هذا الصعيد، وتقوم بملاحقة هذه القضايا إلى حين الوصول إلى الحقائق المتعلقة بها.
وبالتوازي مع ذلك، تسهم الهيئة مع شركائها في تطوير وتنفيذ سياسات فاعلة لترسيخ مبادئ النزاهة الوطنية، ووضع آليات عمل فاعلة قادرة على تجفيف منابع الفساد والحد من انتشاره داخل المجتمع الأردني.
*التهرب الضريبي عبارة عن سرقة المال العام، كيف تواجهون هذه المعضلة؟ وهل يندرج في هذا الإطار عدم إفصاح المسؤولين عن المداخيل أيضاً؟
التهرب الضريبي شكل من أشكال الفساد لأنه اعتداء على حق الخزينة في تحصيل الأموال المتأتية من أرباح الشركات والأفراد. وعلى هذا الصعيد نتعاون مع دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، ونساعدها في كشف المتهربين من دفع الضريبة، أو المتحايلين الذين يحاولون أن يفلتوا من أداء واجباتهم الضريبية. وأحياناً نساعد دائرة الضريبة والدخل من خلال الضابطة العدلية عندنا في ضبط الوثائق والكشوفات المطلوبة ليتم تحديد حجم التهرب الضريبي الواقع في قضية ما.
كذلك، إن عدم الإفصاح عن المداخيل المالية، أيضاً جريمة يعاقب عليها القانون، إذا لم يفصح المسؤول عن ذمته المالية عند تسلمه وظيفة حكومية أو إذا امتنع عنها، وبالتالي فإن هذا الموضوع يرتبط أيضاً بالفساد وبمكافحته.
*تعتبر سنوات الخصخصة 2000-2010 من المراحل المهمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الأردن، وهناك من يعتبرها تجربة مرة أسهمت في تفشي الفساد وتدهور أوضاع قطاعات مختلفة من المجتمع، ما رأيكم؟
نعم هذه الحقبة الممتدة من عام 2000 حتى 2010، هي مرحلة تفشى فيها الفساد والواسطة والمحسوبية، وأثرت سلباً على النسيج الاجتماعي وغذّت الفكر المتطرف وأعطت مبررات لتنامي الاحتجاجات وزيادة الحراك في الشارع. وقد تم تشكيل فرق في الهيئة لدراسة توجيهات اللجنة الملكية، التي قامت بدراسة وتقييم تجربة الخصخصة. وسواء كانت توصيات إيجابية أو سلبية، يمكن التعرف على أوجه الفساد التي شابت خصخصة بعض القطاعات في المملكة.
من المعروف بأن الاستثمارات الأجنبية تحتاج إلى وجود شفافية وحاكمية رشيدة وقضاء مستقل، أين أصبح الأردن على هذا الصعيد؟
يُسجل الأردن في كل يوم خطوات متقدمة على هذه الصُعد، ويسعى بكل السبل لترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، وتأكيد الحرص على استقلال القضاء.
وقد أنهت لجنة ملكية قبل عدة أشهر برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور، بعد مشاورات مع ممثلي كافة القطاعات الرسمية والأهلية، وضع ميثاق للنزاهة مع وضع خطة تنفيذية للنزاهة الوطنية. والآن تعمل لجنة ملكية جديدة تضم ممثلين من القطاعين الرسمي والأهلي، ومنظمات المجتمع المدني على وضع مسودة مشروع قانون للنزاهة الوطنية، يرسم أدوار هذه القطاعات والفاعليات في وضع أسس النزاهة الوطنية المبنية على الشفافية والمساءلة.
أما على صعيد الاستثمارات، فإن الأردن يعمل ومنذ سنوات على تذليل كل الصعوبات والمعوقات أمام المستثمرين العرب والأجانب والأردنيين، وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاح استثماراتهم ولاستقطاب استثمارات ومشاريع جديدة.
*هل تعتقد بأن للفساد انعكاسات سلبية على حجم الأعمال في الأردن؟
نحن في الهيئة، ومن خلال عملنا في ملاحقة الفاسدين وتقديمهم إلى القضاء، استطعنا أن نوفر بيئة استثمارية نظيفة. كذلك نحرص على التواصل مع الملحقين التجاريين العرب والأجانب المعتمدين في المملكة، وقد التقيناهم في الهيئة على مدار ثلاثة أيام في فترة سابقة، أطلعناهم فيها على الإنجازات والجهود التي تبذلها الهيئة في ملاحقة الفاسدين، وفي تذليل الصعوبات التي تعيق الاستثمار في المملكة. وطلبنا منهم إبلاغ الهيئة عن كل المشكلات التي قد تواجه مستثمري بلادهم، لنقوم بدورنا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لحلها وتذليلها.
*هناك من يتحدث عن فساد سياسي، هل تعتقدون أنه توجد علاقة بين الفساد السياسي والفساد داخل المنظومة الاقتصادية في الأردن؟
الفساد التي تحاربه الهيئة وفق قانونها هو الفساد المالي والإداري، ولا تمتد اختصاصاتها إلى ما يُسمى بالفساد السياسي، فهذا النوع من الفساد تحكمه تشريعات أخرى.
*أحد نواب البرلمان الأردني صرح في إحدى الجلسات بأنه يمتلك أوراقاً تثبت وجود فساد في قطاع الطاقة، هل لديكم معلومات حول هذا الموضوع؟
لا علم لنا بما قاله النائب ولا يوجد لدينا ملف بهذا الخصوص، ونتمنى على سعادة النائب تزويدنا بهذا الملف لدراسته، والتأكد من توافر شبهة الفساد التي يتحدث عنها سعادته.
*من المؤكد بأن مكافحة الفساد تحتاج للإرادة السياسية، وفي أحد تصريحاتكم قلتم: "من كان يتوقع أن تجري محاكمة هؤلاء"، في إشارة إلى بعض المتنفذين الكبار، هل نفهم من ذلك ان القرار السياسي قد اتخذ؟
توجد في الأردن إرادة سياسية لمكافحة الفساد، وتجفيف منابعه وملاحقة الفاسدين أينما وجدوا وحيثما كانوا، وكان ذلك منذ تسلم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية عام 1999. ولم تخل خطاباته وتوجيهاته إلى الحكومات المتتابعة من التأكيد على ضرورة محاربة الفساد والفاسدين. وفي عام 2005 طلب من الحكومة العمل على إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد واجتثاثه من جذوره. وفعلاً قامت الحكومة بإصدار قانون هيئة مكافحة الفساد في شهر يونيو/حزيران 2006، والذي أجريت عليه عام 2012 وعام 2014 تعديلات ضرورية استدعتها المستجدات وكشف أهميتها تطبيقه ولتتواءم أحكامه مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.
*يسجل لإدارة مكافحة الفساد أنها تصدت لشخصيات كبيرة استغلت نفوذها، في وقت أعلنتم فيه أكثر من مرة بأن هناك قضايا فساد لم تحسم بعد، هل لكم أن توضحوا لنا السبب؟
ما أسميته تصدي الهيئة لمتنفذين كبار، هو صحيح، والآن بعضهم وراء القضبان، والبعض فار من وجه العدالة إلى خارج المملكة الأردنية. أما لماذا هناك بعض قضايا الفساد لم تُحسم بعد، فإن الأمر قد يكون لفرار المتهمين أو لعدم استكمال بعض الوثائق والمعززات، أو لعدم العثور على بعض الشهود لأنهم خارج أرض الوطن. .. أو لأن بعض القضايا ما زال موجوداً لدى القضاء وهو صاحب الأمر في تفسير وبيان أسباب التأخير في البت بها.
*سبق وأكدتم أنكم أوجدتم في المملكة ربيعاً عربياً خاصاً، هل لكم أن تصفوه لنا؟
نعم لقد أَوجد الأردن ربيعاً عربياً خاصاً به، لأنه بدأ بمسيرة الإصلاح في مرحلة مبكرة من هذا القرن، قبل انطلاق الربيع العربي بأربع أو خمس سنوات. فشرارة الربيع العربي انطلقت أواخر عام 2011، لكننا سبقناه بأعوام طويلة. ويسعدني أن أقول هنا إن ربيعنا الأردني يسير بخطى متأنية تراعي ظروفنا الاقتصادية المحلية وتأخذ بالاعتبار ما يجري حولها.
نعم، من المعروف أن الفساد وكافة أشكاله وصوره هو من أبرز معوقات التنمية الشاملة في أية دولة في العالم. وباعتقادنا أن الفساد في كل الدول لا يأتي صدفة، وإنما يأتي جراء توافر بيئة حاضنة له، حيث تتشابك فيها المصالح وجشع الفاسدين والمفسدين. هؤلاء يسعون لنهب الثروات الوطنية، سواء كانت مالاً عاماً أو خاصاً. كما يسعون للاستثمار في المشروعات الكبيرة، ويشترون أسهماً في شركات تريد تنفيذ المشروعات الضخمة، ليمرروا فيما بعد صفقاتهم.
ويساعد أيضاً على انتشار الفساد قصور التشريعات الرادعة وانعدام أو ضعف المساءلة والرقابة. كما يساعد تدني دخل الناس وتفشي الأمية والفقر على توافر تلك البيئة الحاضنة. وفي الأردن عندما استشرى الفساد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أي خلال الفترة الممتدة بين عام 2000 إلى عام 2010، تعاظمت الجهود الوطنية الأردنية في ملاحقة الفاسدين وضبط وفضح ممارساتهم.
*هل نسبة الفساد متشابهة في القطاعين العام والخاص في الأردن؟
لا أخفيك علماً أن حجم الفساد في القطاع الخاص هو أكبر منه في القطاع العام، من حيث قيمة الأموال المنهوبة، رغم أن عدد الملفات القضائية المرتبطة بالقطاع الخاص أقل من ملفات الفساد في القطاع العام. وتتركز أوجه الفساد في القطاع الخاص في ارتكاب مجالس إدارات الشركات تجاوزات إدارية وقانونية ومالية، إضافة إلى تلاعب مجالس الإدارات بأموال المساهمين ونهبها، عن طريق شراء شركات وهمية، أو القيام بمشروعات وهمية بأموال صغار المساهمين.
*قلتم في أحد التصريحات إنكم قضيتم على أكثر من 90% من قضايا الفساد الموجودة في القطاع الخاص، فماذا عن القطاع العام؟
لم أقل إننا قضينا على 90% من قضايا الفساد في القطاع الخاص، وإنما قلت غير مرة إننا أوقفنا الفساد في هذا القطاع بنسبة تفوق 90%. وبالنسبة للقطاع العام فقد بلغ عدد قضاياه الواردة إلى الادعاء العام المنتدب السنة الماضية نحو 108 قضايا. توزعت القضايا ما بين إساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة والمساس بالمال العام والوساطة والاختلاس. وبلغ عدد التهم الناتجة عنها 81 تهمة، وهناك حتى الآن 47 قضية ما زالت قيد النظر بحيثياتها.
وما زالت الهيئة ترى في التحري عن الفساد المالي والإداري والكشف عن التجاوزات والمخالفات ضمن القطاع العام في مقدمة مهامها. ولذلك تجري تحريات مستمرة وتتابع أية قضية تصلها معلومات عنها على هذا الصعيد، وتقوم بملاحقة هذه القضايا إلى حين الوصول إلى الحقائق المتعلقة بها.
وبالتوازي مع ذلك، تسهم الهيئة مع شركائها في تطوير وتنفيذ سياسات فاعلة لترسيخ مبادئ النزاهة الوطنية، ووضع آليات عمل فاعلة قادرة على تجفيف منابع الفساد والحد من انتشاره داخل المجتمع الأردني.
*التهرب الضريبي عبارة عن سرقة المال العام، كيف تواجهون هذه المعضلة؟ وهل يندرج في هذا الإطار عدم إفصاح المسؤولين عن المداخيل أيضاً؟
التهرب الضريبي شكل من أشكال الفساد لأنه اعتداء على حق الخزينة في تحصيل الأموال المتأتية من أرباح الشركات والأفراد. وعلى هذا الصعيد نتعاون مع دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، ونساعدها في كشف المتهربين من دفع الضريبة، أو المتحايلين الذين يحاولون أن يفلتوا من أداء واجباتهم الضريبية. وأحياناً نساعد دائرة الضريبة والدخل من خلال الضابطة العدلية عندنا في ضبط الوثائق والكشوفات المطلوبة ليتم تحديد حجم التهرب الضريبي الواقع في قضية ما.
كذلك، إن عدم الإفصاح عن المداخيل المالية، أيضاً جريمة يعاقب عليها القانون، إذا لم يفصح المسؤول عن ذمته المالية عند تسلمه وظيفة حكومية أو إذا امتنع عنها، وبالتالي فإن هذا الموضوع يرتبط أيضاً بالفساد وبمكافحته.
*تعتبر سنوات الخصخصة 2000-2010 من المراحل المهمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الأردن، وهناك من يعتبرها تجربة مرة أسهمت في تفشي الفساد وتدهور أوضاع قطاعات مختلفة من المجتمع، ما رأيكم؟
نعم هذه الحقبة الممتدة من عام 2000 حتى 2010، هي مرحلة تفشى فيها الفساد والواسطة والمحسوبية، وأثرت سلباً على النسيج الاجتماعي وغذّت الفكر المتطرف وأعطت مبررات لتنامي الاحتجاجات وزيادة الحراك في الشارع. وقد تم تشكيل فرق في الهيئة لدراسة توجيهات اللجنة الملكية، التي قامت بدراسة وتقييم تجربة الخصخصة. وسواء كانت توصيات إيجابية أو سلبية، يمكن التعرف على أوجه الفساد التي شابت خصخصة بعض القطاعات في المملكة.
من المعروف بأن الاستثمارات الأجنبية تحتاج إلى وجود شفافية وحاكمية رشيدة وقضاء مستقل، أين أصبح الأردن على هذا الصعيد؟
يُسجل الأردن في كل يوم خطوات متقدمة على هذه الصُعد، ويسعى بكل السبل لترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، وتأكيد الحرص على استقلال القضاء.
وقد أنهت لجنة ملكية قبل عدة أشهر برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور، بعد مشاورات مع ممثلي كافة القطاعات الرسمية والأهلية، وضع ميثاق للنزاهة مع وضع خطة تنفيذية للنزاهة الوطنية. والآن تعمل لجنة ملكية جديدة تضم ممثلين من القطاعين الرسمي والأهلي، ومنظمات المجتمع المدني على وضع مسودة مشروع قانون للنزاهة الوطنية، يرسم أدوار هذه القطاعات والفاعليات في وضع أسس النزاهة الوطنية المبنية على الشفافية والمساءلة.
أما على صعيد الاستثمارات، فإن الأردن يعمل ومنذ سنوات على تذليل كل الصعوبات والمعوقات أمام المستثمرين العرب والأجانب والأردنيين، وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاح استثماراتهم ولاستقطاب استثمارات ومشاريع جديدة.
*هل تعتقد بأن للفساد انعكاسات سلبية على حجم الأعمال في الأردن؟
نحن في الهيئة، ومن خلال عملنا في ملاحقة الفاسدين وتقديمهم إلى القضاء، استطعنا أن نوفر بيئة استثمارية نظيفة. كذلك نحرص على التواصل مع الملحقين التجاريين العرب والأجانب المعتمدين في المملكة، وقد التقيناهم في الهيئة على مدار ثلاثة أيام في فترة سابقة، أطلعناهم فيها على الإنجازات والجهود التي تبذلها الهيئة في ملاحقة الفاسدين، وفي تذليل الصعوبات التي تعيق الاستثمار في المملكة. وطلبنا منهم إبلاغ الهيئة عن كل المشكلات التي قد تواجه مستثمري بلادهم، لنقوم بدورنا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لحلها وتذليلها.
*هناك من يتحدث عن فساد سياسي، هل تعتقدون أنه توجد علاقة بين الفساد السياسي والفساد داخل المنظومة الاقتصادية في الأردن؟
الفساد التي تحاربه الهيئة وفق قانونها هو الفساد المالي والإداري، ولا تمتد اختصاصاتها إلى ما يُسمى بالفساد السياسي، فهذا النوع من الفساد تحكمه تشريعات أخرى.
*أحد نواب البرلمان الأردني صرح في إحدى الجلسات بأنه يمتلك أوراقاً تثبت وجود فساد في قطاع الطاقة، هل لديكم معلومات حول هذا الموضوع؟
لا علم لنا بما قاله النائب ولا يوجد لدينا ملف بهذا الخصوص، ونتمنى على سعادة النائب تزويدنا بهذا الملف لدراسته، والتأكد من توافر شبهة الفساد التي يتحدث عنها سعادته.
*من المؤكد بأن مكافحة الفساد تحتاج للإرادة السياسية، وفي أحد تصريحاتكم قلتم: "من كان يتوقع أن تجري محاكمة هؤلاء"، في إشارة إلى بعض المتنفذين الكبار، هل نفهم من ذلك ان القرار السياسي قد اتخذ؟
توجد في الأردن إرادة سياسية لمكافحة الفساد، وتجفيف منابعه وملاحقة الفاسدين أينما وجدوا وحيثما كانوا، وكان ذلك منذ تسلم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية عام 1999. ولم تخل خطاباته وتوجيهاته إلى الحكومات المتتابعة من التأكيد على ضرورة محاربة الفساد والفاسدين. وفي عام 2005 طلب من الحكومة العمل على إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد واجتثاثه من جذوره. وفعلاً قامت الحكومة بإصدار قانون هيئة مكافحة الفساد في شهر يونيو/حزيران 2006، والذي أجريت عليه عام 2012 وعام 2014 تعديلات ضرورية استدعتها المستجدات وكشف أهميتها تطبيقه ولتتواءم أحكامه مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.
*يسجل لإدارة مكافحة الفساد أنها تصدت لشخصيات كبيرة استغلت نفوذها، في وقت أعلنتم فيه أكثر من مرة بأن هناك قضايا فساد لم تحسم بعد، هل لكم أن توضحوا لنا السبب؟
ما أسميته تصدي الهيئة لمتنفذين كبار، هو صحيح، والآن بعضهم وراء القضبان، والبعض فار من وجه العدالة إلى خارج المملكة الأردنية. أما لماذا هناك بعض قضايا الفساد لم تُحسم بعد، فإن الأمر قد يكون لفرار المتهمين أو لعدم استكمال بعض الوثائق والمعززات، أو لعدم العثور على بعض الشهود لأنهم خارج أرض الوطن. .. أو لأن بعض القضايا ما زال موجوداً لدى القضاء وهو صاحب الأمر في تفسير وبيان أسباب التأخير في البت بها.
*سبق وأكدتم أنكم أوجدتم في المملكة ربيعاً عربياً خاصاً، هل لكم أن تصفوه لنا؟
نعم لقد أَوجد الأردن ربيعاً عربياً خاصاً به، لأنه بدأ بمسيرة الإصلاح في مرحلة مبكرة من هذا القرن، قبل انطلاق الربيع العربي بأربع أو خمس سنوات. فشرارة الربيع العربي انطلقت أواخر عام 2011، لكننا سبقناه بأعوام طويلة. ويسعدني أن أقول هنا إن ربيعنا الأردني يسير بخطى متأنية تراعي ظروفنا الاقتصادية المحلية وتأخذ بالاعتبار ما يجري حولها.