سلطات الاحتلال الإسرائيلي تلاحق نشطاء الحراكات في الداخل الفلسطيني

23 يناير 2022
استدعاءات وإقامة جبرية واعتقالات في حق النشطاء الفلسطينيين (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

تلاحق سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في الأسبوعين الأخيرين خاصة، نشطاء الحراكات في الداخل الفلسطيني، على أثر نشاطهم الوطني في الميدان، ومنهم من دُعي للتحقيق قبل المظاهرات وتم إبعاده، بينما فُرضت على آخرين الإقامة الجبرية، في محاولة لثني الناشطين عن نشاطهم.

واستهدفت سلطات الاحتلال عددا كبيرا من النساء الناشطات، اللواتي جرى استدعاؤهن إلى التحقيق، ومنهنّ من فُرضت عليهن الإقامة الجبرية في حراك الناصرة وحيفا.

وتنشط الحراكات في البلدات والمدن في الداخل الفلسطيني لتنظّم التظاهرات الوطنية الداعمة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والتحاماً مع أهالي القدس والشيخ جراح والنقب.

وقال منهل حايك، وهو ناشط وعضو في الحراك النصراوي الفلسطيني، لـ"العربي الجديد": "حققوا معنا أنا والناشطة هناء ظاهر، وحوّلوني إلى الحبس المنزلي مدة أسبوع، قبل أسبوع من التظاهرة تضامناً مع الأسرى والتحاماً مع النقب. كما منعت من استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، وأخذوا جوّالي. الاعتقالات جاءت محاولةً بائسةً من المؤسسة الصهيونية لثني الشباب والشابات عن نشطاهم وترهيبهم. يعتقدون أنّ الاعتقال يمكن أن يرهب الباقين. منذ هبة أيار/مايو في السنة الماضية، هناك دماء تسيل، وهم يعتقلوننا بسبب خوفهم من حراك الناس".

من جهتها، قالت يارا غرابلي، لـ"العربي الجديد"، وهي من حراك يافا وجرى استدعاؤها للتحقيق معها: "استدعوني للتحقيق معي في 18 يناير/كانون الثاني، في محطة الشرطة بيافا بشارع سلمة، بعد تظاهرة. انتظروا انتهاء المظاهرة ليستفردوا بي. واحد من أهداف التحقيق كان ليعلموني أنهم يراقبونني ويعرفون ما أقوم به. طبعاً هدفهم هو أن يرهبونا ويكسروا عزيمتنا وإيماننا بما نناضل لأجله وتجريمنا".

وفي سياق متصل، قامت الأجهزة الأمنية بدعوة الفنانة رنا بشارة، الناشطة سياسياً، إلى التحقيق في حيفا.

وقالت بشارة لـ"العربي الجديد": "استدعائي في 19 يناير/كانون الثاني الماضي من قبل الشاباك لما سمي بالدردشة أو الاستفسار والتوضيح، وفي هذا التوقيت بالذات، هو محاولة غير بريئة للتخويف وزجّي في خانة الشك! ويستخدم الشاباك سياسة الترهيب هذه والملاحقة لردع الناشطات والناشطين في الحراكات السياسية والاجتماعية، وحتى الفنية. وهذا واضح، لأنّ الحراكات باتت تشكّل في السنوات الماضية مصدر قلق للمؤسسة الصهيونية، وذلك لقلّة نجاعة الأحزاب السياسية في إيجاد حلول جذرية لقضايانا الشائكة والملحة الكثيرة. أذكر هنا القليل منها، مثل قضية السلاح المنتشر والقتل وهدم البيوت والمصادرات والتهجير في الأغوار والنقب".

وأضافت بشارة: "فني وعروضي الفنية المحلية والعالمية هي في الوقفات والتظاهرات في الشارع وأمام السجون، لنصرة أبناء شعبي المظلوم الرازح تحت الاحتلال، وتحديداً الأسيرات والأسرى. هذه لغتي، وحقي في التعبير، ولن يثنيني عنها شيء، وهذا حقي الشرعي لأدافع عن وجودي ووجود شعبي الصامد في أرض الآباء والأجداد، لنعيش بحرية حقيقية وكرامة".

وصدر بيان عن الحراكات الوطنية في فلسطين التاريخية قبل يومين، جاء فيه: "محاولات الترهيب لن تزيدنا سوى إصراراً. على مدار الأسبوعين الماضيين، كثّفت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك من عمليات استدعاء الناشطات الفلسطينيات في مدن الداخل الفلسطيني، في حملات تراوحت بين ما أطلقت عليه السلطات صفة "التحقيق الاستيضاحي" والاعتقالات المباشرة، في النقب".

وأضاف البيان أنه "تم استدعاء خمس ناشطات فلسطينيات على الأقلّ من مدينة حيفا، إلى جانب ناشطتين من مديني يافا والناصرة. وفي حالة واحدة على الأقل، قامت الشرطة باقتياد إحدى الناشطات إلى التحقيق من منزلها والتحقيق معها مدّة 12 ساعة متواصلة، وفي حالتين اثنتين على الأقل، فرضت الشرطة الإقامة الجبرية على ناشطتين في كل من حيفا والناصرة. كما استخدم جهاز الشاباك قرار الإبعاد عن حيفا بحق الناشطة الأولى. ناهيك عن تنكيله بناشطة من مدينة يافا وأخرى من مدينة الناصرة. وإلى ذلك، فقد تمّ استدعاء أحد الناشطين في حراك الناصرة وتم تحويله إلى الإقامة الجبريّة مدة خمسة أيام، ومنعه من التواصل مع رفاقه في الحراك".

وأضاف البيان: "ما يميّز حملة الاستدعاءات الأخيرة هو استهدافها النساء بصورة شبه حصرية، وقد كشفت شهادات بعض من تمّ التحقيق معهنّ بأن ما حدث معهنّ لم يكن تحقيقاً استيضاحياً بالمطلق، بل كان جلسات تهديد ووعيد، في محاولة لثنيهنّ عن ممارسة النشاط الوطني. كما تحدّثت الشهادات عن محاولة ترهيب أهالي الفتيات للضغط عليهنّ وإبعادهنّ عن المشاركة في العمل الوطني".

وتابع البيان: "إنّ جهاز الشاباك الذي يجرجر خيبته في شوارع مدننا وبلداتنا العربية، منذ هبّة أيار، يدرك تماماً الدور الطليعي والوطني والمسؤول الذي تقوم به ناشطاتنا، وهو يحاول (الاسترجال) عليهنّ عبر الضغط عليهنّ بكافة الوسائل، ولا يأنف من استخدام أسلوب ابتزاز النساء وتهديدهن بهدف قمع المجتمع، وهي محاولة ترهيب مضاعفة، ومحاولة لتحويل نشاط النساء السياسي إلى قضية محاسبة مجتمعية، ومراهنة على خلق تحالف بين القيم الذكورية والاحتلال، وهو لا يصبّ في نهاية المطاف في "السيطرة" على النساء وحدهن، بل إلى السيطرة على المجتمع ككل. ليس من الغريب أن يحاول الاحتلال استخدام أدوات ذكورية في صبّ محاولاته البائسة على النساء، بالأساليب المعتادة، وليس من الغريب أيضاً أن يطلق حملته الأخيرة في ظلّ تصاعد حملات التضامن مع الأسرى والنقب، هذا هو المتوقع من الجهاز الذي يواصل التعثّر في شوارعنا، وفقد هيبته في عيون شبابنا وصبايانا".

وأشار إلى أن "محاولة ملاحقة النساء تأتي في سياق محاولة ضرب التحرّك السياسي الأوسع في فلسطين التاريخية، والتركيز على النساء يؤكد أن نساءنا الفلسطينيات في مقدمة النضال والتحركات الجماهيرية، وهذا الدور الطليعي النسوي في النضال هو وليد المراكمة الكفاحية النسوية خلال السنوات الماضية".

وختم البيان: "إننا نؤكد أنّ جميع محاولات الترهيب لن تفعل سوى فضح الوجه الحقيقي لأذرع الأمن الإسرائيلي، أمّا مسألة ترهيبنا، فهذه نتركها للميدان الذي سنواصل الحشد إليه في كل مرة يدعونا فيها الواجب".

المساهمون