يحمل سكان إدلب في شمال غرب سورية، الكثير من الهموم المعيشية اليومية، والنقل أحدها، فتأمين سيارة من منطقة إلى أخرى تحوّل إلى عبء مكلف جراء ارتفاع أجور النقل وقلة عدد الركاب الذين باتوا يتقاسمون أجور الرحلة.
"لا وسائل نقل جماعية داخل مدينة إدلب، وهذا يدفع الغالبية العظمى إلى الاعتماد على أرجلهم"، بحسب أبو محمد حاج علي (33 عاماً)، الذي يقيم في إدلب، قائلاً، لـ"العربي الجديد": "أنا وكثير من أمثالي نادراً ما نفكر في أن نستقل سيارة أجرة، طبعاً السبب الرئيسي هو تردي الوضع الاقتصادي، فبدل أن أدفع إيجار سيارة لتنقلني مئات الأمتار، أفضّل المشي وإن استغرق المشوار المزيد من الوقت، في حال لم أكن أحمل شيئاً ثقيلاً"، متابعاً "واقع النقل قبل الثورة 2011 كان سيئاً في المدينة، حيث لا وسائل نقل جماعي تخفف عن الأهالي من أعباء الحياة، وقد زاد الأمر سوءاً الآن".
وأضاف "هناك وسائل نقل عامة بين إدلب وعدد من المناطق، لكن هناك مناطق تفتقر إليها، ما يضطر الأهالي إما لاستئجار سيارة أو انتظار سيارات العابرين علهم ينقلونهم معهم".
ولفت إلى أنه "في حال وجود موظفين في الحي أو طلاب، فغالباً ما يقومون بالاتفاق مع سائق سرفيس أو سيارة أجرة، ليقوم بنقلهم بشكل يومي، أما أن يقف الشخص على قارعة الطريق وينتظر مرور باص أو سيارة، فقد ينتظر طويلاً ولا يصادف أي وسيلة نقل".
بدوره، قال عمار سفلو "إنّ الخروج من مدينة إدلب أضحى هماً كبيراً بالنسبة لي"، موضحاً "عندما أكون مضطراً للخروج من المدينة، أقوم باستئجار سيارة، وإلا سأقضي ساعات على الطريق، في حين أنّ استخدام سيارة الأجرة عبء يكلف المال والوقت".
وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أزمة النقل ليست وليدة اليوم، بل هي قديمة جداً، ولم يتم إيجاد حل لها"، معتبراً أنه "من الحلول المتاحة للنقل بين المناطق، إنشاء كراج انطلاق توزع عبره الباصات لخدمة جميع المناطق بالريف وبشكل عادل".
في المقابل، قال عماد دنوني، وهو سائق سرفيس يقيم في إدلب: "يوجد بشكل عام وسائل نقل، إلا أنها مكلفة بسبب غلاء الوقود، كما تختلف تعرفة النقل بحسب عدد الركاب، فإن كانت هناك مقاعد فارغة في الباص، سيتحمل الركاب أجرة تلك المقاعد، أو عليهم الانتظار حتى يأتي ركاب، والتسعيرة يضعها مكتب الدور بالنهاية".
وذكر أنّ "أهالي مدينة إدلب غالباً ما يعتمدون على سيارات الأجرة، التي تتقاضى بحدود خمس ليرات تركية مقابل الطلب الواحد، وقد تكلف أكثر من ذلك إذا كان الطلب على أطراف المدينة".
ولفت إلى أنّ "كثيراً من الأشخاص لا يركبون سيارة أجرة أو حتى باص، بل ينتقلون عبر السيارات العابرة، حيث تكون مجانية، وإن كان الأمر سيحتاج لوقت طويل وللركوب في أكثر من سيارة، وكل ذلك بسبب الفقر وغلاء الأسعار".
واعتبر أنّ "حق السائقين دائماً مغبون وضائع، الناس تحمّلنا مسؤولية الأجور المرتفعة للسيارات، لكن الحقيقة نحن نتحمل الكثير من الأعباء المالية، كتكاليف الإصلاح وقطع الغيار، في حين يعتبر غلاء الوقود في المرتبة الثانية، ونحن ككل الأهالي نعاني من الغلاء، الذي طاول كل شيء، كما نعاني من الفقر والعجز عن تأمين حاجات عائلاتنا، حالنا حال غالبية سكان إدلب".
يشار إلى أن أكثر من مليوني شخص يعيشون في إدلب، غالبيتهم نازحون ومهجرون من محافظات سورية أخرى جراء العمليات العسكرية التي شنها النظام والروس والإيرانيون على مناطقهم، ويعانون من الفقر المدقع وعدم توفر فرص العمل.