سرعات الطيور... هذا جديدها

25 اغسطس 2021
لا يستطيع صقر الشاهين مجاراة الطيور العشرة الأولى في الطيران الأفقي (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

 

بعدما كانت طرق قياس سرعة الطيور تتمّ عبر احتساب المسافة الأرضية المقطوعة خلال فترة زمنية محددة، تطوّرت لتصبح من خلال دراسة بيانات رادارات المتابعة ثمّ استخدام رادار دوبلر (بتقنية التخطيط فوق الصوتي) الخاص بقياس سرعة السيارات، قبل أن تتطوّر بدورها معرفة السرعات التي تتمتّع بها أنواع الطيور.

نشاهد لدى الطيور بكلّ أشكالها وأحجامها، مجموعة متنوعة من القدرات البدنية، مثل القدرة على الطيران أو الركض أو الغوص في الهواء والماء، كذلك نشاهد لديها اختلافات بمعدلات السرعة. على سبيل المثال، من الممكن أن تصل سرعة صقر الشاهين إلى 386 كيلومتراً في الساعة أثناء الغوص في الهواء من خلال استخدام جناحَيه الطويلَين المدبّبَين اللذَين يميّزان الصقور عن البواشق التي تتمتّع بأجنحة مستديرة نوعاً ما، أي أنّها غير مدبّبة وتساعدها بالتالي على المناورة والصيد في الغابات. وصقر الشاهين يمرّ أثناء الهجرة في منطقة الشرق الأوسط، لكنّه وبحسب ما يُعرف عنه يمضي الشتاء في مناطق معيّنة، مثل مدينة بيروت حيث يعيش على اصطياد الحمام على سطوح الأبراج العالية. في كلّ الأحوال، لا يستطيع صقر الشاهين مجاراة الطيور العشرة الأسرع عند الطيران الأفقي (أي غير الغوص في الهواء) إذ لا تتعدى سرعته 65 كيلومتراً في الساعة، علماً أنّ المتخصصين في مجال الصقور يصفونه بقصير النفس عندما يلاحق طائر الحبارى، فيما يصفون الصقر الحر بأنّه طويل النفس. وتساعد الصقورعلى التنفس العادي أثناء الغوص السريع، درنات مخروطية في فتحة الأنف والتي تبعثر أو تبدد ضغط الهواء العالي منعاً لدخوله إلى الجسم. وتلك الدرنات هي التي ألهمت علماء الطيران لاستخدام المخروط في المولّدات النفاثة لتبديد ضغط الهواء للسبب نفسه.

ويلي صقر الشاهين في سرعة الغوص العقاب الذهبي وهو ثاني أكبر أنواع العقبان في الشرق الأوسط، إذ يبلغ طول جناحَيه من طرف إلى آخر 210 سنتيمترات. وتبلغ سرعة هذا العقاب القاطن والمعشش في لبنان 322 كيلومتراً في الساعة. ويلي هذا العقاب سرعةً أكبر أنواع الصقور الذي يُطلق عليه اسم صقر الجير ومصدره البلاد الاسكندينافية، وتصل سرعته إلى 210 كيلومترات في الساعة. ومن أجل الحصول على صقر سريع وجسور بدرجة عالية، تمّ تفريخ هجين من خلال صقر الشاهين وصقر الجير، لكنّه لا يستطيع تحقيق الاستدامة لكونه هجيناً.

أمّا النوع السريع الرابع فهو الخطاف أبيض الصدر دبوسي الذيل الذي ينتمي إلى سمامات شرقي آسيا وتبلغ سرعته 169 كيلومتراً في الساعة، فيما تبلغ سرعة السمامات الأخرى 70 كيلومتراً في الساعة. ويتبع صقر شوَيهين وهو تصغير لاسم شاهين السمامة دبوسية الذيل لجهة السرعة، وهو صقر تصل سرعته إلى 160 كيلومتراً في الساعة. ويُعرف عنه أنّه يفرّخ كذلك في بعض مناطق الشرق الأوسط، منها لبنان ويمر بها أثناء الهجرة. ولعلّ أفضل أماكن تعشيشه كما سُجّلت هي على أشجار الأرز.

من جهته، فإنّ طائر الفرقاط الذي يغيب عن مناطق الشرق الأوسط، ونجده في مناطق المحيطات المدارية وشبه المدارية، له جناحان يفوق طولهما معاً جناحَي العقاب الذهبي، أي 2.3 متر، فيما تصل سرعته إلى 152 كيلومتراً في الساعة. وهو طائر بحري بامتياز لأنّه لا يطأ اليابسة إذ يصعب عليه المشي إلا للراحة أو التفريخ. وبخصوص طائر ألباتروس (قطرس) رمادي الرأس الذي يألف المحيطات الجنوبية وصولاً إلى أوّل القطب، فله جناحان يصل طولهما معاً إلى 2.2 متر، يساعدانه على التوازن عندما يركب العواصف القطبية ليزيد سرعته من 109 كيلومترات في الساعة إلى 127.

موقف
التحديثات الحية

عندما تعرّفتُ على الإوزّ أبو ظفر الأفريقي في حدائق الحيوان أولاً ثمّ من خلال زيارتي لكينيا في عام 2011، لم أكن أعلم شيئاً عن سرعة هذا الطائر الذي يزن نحو سبعة كيلوغرامات فيما طول المسافة ما بين رأسَي الجناحَين يتراوح ما بين 150 سنتيمتراً و200. لكنّه تبيّن أنّه من أسرع طيور الإوزّ في العالم. وبما أنّه ينتمي إلى مجموعة البط الجواثم، فهو أسرعها كذلك إذ تصل سرعته إلى 142 كيلومتراً في الساعة. وهنا يبدو لي أنّه لا بدّ من الإشارة إلى أنّ ثمّة طيوراً لا تطير، مثل النعامة، قادرة على الركض بسرعة فائقة تصل إلى ما بين 72 و97 كيلومتراً في الساعة لتجنّب الحيوانات المفترسة الطبيعية. وهي سرعة مميتة في حال تعثّر الطائر وهو يركض. ويبقى أنّ ثمّة دراسات قليلة ومبعثرة تدلّ على أنّ معدّل سرعة طيران أنواع الطيور بمعظمها يتراوح ما بين 32 و65 كيلومتراً في الساعة.

*متخصص في علم الطيور البرية

المساهمون