أعلنت السلطات المصرية بدء أعمال ترميم محكمة استئناف الإسكندرية، والمعروفة شعبيا باسم "سراي الحقانية"، والتي تعد أقدم المحاكم المصرية، إذ أنشئت في عام 1876، في عهد الخديوي توفيق.
وذكر بيان لإدارة الآثار بالإسكندرية، أنه تم تدشين مشروع أثري شامل لترميم مبنى سراي الحقانية المسجل كأثر منذ عام 2001، لدرء المخاطر التي يتعرض لها، وبتكلفة إجمالية تصل إلى 150 مليون جنيه (نحو 5 مليارات دولار أميركي)، وأنه جرى تدبير الميزانية من وزارة السياحة والآثار.
وقال مساعد وزير السياحة والآثار المشرف على قطاع المشروعات، العميد هشام سمير، خلال جولة تفقدية في مبنى المحكمة، إنها تعتبر قيمة تاريخية وأثرية بالغة الأهمية، وإنّ أعمال الترميم ودرء الخطورة سوف تتم على مرحلتين، الأولى هي مرحلة الصلب والتدعيم والترميم، وتستغرق قرابة العامين، والثانية هي مرحلة التشغيل في ضوء إعادة توظيف المبنى بعد الترميم، وتستغرق قرابة العام.
وأشار سمير إلى أن "العمل متوقف في ترميم المحكمة منذ عام 2011 بسبب التمويل، لكن بعد تدبير المبلغ، تم إسناد أعمال المشروع إلى إحدى الشركات الوطنية المتخصصة، والتي ستتولى معالجة التشققات والتصدعات الخطيرة بالمبنى الأثري".
والمبنى التاريخي معرض لخطر الانهيار بسبب وجود تصدعات كبيرة في الجدران والأسقف، وبعد توقف مشروع الترميم بسبب نقص التمويل، طالبت لجنة الثقافة والآثار والإعلام بمجلس الشيوخ، بسرعة وضع جدول زمني للانتهاء من إجراءات الترميم.
وقال مدير عام آثار الإسكندرية الإسلامية والقبطية واليهودية، محمد متولي، إن "سرايا الحقانية يعد من أهم المواقع الأثرية بالمحافظة، وتم تسجيله كأثر إسلامي، وهو من أقدم المحاكم المصرية، ومقتنيات المبنى وقيمته التاريخية لا تقدر بثمن. بدأ إنشاء سراي الحقانية في عام 1884، وانتهى بناؤه في عام 1886، في عهد الخديوي توفيق الذي تولى الحكم بعد والده الخديوي إسماعيل، وعقدت أول جلسة محاكمة فيه في العام التالي 1887، وعمر المبنى حالياً يتجاوز 136 سنة، وأحدث تجديد له تم في عام 1936".
وأضاف متولي: "داخل مبنى المحكمة متحف يضم مقتنيات خاصة بوزارة العدل، تحكي تفاصيل حقبة مهمة من تاريخ القضاء المصري، وعددا من أشهر القضايا، كما يضم العديد من الوثائق النادرة والمستندات الأصلية لمحاكمات شهيرة، وكتبا تاريخية، وسجلات تتضمن أحكام قضاة المحاكم المختلطة منذ عام 1876 حتى عام 1950، وكلها مكتوبة بخط يد القضاة، ونماذج لتوقيعات حكام المماليك بواقع 904 سجلات أحكام، ومائة ختم، و1200 قرار ملكي (فرمان) تعود إلى عصر محمد علي باشا، أو صادرة من عاصمة الخلافة العثمانية الأستانة".
يتابع: "يضم المتحف 1300 خريطة لعموم مساحة جمهورية مصر العربية، فضلاً عن 5400 كتاب، من بينها مجموعات قانونية فرنسية، وأخرى بلغات عدة، وبعضها يعود تاريخه إلى عام 1820، بالإضافة إلى مقتنيات وقطع أثرية، من بينها سيوف، والميزان، وهو رمز العدالة، وخاتم خاص بالملك فؤاد، وساعات قديمة نادرة، وعدد من اللوحات الفنية لكبار فناني العالم بعضها لا يقدر بثمن، من بينها لوحة للفنان تروجيه بول داخل إطار من الذهب الفرنسي، تعبر عن الديانة المسيحية في أوائل القرن الثامن عشر".
وتوضح مديرة مشروعات الوجه البحري في وزارة السياحة والآثار، نسرين الحناوي، أن "مبنى محكمة الحقانية موجود في وسط أشهر ميادين محافظة الإسكندرية، بمنطقة المنشية، وهو مدرج بمجلد الحفاظ على التراث المعماري الخاص بمحافظة الإسكندرية، والمعتمد بقرار رئيس الوزراء، وهو مبنى تابع لوزارة العدل".
مشيرة إلى أن "المحكمة تم بناؤها في قلب الميدان على الطراز الإيطالي، وصممه ألفونسو مانيسكالكو، والمبنى مستطيل الشكل، ومكون من خمسة طوابق متباينة الارتفاعات، وله أربع واجهات، ويزين أعلى المدخل الرئيسي واجهة بداخلها دائرة يحيط بها إكليل على شكل غصن زيتون، وبداخل الدائرة كتبت عبارة (العدل أساس الملك)، كما يعلو المدخل إطار مستطيل نقش فيه (سنة 1886 إفرنكية. سراي الحقانية. سنة 1303 هجرية)، وهو تاريخ افتتاح البناء".
وأكدت الحناوي أن "طريقة البناء المميزة التي ترجع إلى عصر أسرة محمد علي، تشمل وجود لوحة تأسيسية في واجهة المبنى تشير إلى اسمه وتاريخه، وطراز بناء المحكمة وزخارفها يشبه الطراز والزخارف التي كانت سائدة في أوروبا في ذلك الوقت، وهو الأسلوب المعماري الذي انتشر في مصر خلال عهد الخديوي إسماعيل".