يعتمد تقرير "المنبوذون والمنسيون في السجون المصرية... الجنائيون كنموذج"، الصادر عن الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، اليوم الاثنين، في منهجيته واستخلاص نتائجه على مقابلات مع 13 مشاركاً، من بينهم سجناء سابقون، وأهل متهمين في قضايا جنائية، فضلاً عن حقوقيين ومحامين.
يشرح التقرير في ثلاثة فصول، السياق العام لأوضاع السجناء الجنائيين في مصر، بداية من مرحلة الاشتباه، التي سماها التقرير "التعثر في الرادار الجنائي"، مروراً بالتجاوزات، وثغرات قانون الإجراءات الجنائية، ثم مرحلة الاتهام وما يشوبها من انتهاكات تشمل مضاعفة التهم أو تلفيق اتهامات جديدة، وسوء المعاملة، وسوء أوضاع الاحتجاز في أقسام الشرطة، والاعتداءات الجسدية، وصولاً إلى أنماط الحياة داخل السجون، وأنواع الانتهاكات داخلها، وحقوق السجناء القانونية المسلوبة.
يقول المدير التنفيذي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد النديم، لـ"العربي الجديد": "الهدف من التقرير تسليط الضوء على أماكن الاحتجاز، ورصد أوضاعها، والانتهاكات التي تجري داخلها، والتجاوزات على حقوق المحتجزين المنصوص عليها في لوائح السجون، أو في القوانين والمواثيق الدولية. هناك عدد كبير من المحتجزين الجنائيين، لكن لا يُسلَّط الضوء عليهم مقارنة بالسياسيين. يتعرض الجنائيون لانتهاكات مختلفة عما يتعرض له المحتجزون نتيجة نشاط أو رأي سياسي ممن يتم تكييف اتهاماتهم باعتبارها جنائية، وعادة ما تكون الانتهاكات بحق الجنائيين أكثر عنفاً".
يخالفه الرأي المحامي جمال عيد، ويقول لـ"العربي الجديد": "الانتهاكات تطاول الجميع، وتزداد حدتها بطبيعة الحال مع السجين السياسي حسب درجة رغبة السلطة في الانتقام منه، أو جعله عبرة لغيره. أمر معتاد أن نرى الوصمة المجتمعية للسجين الجنائي تبعاً لطبيعة الاتهامات الموجهة إليه، وحسب القانون، فلا فرق بين جنائي وسياسي، لكن هذا نظري فقط. يتم سجن المعتقل السياسي مع أقرانه من السياسيين إلا في حالات استثنائية، منها رغبة أجهزة الأمن أو إدارة السجن في التضييق عليه، فيتم وضعه مع سجناء جنائيين".
ويرد النديم، بأن "الانتهاكات بحق الجنائيين تبدأ في مرحلة مبكرة، وربما منذ الاشتباه فيهم، وقبل أن يصلوا إلى مرحلة الاحتجاز، ثم يواجهون انتهاكات أخرى يمكن وصفها بالجسيمة في مقار الاحتجاز. هناك مساحة غير آدمية للتعامل مع الجنائيين، تتجاوز أحياناً السياسيين، لأنه في مخيلة السلطة، هناك كلفة سياسية كبيرة في الانتهاكات بحق السياسيين، بينما الأمر مختلف مع الجنائيين، الذين تعتقد السلطات أن الكلفة السياسية للتعدي عليهم منعدمة".
وتوضح المحامية والناشطة السياسية، ماهينور المصري، لـ"العربي الجديد": "مع أي تغير في الأوضاع السياسية، يتغير أعداد المعتقلين السياسيين وأوضاعهم، فالأعداد تتزايد أو تنقص حسب الظرف الزمني، والأمر معتمد على فكرة المكاسب السياسية للسلطة، إذ يمكن توقيف أشخاص ثم الإفراج عنهم من أجل مكاسب إعلامية، ناهيك عن الترهيب الأمني للمجتمع، أما في ما يخص الجنائيين، فالكثيرين منهم في السجون بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، وغياب منظومة الحماية الاجتماعية، وهو ما يتحمل كلفته الأشخاص الأكثر فقراً، وسوء الأوضاع يدفع بعض الجنائيين إلى العمل داخل السجن، فتكاليف المعيشة داخل السجون مرهقة للجنائي أكثر من السياسي".
تضيف المصري، انطلاقاً من تجربتها الشخصية كمعتقلة سابقة: "الانتهاكات تختلف طبيعتها بين السجين الجنائي والسياسي، فهناك استسهال في التعامل العنيف مع الجنائيين، إذ الرائج أنهم لا يعرفون حقوقهم المنصوص عليها في القوانين ولوائح السجون، كذلك فإنهم لا يمتلكون أصواتاً تتحدث عنهم في الخارج، إلى جانب فقدانهم للتعاطف المجتمعي، وبالتالي يمكن تبرير العنف ضدهم، فيما يختلف وضع السجين السياسي قليلاً، نظراً لتدخل جهات مثل الأمن الوطني، وأحياناً المخابرات، فالقرار بشأن السياسيين ليس ملكاً للمباحث أو إدارة السجن وحدهما، كذلك هناك تغطية إعلامية، وفي بعض الأوقات لا ترغب السلطات في ضوضاء حقوق الإنسان، ورغم ذلك لا تخلو السجون السياسية من الانتهاكات".
تتابع الناشطة الحقوقية: "بعض السياسيين يكررون بتعالٍ أنه لا يصح التعامل معهم كمجرمين، وهذا أمر مزعج، فكأنهم لا يرفضون وجود انتهاكات في السجون، بل يرفضون أن تطاولهم تلك الانتهاكات. حسب القانون، لا يوجد فارق بين السياسي والجنائي، وهي مجرد تسميات وضعتها إدارة السجن، لكن عملياً هناك فروق كبيرة، لأن القانون لا وجود له"، على حد قولها.
🚨نشرت الجبهة المصرية اليوم تقريرًا بعنوان: "المنبوذون والمنسيون في السجون المصرية: #الجنائيون كنموذج" ويستعرض الأوضاع المعيشية والحياتية التي يختبرها الجنائيون في مقرات الاحتجاز والخروقات القانونية التي تُرتكب ضدهم منذ الاشتباه وصولا لمرحلة السجن
— Egyptian Front for Human Rights (@egyptian_front) April 10, 2023
للمزيد:https://t.co/EBg8kTDrYi pic.twitter.com/8l7Vprv8BH