سائقات ماهرات في القامشلي السورية

سائقات ماهرات في القامشلي السورية

19 أكتوبر 2022
من الشائع قيادة نساء سيارات في سورية (العربي الجديد)
+ الخط -

باتت مشاهدة قيادة المرأة سيارة مشهداً يومياً اعتيادياً ومألوفاً في غالبية شوارع وطرقات مدن وأرياف الجزيرة السورية، وهن لا ينحصرن في فئة معينة أو شريحة في حد ذاتها، وبينهن سيدات مسنّات وأخريات شابات يعكسن أيضاً تنوع السكان بين العرب والأكراد والسريان والأرمن، لكن ذلك لا يمنع مواجهتهن تحديات وصعوبات تتعلق بنظرة بعض شرائح المجتمع لهن. وهكذا لا تخلو مشاهدتهن على الطرقات من تعليقات ساخرة وبعض مظاهر التنمر.

تشجيع العائلة
تقول بهار مراد، وهي مدرسة تقيم في مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد": "لم أجد فعلياً أي مشكلة حقيقية في تعلم قيادة السيارة خلال فترة قصيرة والتكيف مع التجوّل على الطرقات وربما التعامل مع بعض المخالفات، وقد حصلت على تشجيع مثالي من عائلتي ووالدي، علماً أن كل شقيقاتي يقدن سيارات أيضاً، لكن يصادف أحياناً أن يتذمر سائقون آخرون من رؤيتي أقود سيارتي في الشارع، أو خلال توقفي عند شارة مرور أو وسط الازدحام، وهؤلاء ليسوا من الرجال فقط بل من النساء أيضاً، ويعبرون عن استنكارهم بحركات الأيدي أو بهز الرأس أو بإلقاء نظرات استغراب".
وتتحدث عن تجربتها في تعلم قيادة السيارة بالقول: "لا تجد النساء عموماً صعوبة في تعلم القيادة بمهارة عالية، لكنهن يعانين عموماً من ضعف معلوماتهن الخاصة بمسائل صيانة السيارات وأوضاعها الميكانيكية والتقنية، فهن لا يولين اهتماماً كبيراً بهذه الأمور، حتى في معالجة مشاكل بسيطة مثل مراقبة كميات الماء والزيت، ما يجعل السيارات تواجه مشاكل ميكانيكية وتقنية قد تتفاقم درجاتها بسبب الإهمال وقلة المعرفة".

أعطال ورعونة
من جهتها، تخبر كلبهار محمد "العربي الجديد" بأن أبرز الصعوبات التي تواجهها تتمثل في التعامل مع حالات الأعطال التي تجبرها على الذهاب إلى كراجات التصليح في المنطقة الصناعية، حيث يسمعها العاملون الرجال عبارات مثل القيادة ليست فقط الإمساك بمقود، أو من حسن الحظ أن السيارة لم تحترق، "ما يجعلني أستعين بالإنترنت للاطلاع على فيديوهات توضيحية تتعلق بصيانة السيارات. كما أواجه أحياناً رعونة بعض السائقين وقيادتهم بسرعات عالية على الطرق، وتعمدهم التجاوز لدى عبور منعطفات خطرة".

للعمل أيضاً
أما شيرين عبد الله، فتروي لـ"العربي الجديد" أنها تملك سيارة خاصة حوّلتها مع ظهور الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار إلى سيارة عمومية باتت تعمل عليها لتحصيل رزقها، "وقد طبعت بطاقات برقم هاتفي لعرض توفير خدمات توصيل خاصة، واخترت في البداية العمل مع أصدقائي ومعارفي، ثم انتقلت في مرحلة ثانية إلى تأمين طلبات توصيل النساء فقط مقابل أجر معين، لكنني أعاني من فقدان الوقود وارتفاع سعره، ما يضطرني إلى زيادة الأجرة".

الصورة
يمكن مصادفة سائقات كثيرات على الطرقات (العربي الجديد)
يمكن مصادفة سائقات كثيرات على الطرقات (العربي الجديد)

وعن نظرة المجتمع والناس لها وللمرأة التي تقود سيارة، تقول شيرين: "يظهر مجتمعنا انفتاحاً ويتقبل رؤية امرأة تقود سيارة، لكن استخدامي إياها للعمل مقابل أجر واتخاذي قيادة السيارة مهنة لكسب العيش لقي رفضاً وعدم قبول في البداية حين واجهت تعليقات ساخرة، لذا تخصصت لاحقاً في نقل النساء، لكنني أرى عموماً أن الفكرة مقبولة بين أفراد المجتمع، خاصة أن شرطة المرور في مناطقنا تضم عناصر كثيرة من النساء، ما يلاقي ارتياحاً لدى السائقات".

درجة الوعي
من جهته، يوضح محمود الإبراهيم، المقيم في مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد"، أنه شهد حالات تنمر من قيادة نساء سيارات في المدينة، "فالأمر يتعلق بمقدار تقبل الناس هذا الأمر رغم أنه ظاهرة شائعة في سورية. والحقيقة أن البعض يتنمر للاستهزاء فقط والتعبير عن منطق ذكوري يرى أن النساء لا يمكن أن يقدن سيارات بمهارات مماثلة لتلك التي يملكها الرجال، وهذا أمر خاطئ، فالمرأة مثل الرجل، وتخضع للمعايير ذاتها في الحصول على شهادة القيادة، لكن الموضوع يتعلق بدرجة وعي الفكرة، والتعامل معها بموضوعية وتجرد".
بدورها، تقول هيفاء حمزة، وهي مدربة في مدرسة خاصة لتعليم قيادة السيارات، لـ"العربي الجديد": "لا فارق كبيراً بين المتدربين الرجال والنساء، فمدى الاستجابة للتدريبات يرتبط بالحالة الثقافية والتعليمية، وأحيانا العمر. والنساء يتعلمن القيادة بسرعة مثل الرجال إذا كن شابات، وهناك إقبال كبير من النساء على تعلم قيادة السيارات والحصول على شهادات قيادة".

المساهمون