نظمت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، برئاسة رجل الأعمال طارق رضوان، أمس السبت، زيارة "هزلية" لسجن المرج العمومي في القاهرة، بدعوى الوقوف على أحوال السجناء، وتفقد أوجه الرعاية المقدمة لهم، في حضور مجموعة كبيرة من المراسلين المحليين والأجانب، ضمن سلسلة من الزيارات المرتقبة تقوم بها اللجنة للسجون المصرية، بالتعاون مع مصلحة السجون في وزارة الداخلية.
وأبرزت وسائل الإعلام الموالية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بيانين صادرين عن اللجنة ووزارة الداخلية بشأن الزيارة، ومجموعة من الفيديوهات التي تظهر تفقد الوفد البرلماني لمكتبة السجن، وتصوير السجناء و"هم يستمتعون بقراءة الكتب"، فضلاً عن إعداد الوجبات الساخنة في مطبخ السجن، في مشهد مكرّر لزيارات السجون "الشكلية" في مصر، على غرار مشهد فيلم "البريء" الشهير للمخرج المصري الراحل، عاطف الطيب.
وتأتي الزيارة في ظلّ تصاعد الانتهاكات داخل السجون المصرية، ولا سيما ضدّ المعتقلين على خلفية سياسية، وتزايد أعداد الوفيات بين السجناء جرّاء الإهمال الطبي المتعمد، وتجاهل السلطات المصرية مطالب المحتجزين، واستغاثات ذويهم، حيال ضرورة تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة لوضعهم الصحي، واتخاذ الإجراءات الوقائية في مواجهة جائحة كورونا، خصوصاً مع تكدس أعداد كبيرة منهم داخل زنازين ضيقة.
وقالت اللجنة البرلمانية في بيان لها، إنّ الزيارة استهدفت الاطمئنان إلى تطبيق مصلحة السجون السياسة العقابية الحديثة الهادفة إلى تأهيل السجناء، ودمجهم مع المجتمع، وكذلك تفقد أوضاعهم المعيشية والصحية، لنقل صورة حقيقية عن الرعاية المقدمة لهم، سواء في الداخل أو الخارج، بعيداً عن "الشائعات" التي يبثها أنصار جماعة "الإخوان المسلمين".
وأضافت اللجنة أنها تعتزم تنظيم سلسلة من الزيارات للسجون المصرية، للوقوف على أحوال السجناء، والردّ على الشائعات والافتراءات الموجّهة إلى الدولة المصرية بشأن التعذيب في السجون، والتي تطلقها "قوى الشر" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الإعلامية المعادية (المعارضة)، زاعمة أنّ "المحتجزين في مصر يتلقون رعاية واهتمام على المستويات كافة، بما يتوافق مع المواثيق الدولية التي تضمن الحفاظ على حقوق السجناء".
وأشارت إلى تفقدها مبنى الخدمات الاجتماعية لسجن المرج العمومي، الذي يحتوي على مجموعات مقسمة لنشاطات ثقافية ورياضية، ونشاط مهني تأهيلي لإعداد كوادر بشرية في مختلف المجالات، فضلاً عن مكتبة موجودة داخل المبنى، أُلحقَت بها قاعة صغيرة لعقد المؤتمرات، وفصل لمحو الأمية، وملعب خاص للسجناء بهدف ممارسة النشاط الرياضي.
وتابعت أنّ الوفد زار أيضاً المباني الخاصة بالمخبز والمسجد والمستشفى داخل السجن، وآخر لالتقاء المحتجزين بذويهم، والتأكد من المسؤولين في أثناء الزيارة من اتخاذ التدابير الاحترازية في مواجهة جائحة كورونا، وتوفير التهوية الجيدة في المبنى، والتزام مسافات التباعد الآمنة، ووجود فواصل حماية بين السجناء والزائرين.
أما وزارة الداخلية، فقالت في بيانها إنّ "السجون المصرية تشهد فصلاً جديداً من فصول التطوير، بما يعكس التزام الوزارة تطبيق أعلى معايير حقوق الإنسان"، مستطردة بأنّ "الوفد أجرى جولة في الأماكن التي يستقبل فيها النزلاء ذويهم في الزيارات الرسمية، وتفقد مكتبة السجن التي تضمّ عدداً كبيراً من الكتب والمراجع، علاوة على أماكن الوعظ الديني الإسلامي والمسيحي، وفصول محو الأمية".
وأضافت أنّ "الوفد تفقد مطبخ السجن الذي تعد بداخله الوجبات للنزلاء على مدار العام، وتجهيز وجبتي الإفطار والسحور في شهر رمضان"، زاعمة أنّ "السجناء أكّدوا أنّ الوجبات تحتوي على العناصر الغذائية الأساسية كافة". ولمس الوفد البرلماني "مدى الاهتمام بمنظومة الصحة، من خلال تطوير مستشفى السجن، وإجراء الفحوص المستمرة للنزلاء، وإجراء عمليات التطهير والتعقيم باستمرار"، وفقاً للبيان.
من جهته، زعم مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون، اللواء طارق مرزوق، أنه "لا توجد أيّ حالات مصابة بفيروس كورونا داخل السجون المصرية"، وذلك على الرغم من تسجيل العشرات من الوفيات والإصابات داخل السجون جراء الإصابة بالفيروس خلال الأشهر الأخيرة، بحسب منظمات حقوقية مستقلة.
وتابع مرزوق، في تصريحات خلال الزيارة التي نظّمها قطاع السجون، في حضور ممثلي أكثر من 25 صحيفة ووكالة أنباء عالمية، قائلاً إنّ "أبواب جميع السجون المصرية مفتوحة أمام المنظمات والجمعيات الحقوقية، وأعضاء مجلس النواب، لمتابعة أوضاع النزلاء على الطبيعة"، مدعياً أنه "لا يوجد سجناء سياسيون في مصر، لأنّ المحتجزين منهم محكوم عليهم في قضايا تتعلق بالإرهاب".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، قد نشرت تقريراً مطولاً عن تحوّل تعذيب المعتقلين السياسيين في مقار الاحتجاز والسجون المصرية، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم في عام 2014، إلى "أمر روتيني"، مبينة أنه منذ انقلاب عام 2013 "جرى توقيف أكثر من 60 ألف شخص، وإنشاء 19 سجناً جديداً في مصر على الأقل".