أثارت الزيادة في أتعاب المحامين في تونس، جدلا بسبب مخاوف من تأثيرها على كلفة الدفاع عن حقوق المواطنين في النفاذ إلى العدالة وسط موجة غلاء حادة ترهق الأسر.
ونشر فرع تونس لهيئة المحامين، اليوم الإثنين، الجدول المرجعي الجديد للأتعاب الدنيا للمحامين التي سيجرى اعتمادها حسب نوعية القضايا ودرجة التقاضي، حيث تراوحت التعريفات ما بين 900 دينار في القضايا المدنية و3 آلاف دينار في مرحلة التعقيب.
واعتبر تونسيون أن التعريفات المعلن عنها ترهق المتقاضين ولا تسمح لأصحاب الدخول الضعيفة بالنفاذ إلى حق العدالة والدفاع.
وعلّق المحامي عادل كعنيش على قرار الزيادة في التعريفة بأن "أتعاب المحامين بعيدة كل البعد عن إمكانيات غالبية المتقاضين".
وقال كعنيش على صفحته في "فيسبوك" "صحيح أن ظروف العمل أصبحت صعبة للغاية بالنسبة للمحامين لكن إمكانيات المتقاضين لا تمكن غالبتيهم من دفع مثل هذه الأجور"، مضيفا "أن البنوك وشركات التأمين تدفع أجورا مخجلة وهو ما يفرض على الفرع تطبيق هذه الأجور على المؤسسات المالية قبل المواطنين".
ويعاني التونسيون من موجة غلاء شملت كل الخدمات العامة والخاصة فضلا عن نسبة تضخم قياسية بلغت 10.3 بالمائة وفق آخر بيانات لمعهد الإحصاء الحكومي.
ويقرّ عضو فرع تونس لهيئة المحامين نزار الجابري بوجود صعوبات في النفاذ لحق العدالة من قبل الفقراء وأصحاب الدخل المحدود نتيجة ضعف الدخول وتراجع دور مؤسسة الإعانة العدلية الذي يساعد عدم المقتدرين في الحصول على حق الدفاع المجاني.
وقال الجابري في تصريح لـ"العربي الجديد" إن مؤسسة الإعانة العدلية، تكفل حقوق المتقاضين من ضعاف الحال في الدفاع المجاني، حيث تتولى المؤسسة تسخير محامين وتتولى دفع أجورهم، غير أن الضائقة المالية التي تمر بها البلاد تسببت في تراجع المخصصات المرصودة لفائدة هذه المؤسسة.
ويمنح قانون صادر منذ سنة 2022 التونسيين حق الإعانة العدلية في المادة المدنية لكل شخص طبيعي طالبا كان أو مطلوبا وذلك في كل طور من أطوار القضية، وتمنح الإعانة العدلية بشرط أن يثبت طالبها أنه عديم الدخل أو أن دخله السنوي الثابت محدود لا يكفي لتغطية مصاريف التقاضي أو التنفيذ دون التأثير بصفة جوهرية على متطلباته المعيشية الأساسية.
ويعتبر عضو فرع تونس لهيئة المحامين نزار الجابري أن طول إجراءات التقاضي في تونس تؤثر على كلفة التقاضي وتدفع نحو زيادة أتعاب المحامين الذين يضطرون أحيانا إلى متابعة ملفات لأكثر من 10 سنوات خاصة في القضايا العقارية.
وأشار إلى أن المحامين يجتهدون لخفض الكلفة حسب الحالات الاجتماعية لمندوبيهم رغم أن العمل بتعريفات دون الحد الأدنى للأجر الذي تضبطه هيئة العمادة موجب للعقاب للمحامي بحسـب قوله.
وطلب الجابري بضرورة إعادة النظر في التعريفات الخاصة بالشركات والمؤسسات الحكومية وإلزامها باعتماد تعريفات جديدة تحفظ حقوق المحامين وتسمح بخفض كلفة أتعاب قضايا الأشخاص المعنويين بهدف الحفاظ على حقوق المواطنين في النفاذ إلى العدالة وفق ما ينص عليه دستور البلاد.
وبحسب أحدث بيانات معهد الإحصاء الحكومي ينتظر المحاكم التونسية سنويا ما يزيد على 1.5 مليون قضية، يستأثر فيها الطور الابتدائي بما يزيد عن 1.3 مليون قضية.