تسعى السلطات المغربية إلى إيجاد حلول تعيد آلاف التلاميذ إلى الدراسة بعد تضرر كثير من المدارس في الزلزال الذي ضرب البلاد في 8 سبتمبر/ أيلول، في حين يبدي الأولياء مخاوف كبيرة بشأن مستقبل أطفالهم الدراسي.
وبالتزامن مع نصب القوات المسلحة المغربية خياماً عبارة عن فصول دراسية في منطقة أمزميز بإقليم الحوز، أكثر المناطق تضرراً من الزلزال المدمر، نظمت وزارة التربية الوطنية، بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، في الفترة من 14 إلى 16 سبتمبر دورات تدريبية لكوادر الدعم النفسي والاجتماعي بكل من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في جهة مراكش آسفي وجهة سوس ماسة، من أجل دعم التلاميذ بالمناطق المتضررة من الزلزال، ومساعدتهم على تجاوز آثار الصدمة.
وحسب مسؤولي وزارة التربية، فإن هذه الدورات جزء من مجهودات توفير الظروف المناسبة للشروع التدريجي في استئناف الدراسة بعدد من المناطق المتضررة، وأنه استفاد من الدورات التي نظمت في مراكش وأكادير، أكثر من 250 ملحقاً اجتماعياً، وشملت التدريب على الدعم النفسي والتربوي والاجتماعي الذي يهدف إلى مساعدة الأطفال على فهم ماهية الكارثة، واستراتيجيات تجاوز الصدمة، وتنمية قدرات استعادة نمط الحياة العادي، فضلاً عن خطط الوقاية من المخاطر في الوسط المدرسي، وتمكين الأطر الإدارية والتربوية من وضع خطط تسيير المؤسسات التعليمية في أوضاع الطوارئ.
وتسبب الزلزال في تدمير عشرات المدارس، ومقتل العديد من الأساتذة والتلاميذ في الأقاليم الخمسة المتضررة، وهي الجوز، ومراكش، وتارودانت، وشيشاوة، وأزيلال، وقبل أسبوع، أعلنت وزارة التربية الوطنية، في بيان، تعليق الدراسة في القرى والدواوير الأكثر تضرراً، وكشفت عن تضرر ما مجموعه 530 مؤسسة تعليمية، و55 داخلية بدرجات متفاوتة، تتراوح ما بين انهيار كامل، وشقوق بليغة، وتتركز غالبيتها في أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت.
كما سجلت الوزارة وفاة 7 أساتذة، وإصابة 39 آخرين بإصابات متفاوتة الخطورة، في حين كانت أعداد الضحايا والمصابين من التلاميذ كبيرة.
وأعلنت الوزارة أنه سيتم "العمل على إيجاد الصيغ التعليمية واللوجيستية المحلية المناسبة لضمان استمرارية العملية التعليمية للتلميذات والتلاميذ المعنيين خلال الأيام المقبلة".
وبينما لم تكشف الوزارة الوصية على قطاع التعليم بعد عن خطتها لإعادة التلاميذ إلى فصولهم، ساد خلال الأيام الماضية، قلق في أوساط أولياء التلاميذ بشأن مصير العام الدراسي لأبنائهم بعد تعليق الدراسة قبل أيام قليلة على الموعد المقرر لبدء العام الدراسي، وتضرر العديد من المؤسسات التعليمية.
يقول رئيس منظمة "بدائل للطفولة"، محمد النحيلي، إن "العام الدراسي سيكون استثنائيا هذه السنة في المناطق المتضررة، فقد لقي تلاميذ ومعلمون حتفهم تحت أنقاض الزلزال المدمر، ونالت المؤسسات التعليمية حصتها من الدمار الذي لحق بالمنطقة، ما قد يتسبب في تعثر العملية التعليمية".
ويوضح النحيلي لـ"العربي الجديد" أن "إصلاح وإعادة بناء المؤسسات التعليمية المتضررة يحتاج إلى وقت طويل، كما أنه من المتوقع أن تخلف الكارثة المروعة آثار نفسية كبيرة على التلاميذ والمعلمين الناجين. في ظل الأوضاع الحالية، ينبغي دراسة سبل استمرار العملية التعليمية لجميع الأطفال، لما للتربية والتعليم من دور هام في دعم صمودهم، وتشجيعهم على التعافي من الصدمة، والمشاركة الفعالة في الأنشطة التي تقلل من تعرضهم لمزيد من المخاطر".
بدوره، يقول الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابعة لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عبد الإله دحمان، إن وزارة التربية الوطنية بدأت العمل بعد وقوفها على حجم الأضرار من الكارثة، وقد زار بعض مسؤوليها المنطقة المنكوبة، وهم يدرسون حالياً الاحتياجات، ويضعون ضمانات استمرار تمدرس أبناء تلك المناطق، وجرى نقل أكثر من 3000 من التلاميذ إلى مدينة مراكش وغيرها لتأمين حقهم في التمدرس، مع الالتزام بضمان توفير الرعاية الاجتماعية والنفسية والتربوية لهم.
وتابع المسؤول النقابي، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "نثمن هذه الإجراءات المستعجلة، إلا أننا لا نراها بديلاً عن توفير عرض تربوي بديل في المناطق المتضررة في الأفق المنظور. على السلطة التربوية أن تضع استراتيجية وطنية لما بعد الزلزال، وتدرس عودة السير العادي للدراسة في المناطق المتضررة، ونحن كنقابة مستعدون للانخراط في حملة دعم تمدرس تلاميذ القرى والدواوير المتضررة، والعمل على إعادة إدماجهم بشكل طبيعي في المسار الدراسي بمناطقهم الأصلية".