روسيا: مخاوف من نقص الأدوية وارتفاع أسعارها

02 اغسطس 2023
يتأثر كثير من الروس بارتفاع أسعار الأدوية (فلاد كاركوف/ Getty)
+ الخط -

خلّفت الحرب في أوكرانيا الممتدة منذ عام وعدة أشهر تداعيات على مجالات الحياة كافة في روسيا، خصوصاً على قطاع الرعاية الصحية وتوفر الأدوية، وسط تزايد مخاوف المواطنين من نقص في الأدوية الأساسية، أو ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه نتيجة انسحاب شركات الأدوية الغربية من السوق الروسية، وتزامن ذلك مع تراجع قيمة العملة الوطنية، الروبل.  
وأحدث شركات الأدوية العالمية المنسحبة من السوق الروسي، كانت شركة "أوريون فارما" الفنلندية، التي كشفت في تقريرها الرسمي عن النصف الأول من العام الحالي، عن إنهاء أعمالها في روسيا، وهو ما أكدته وزارة الصناعة والتجارة الروسية في وقت لاحق، قبل أن تطمئن الروس، مؤكدة أنه لا مخاطر لنقص الأدوية.
وتتزايد المخاوف المتعلقة بارتفاع حاد في أسعار بعض الأدوية على إثر ارتفاع كلفة العديد من المواد المستوردة لصنع العقاقير بنسب تراوح بين 40 إلى 100 في المائة، وفق تقديرات خبراء في السوق. 
يؤكد الشريك في شركة Inbio Ventures لإدارة الاستثمارات في مشاريع الأدوية، إيليا ياسني، أن الدولة الروسية ستضطر إلى إحداث توازن بين ردع ارتفاع أسعار الأدوية وضمان توافرها في السوق، مقراً بأن العقوبات الغربية كانت بمثابة ضربة كبيرة لقطاع صناعة الأدوية الروسي.    

ويقول ياسني في حديث لـ"العربي الجديد": "عندما يبقى السعر منخفضاً، لا يكون الإنتاج مربحاً، فيظهر عندها نقص في الدواء. الدولة غير مستعدة لتقديم دعم إلا للمصانع التي تعمل على استبدال الواردات، وبذلك ستواجه معضلة كيفية إيجاد التوازن بين تحديد الحد الأقصى لأسعار الأدوية الأساسية وضمان توافرها في السوق". 
وحول رؤيته لتأثير العقوبات الغربية في قطاع صناعة الأدوية الروسي، يضيف: "ألحقت العقوبات ضرراً باللوجستيات، ولم تعد الدول الغربية تقدم ملفات ترخيص أدوية جديدة، وأصبح مصنّعو الأدوية يواجهون صعوبات في الحصول على المعدات والمستلزمات الضرورية، ولا يتسنى إيفاد الموظفين لتلقي التدريب في الخارج".   
وإدراكاً منها لخطورة نقص الأدوية الحيوية، أعدّت وزارة الصحة الروسية، في مطلع العام الجاري، قائمة تضم نحو 100 اسم دواء قد تواجه السوق نقصاً فيها، ومن بينها الأسبيرين والباراسيتامول والكربون المفعل واليود وغيرها. ومن بين الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لضمان توافر تلك الأدوية المدرجة على القائمة، السماح بإجراءات التسجيل المستعجل لعشرات منها، وبإدخال عدد آخر بعبوات أجنبية عبر آلية الاستيراد الموازي التي تغني عن اللجوء إلى الوكيل المعتمد، وصولاً إلى تداول بضعة أدوية بشكل مؤقت من دون تسجيل.  
ويرى ياسني أن "مثل هذه التسهيلات لن تؤثر سلباً في جودة الأدوية المتوافرة في السوق. إذا كان الدواء قادماً من الاتحاد الأوروبي، فجودته مضمونة، وإذا كان قادماً من دول أخرى، فيتعين مراجعته، وأي مورد يجلب دواءً مغشوشاً سيواجه المساءلة الجنائية". 

الصورة
اتخذت الحكومة الروسية إجراءات لضبط أسعار الأدوية (فلاد كاركوف/Getty)
اتخذت الحكومة الروسية إجراءات لضبط أسعار الأدوية (فلاد كاركوف/Getty)

وفي الأشهر الأولى من الحرب خلال العام الماضي، كان مرضى السكري في طليعة المتضررين من اضطراب إمدادات الإنسولين بعد إعلان الشركات الأجنبية المصنعة للأدوية انسحابها من السوق الروسية في مارس/آذار 2022، ما دفع المرضى إلى الهرع إلى الصيدليات للشراء، وتخزين احتياطات من الدواء اللازم لحالتهم الصحية.  
ويشير ياسني إلى أن "الإنسولين متوافر بالصيدليات الروسية حالياً مع بعض الاضطراب في إمدادات بعض أنواعه بشكل مؤقت بين الحين والآخر".  
وليست هذه أول مرة يواجه فيه مرضى السكري الروس نقصاً في الإنسولين في السنوات الأخيرة، إذ أدى تعثر ربع الإمدادات بموجب التعاقدات مع الدولة إلى نقص كبير في الإنسولين عام 2019، وهو ما أرجعه خبراء حينها إلى تدني الأسعار التي حددتها الجهات الطالبة. 
بدوره، يلفت رئيس منظمة "تحالف حماية الأطباء"، سيميون غالبيرين، إلى أن أسعار أغلبية الأدوية لم تسجل ارتفاعاً حاداً، بينما تردع الدولة أسعار الأدوية الأساسية ذات الأولوية في مجال الرعاية الصحية. ويقول في حديث لـ"العربي الجديد": "تختلف نسبة ارتفاع الأسعار حسب نوع الدواء، ولم ترتفع أسعار أغلبية الأدوية بصورة حادة، لكنها فقط واكبت نسبة التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار، كما هو الحال في العالم أجمع، أما أسعار الأدوية الحيوية فيتم ردع ارتفاعها بصورة رسمية".

ويقلل غالبيرين من أهمية تأثير العقوبات الغربية بقطاع صناعة الأدوية الروسي، لافتاً إلى أنّ روسيا باتت تعتمد على استيراد المواد لإنتاجها من دول آسيا، وخصوصاً الصين.  
وأظهر استطلاع أجراه صندوق "الرأي العام"، ونشرت نتائجه في مطلع يونيو/حزيران الماضي، أن 34 في المائة من المستطلعة آراؤهم شعروا بارتفاع أسعار الأدوية. وفي نهاية العام الماضي، أظهر استطلاع أجرته خدمة "فراتشو.رو" لتعليم العاملين في قطاع الرعاية الصحية، أن 80 في المائة من الأطباء يشعرون بنقص العقاقير في روسيا.

المساهمون