روح رمضان المغرب بعد كورونا

05 ابريل 2022
أول أيام رمضان في المغرب (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

بعد سنتين من الأزمة الصحية غير المسبوقة المرتبطة بتفشي فيروس كورونا، عادت الأجواء الرمضانية التي ينتظرها المغاربة كل عام، ومعها عادات وتقاليد أسرية كثيرة اعتادوا عليها منذ سنوات. واستقبل المغاربة شهر الصوم هذا العام بكل طقوسه قبل تفشي كورونا، واستطاعوا في ظل انحسار الجائحة أداء صلاة التراويح في المساجد للمرة الأولى منذ عامين، وإحياء صلة الرحم وأعمال الخير ومبادرات التضامن والتكافل الاجتماعي. وبينما يرتبط رمضان في الذاكرة الشعبية المغربية بتقاليد وعادات متنوعة، لمست "العربي الجديد" خلال جولة أجرتها على عدد من المساجد في مدينة سلا القريبة من العاصمة الرباط، الرغبة الشديدة للناس وحماستهم للعودة إلى أداء صلاة التراويح بعد انقطاع عامين.

يقول أستاذ مادة التربية الإسلامية محمد لكحل لـ"العربي الجديد": "عشنا خلال زمن الجائحة وضعاً استثنائياً في رمضان، فتأثرت العادات والتقاليد بالحجر الصحي الذي طبق للحفاظ على الأرواح، وغاب المصلون عن أداء الصلوات بالمساجد، وعادات الإفطار الجماعي. لكن رمضان الحالي جلب معه الفرج وأعاد الميزات الروحانية الخاصة بطقوس كثيرة يتميز بها الشهر الكريم، وفي مقدمها صلاة التراويح في المساجد والقيام والتهجد ومجالس الذكر، وما يرافق ذلك من أجواء إيمانية، والإفطار الجماعي، إلى جانب لقاءات الأهل". يضيف: "أثّر الوباء في شكل كبير على الجانب الروحي في حياة المسلمين خلال رمضان، لكننا شهدنا هذه السنة إقبالاً كبيراً على المساجد في صلاة التراويح. رمضان هذا العام سيكون مختلفاً وبلا قيود".
وبالنسبة إلى الموظف سعيد المنصوري يكتسب رمضان قدسية وأهمية كبيرتين لدى المغاربة، "فهم يستبقون حلوله عادة بتهيئة بيوت الرحمن للمصلين والإقبال على التراويح". ويقول لـ"العربي الجديد ": "بعدما سمحت السلطات بأداء صلاة التراويح في مختلف مناطق المغرب، بدأنا نشعر بعبق روحانية الشهر المبارك في ربوع حياتنا من جديد".
وكانت السلطات المغربية خففت في مطلع مارس/ آذار الماضي القيود الخاصة بمواجهة تفشي متحوّر "أوميكرون" من فيروس كورونا، بعدما انخفض عدد الإصابات اليومية والوفيات.

الصورة
يشعر المغاربة اليوم بعبق روحانية رمضان (جلال مرشدي/ الأناضول)
يشعر المغاربة اليوم بعبق روحانية رمضان (جلال مرشدي/ الأناضول)

وإلى جانب كونه مناسبة روحية، يشكل شهر رمضان هذه السنة مناسبة اجتماعية للتقارب الأسري، وإحياء صلة الرحم، حيث حرص عدد كبير من المغاربة في اليوم الأول على دعوة بعضهم البعض للاجتماع على مائدة إفطار واحدة، وتمضية الوقت معاً، بعدما تعذر ذلك سنتين متتاليتين بتأثير جائحة كورونا التي حدّت من تحركاتهم.
يقول إسماعيل العلمي لـ"العربي الجديد": "يعد اليوم الأول للصيام الأكثر روحانية، إذ تحرص فيه العائلات المغربية على اللمة والإفطار الجماعي. وكان فيروس كورونا فرض في العامين الماضيين سطوته عبر تطبيق التباعد الاجتماعي، وجعل الناس يتكيفون مع الواقع من خلال ملازمة بيوتهم والاكتفاء بالتواصل عبر الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي. أما هذه السنة فالأجواء مناسبة للتجمعات العائلية وزيادة أواصر المحبة وتعزيز صلة الرحم". ويتابع: "أطل اليوم الأول من رمضان هذا العام ببهجة الصيام واجتماع العائلة على مائدة واحدة وما يرافق ذلك من تعزيز لمشاعر التضامن وروح التكافل، بعدما منع تفشي الفيروس ذلك خلال العامين الماضيين".
وإلى جانب ميزات الأجواء الروحانية للشهر وطابعه المميز في المغرب، حيث يحتفظ الناس بعاداته وتقاليده التي لم تتغير أو تندثر مع مرور الزمن، والتي تجسد قيم التسامح والتضامن في حياتهم، استعاد هذا العام أجواء المبادرات الاجتماعية والإنسانية وتنظيم موائد إفطار الصائمين أو توزيع المواد الغذائية على الفقراء بهدف تعزيز التكافل والتضامن بين كل أفراد المجتمع.

وكان انتشار فيروس كورونا قد ألقى بظلاله على أعمال خير كثيرة ومبادرات التضامن والتكافل الاجتماعي، ما حوّل الخيم الرمضانية وموائد الرحمن التي درج المغاربة على إقامتها في هذا الشهر إلى مجرد ذكرى، في مقابل تنفيذ محسنين وجمعيات خيرية وخاصة مبادرات لمساعدة الأشخاص والفئات الاجتماعية المتضررة من الوضع المرتبط بانتشار الفيروس بينها مبادرة "أبواب رمضان".

المساهمون