هزت جريمة قتل مروعة مدينة طرطوس السورية، أول من أمس الأحد، وتباينت الروايات حول طبيعة الجريمة بين رواية وزارة الداخلية التابعة للنظام، والتي تتهم الأب، وتشير إلى انتحاره بعد الجريمة، وروايات محلية تؤكد ضلوع طرف آخر في الجريمة، في حين عزا مواطنون ارتفاع معدلات الجريمة في مناطق سيطرة النظام إلى انتشار السلاح العشوائي وتفشي الفقر.
وقالت وزارة الداخلية، في تفاصيل حول الجريمة، إنها وقعت في حي الجمعية بالمشروع السادس من مدينة طرطوس، وإنه بعد سماع دوي إطلاق النار في الحي، توجهت دوريات تابعة لفرع الأمن الجنائي إلى المكان، ليجدوا السيدة كفاح محمد علي مصابة بعيار ناري في ساقها اليسرى، وهي زوجة المتهم مطاع سلامة، والذي قام بإطلاق النار عليها وعلى بناتها، شيماء (22 سنة)، وخزامة (20 سنة)، وشادن (17 سنة)، ثم قام بالانتحار.
وأضافت الوزارة، في بيان صدر أمس الاثنين، أن التحقيقات الأولية تبين قيام الأب بارتكاب الجريمة بسبب خلافات مادية مع شخصين، هما أحمد.ع و بنيامين ك، اللذان قاما بتهديده، وأن الشخصين سيحالان إلى القضاء.
الرواية ذاتها نقلها رئيس فرع النيابة العامة في طرطوس لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام، مع تفاصيل أضافتها الزوجة المصابة، ومنها أن زوجها تلقى اتصالات عديدة، وقام بعدها باستخدام بندقية عسكرية في إطلاق عدة رصاصات على سقف المنزل، ثم أطلق النار على بناته الثلاث، وأصابها في ساقها، ثم قام بعدها بالانتحار.
وشككت مصادر محلية بالرواية الحكومية، مؤكدة أن هناك تفاصيل لم يتم الإفصاح عنها، وأكد مصدر محلي، لـ"العربي الجديد"، أن عناصر الأمن الجنائي التابعين للنظام قدموا بعد وقوع الجريمة بوقت متأخر، وأن مطاع سلامة المتهم هو مدرس رياضيات من بلدة الصبورة في ريف حماة، فكيف له أن يمتلك بندقية عسكرية في المنزل، كما أنه شخص لا يمكن أن يقدم على قتل بناته.
ورجح طارق خوجا، أحد أهالي طرطوس، أنه لا عقل سليما يتخيل إقدام الرجل على قتل بناته الثلاث، وكان الأجدر به قتل من يهددونه.
ويتم تداول رواية ثانية، مفادها قيام الشخصين اللذين تم القبض عليهما من قبل الأمن الجنائي بقتل سلامة وبناته، وإطلاق النار على زوجته، والتي لم ينقل عنها سوى رواية وزارة الداخلية التابعة للنظام.
وعلقت لينا على الجريمة مؤكدة أنه "لو أخذت الرواية الرسمية كحقيقة، لكان الأحرى بالأب التأكد من مقتل زوجته قبل الإنتحار. الحقيقة قد تضيع في هذه الجريمة كما ضاعت بغيرها من الجرائم الكثيرة التي وقعت في مناطق سيطرة النظام".
ونقلت قناة "روسيا اليوم" عن مصادر محلية، أن الأب وجد مقتولا بأربع رصاصات، واحدة منها في الظهر، مرجحة عدم صحة رواية الانتحار أو قتل الأب لبناته، مشيرة إلى أن شخصا استولى على هاتف الأب، وكتب تدوينة تفيد انتحاره، قبل أن تتم إزالة حساب الأب من موقع "فيسبوك" لاحقا.
وأوضح الباحث في مركز "طوران للدراسات" محمد المصطفى، لـ"العربي الجديد"، أن "القضية أكبر من أن تكون انتحارا، أو قيام أب بقتل بناته، على الرغم من الظروف المعيشية السيئة التي تشهدها مناطق سيطرة النظام، وما وقع يبدو جريمة قتل يحاول النظام التستر عليها، كون شقيق الأب قياديا في جيش النظام، ومتهما بقضايا فساد".
وأوضح المصطفى أن "الفساد وانتشار السلاح العشوائي وسطوة المليشيات والعصابات في مناطق سيطرة النظام قد ترفع معدل الجريمة بشكل أكبر، وهذا سيكون له أثر سلبي على الأهالي".
وتعد جريمة طرطوس الأبشع من نوعها بعد الجريمة التي وقعت في بلدة بيت سحم جنوبي دمشق، وراح ضحيتها ثلاثة أطفال وأمهم ووالدهم.