رفض للخطاب التحريضي خشية إعادة إنتاج الطائفية في العراق

13 مايو 2024
عناصر من عصائب أهل الحق في عام 2019 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خطاب طائفي لنائب عراقي من "عصائب أهل الحق" يثير غضبًا لتطاوله على رموز دينية، دون اعتذار أو رفض من كتلته، مما أدى لدعوات بمحاسبة المحرضين على الطائفية.
- السلطات العراقية تتخذ إجراءات قانونية ضد التحريض الطائفي، بما في ذلك مراقبة المحتوى الإلكتروني، وحيدر الملا يقيم دعوى ضد النائب المحرض لحماية السلم المجتمعي.
- مختصون وأعضاء التيار المدني يؤكدون على ضرورة مواقف قوية ضد التحريض الطائفي والإساءة للرموز الدينية، محذرين من خطر هذه التصريحات على النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية.

تتفاعل منذ أيام في العراق ردود فعل غاضبة من خطاب طائفي صدر عن نائب في البرلمان عن كتلة سياسية تابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق"، في تطاوله على رموز دينية وتاريخية، الأمر الذي دفع باتجاه رفض هذا الخطاب وعدّه محاولة تحريضية للعودة إلى الطائفية في العراق، وسط مناشدات للسلطة القضائية لتحمّل مسؤوليتها بالمحاسبة القانونية ضد من يتبنّى خطاباً كهذا، والمطالبة بمواقف سياسية ترفض الطائفية.  

وفي لقاء متلفز على فضائية "العهد" التابعة لعصائب أهل الحق، تهجَّم النائب عن الجماعة نفسها علي تركي على الخلفاء الراشدين ورموز وشخصيات دينية أخرى بالشتم، من دون أن يصدر عنه أي اعتذار، فيما لم تتبنّ كتلته السياسية أي موقف رافض.  

وكانت السلطات العراقية قد قرّرت في وقت سابق اتخاذ إجراءات جديدة وعقوبات قانونية تطاول المحرّضين بالطائفية ومروّجيها عبر خطاباتهم وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وقد بدأت حملة مراقبة ومتابعة لما ينشر عبر تلك المنصات في محاولة لصد الطائفية في العراق.

دعوة لردع دعاة الطائفية في العراق

وانتقد ديوان الوقف السني والمجمع الفقهي العراقي التجاوزات المتكرّرة والإساءة للرموز الإسلامية، مطالباً بمواقف سياسية وقضائية لمحاسبة هؤلاء. ووفقاً لبيان مشترك للديوان والمجمع صدر مساء أمس الأحد، فإنه "في الوقت الذي يشهد بلدنا استقراراً واضحاً وعمراناً كبيراً وانفتاحاً على العالم، ظهر نائب في إحدى الفضائيات العراقية متهجّماً بعبارات اللعن والإساءة على الخلفاء الراشدين الذين شهد إليهم القرآن الكريم ونشروا الإسلام مع آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظوا كتاب الله عز وجل"، معتبراً أن "مثل هكذا أفعال تسيء للعراق ولا يقبلها الشرع ويجرمها قانون العقوبات العراقي ويعدها مساساً بالشعور الديني".

وأضاف: "من هنا وإننا في ديوان الوقف السني والمجمع الفقهي العراقي والمؤسّسات الشرعية نستنكر تصريحات النائب المشينة، وندعو المرجعيات الدينية والقضاء العراقي لردع كل متطاول على الرموز الدينية، حفاظا على النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية"، محذّرا من "دعاة الفتن والفرقة الذين يريدون أن يعيدوا البلاد إلى منزلق الأزمات والطائفية المقيتة".

دعوى قضائية

وأقام النائب السابق حيدر الملا دعوى قضائية ضد تركي بتهمة الإساءة إلى أربعة من أوائل خلفاء المسلمين، أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، ومعاوية بن أبي سفيان. وقال في الدعوى إنه "في السابع من مايو/ أيار الجاري، تلفظ النائب علي تركي خلال لقائه الإعلامي على قناة العهد الفضائية بعبارات مهينة ومسيئة وبذيئة بحق رموز الأمة الإسلامية الخلفاء الراشدين الأربعة..."، مؤكداً أن "فعل المشكو منه ينطبق وفق أحكام المادة 372/5 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 كون الخلفاء الراشدين هم رموز الأمة الإسلامية جميعاً وليس لطائفة أو مذهب معيّن". وأضاف: "وعليه، نلتمس من مقام محكمتكم طلب الشكوى ضد النائب علي تركي في ما ورد من إساءة وتصرف غير مسؤول تجاه رموز الأمة الإسلامية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه، كون هذه الأفعال تهدد السلم المجتمعي العراقي وتعيد المجتمع إلى مربع الطائفية المقيتة". 

وأكّد المختص بالشأن القانوني معد الغريري أن القانون واضح وصريح في محاسبة جريمة "إهانة الرموز الدينية"، مبيناً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "إهانة الرموز الدينة المقدسة لأي طائفة من الطوائف المعترف بها في البلاد هي من الجرائم التي يحاسب عليها القانون". يضيف أن "قانون العقوبات العراقي نص على المعاقبة بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة لكل من أهان علناً رمزاً أو شخصاً هو موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية".

وشدد على أن "ما صدر عن النائب يجعله تحت طائلة هذا النص الصريح، وأن للسلطة القضائية الحق بتشديد العقوبة في حال رأت من المصلحة ذلك، كونها تعدّ تهديداً خطيراً للسلم المجتمعي الذي يحتاج إلى المصالحة بدلاً من التحريض الخطير".

وأكد عضو التيار المدني العراقي علي الغراوي ضرورة أن تكون للقوى السياسية مواقف من المحرضين على الطائفية، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "التحريض على الطائفية ومحاولة إعادة العراق إلى تلك الفترة المقيتة جريمة يجب أن تكون هناك مواقف لمنعها"، مشدداً على ضرورة أن "تتبنى القوى السياسية مواقف تجاه نوابها والمنتمين إليها ممن تصدر عنهم تصريحات ومواقف تحريضية".

وشدّد على أن "كتلة صادقون البرلمانية الممثلة لجماعة العصائب مطالبة بموقف تجاه تركي، وأن السكوت على تصريحاته غير مقبول"، موضحاَ أن "خطر تلك التصريحات المحرضة لا يقل خطراً عن الإرهاب".

وحذّر الباحث في الشأن السياسي العراقي إياد العنبر من محاولات ترويج الطائفية، وكتب في تدوينة: "لماذا ينجح التافهون في جرنا إلى مساحات سجالاتهم؟ لماذا لا نتجاهل سجالاتهم التافهة التي يسوقونها مرة لترويج الطائفية، وأخرى تريد بنا العودة إلى التاريخ والاهتمام بأحداثه بدلاً من التفكير بحاضرنا ومستقبلنا؟ نحن من نمنح التافهين هذه السطوة، عندما ندخل في نقاشاتهم!".

ويعاقب القانون العراقي المسيئين للرموز الدينية لأي طائفة في البلاد. وكان مجلس القضاء الأعلى العراقي قد وجه، العام الماضي، محاكمه بتشديد الإجراءات بحق مرتكبي جرائم الإساءة إلى الرموز والمعتقدات الدينية.

المساهمون