نشرت منظمات حقوقية مصرية، من بينها منصة "حقهم"، رسالة جديدة مسرّبة من سجن بدر 3، تكشف عن تهديدات قيادات في جهاز الأمن الوطني بتحويل السجن إلى معتقل "غوانتانامو مصر".
وبعد فترة هدوء نسبي في سجن بدر 3 الذي يأتي من ضمن "السجون الجديدة" في مصر، والذي شهد انتهاكات بالجملة منذ بدء نقل سجناء إليه، عاد ضابط الأمن الوطني فيه المعروف بالمقدّم مروان حماد إلى سابق عهده، فيما يتعلق بانتهاك حقوق السجناء السياسيين والتهديد المتواصل. وفي آخر تهديد له قال إنّ لديه "كامل الصلاحيات من وزير الداخلية نفسه لتحويل السجن إلى مقبرة"، وفقاً للرسالة الجديدة المسرّبة من داخله.
وفي الرسالة الأخيرة، أفاد السجناء بأنّ حماد هدّد عدداً منهم بـ"تحويل السجن إلى (معتقل) غوانتانامو" في حال واصلوا اعتراضهم على وضع الزيارات الحالية.
وأشارت الرسالة إلى أنّه "بعد محاولة أكثر من 600 سجين رأي الانتحار (...) ورغم وعود وزارة الداخلية بفتح الزيارة وتحسين الخدمات والرعاية الطبية داخل السجن، إلا أنّ ما جرى على أرض الواقع كان مخيّباً للآمال"، فقد "جاءت الزيارة بمعدّل مرّة كلّ شهرَين، وبمدّة لا تزيد عن 20 دقيقة، ومن خلال كابينة اتصال"، أي من دون السماح بـ"أيّ اتصال مباشر -تلامس- بين المعتقلين وذويهم، حتى الأطفال منهم".
أضافت الرسالة المسرّبة من سجن بدر 3 أنّ "السجناء علّقوا لافتات أمام كاميرات المراقبة يطالبون فيها بزيادة مدّة الزيارة ودوريتها مثل باقي السجون"، وكذلك بالسماح لهم بـ"الالتقاء المباشر مع ذويهم" خصوصاً، لافتين إلى أنّ كثيرين منهم لم يروا أهاليهم لمدّة تزيد عن خمسة أعوام، غير أنّ "إدارة السجن بقيادة الضابط مروان حماد رفضت الاستجابة لهذه المطالب". كذلك، "قدّم السجناء مقترحا للضابط مروان حماد بأن تكون دورية الزيارة مرّة كلّ شهر، ولمدّة 45 دقيقة على الأقلّ، وأن يُخصَّص منها جزء (في حدود 25 دقيقة) لزيارة المحامين -على فترات- بحسب ترتيبات الأهل مع محاميهم، إلا أنّ ضابط الأمن الوطني رفض ذلك، مؤكداً أنّ أيّ حديث عن الزيارة سوف يرجعها إلى نقطة الصفر".
وبيّنت الرسالة أنّ أكثر من 50 سجيناً ما زالوا في قطاع 2، والذي يُطلق عليه قطاع قيادات الإخوان، وهم ممنوعون كلياً من الزيارة أو من إدخال أهاليهم أيّ أطعمة لهم، إلى جانب الاستمرار في منع تواصلهم مع أيّ شخص في داخل السجن.
وذكر السجناء في الرسالة نفسها أنّ "التريّض المنصوص عليه في لائحة السجون بساعتَين يومياً لكلّ سجين" يُسمح به لمدّة ساعتَين أسبوعياً فقط، تُقسّمان على مرّتَين وسط "حراسة مشدّدة وبأعداد قليلة في كلّ فوج".
وفي ما يخصّ الخدمات الصحية، فهي ما زالت بحسب كاتبي الرسالة "لا تصل إلى الحدّ الأدنى من الاحتياجات، فضلاً عن البطء الشديد، سواءً في إجراء العمليات الجراحية أو التحاليل أو الأشعّة، مع غياب تام للأطباء الاستشاريين والمتخصصين في أبرز التخصّصات المطلوبة، مثل العظام والأسنان والمخّ والأعصاب والجراحة"، علماً أنّه لا يتوفّر إلا بعض ممرّضين لا تتوفّر لديهم أيّ خبرة طبية، في حين أنّ السجناء لا يخضعون للكشف الطبي إلا "مرّة كلّ شهرَين وبعد مماطلة شديدة".
وأكّد السجناء في رسالتهم أنّ "أزمة الطعام الميري (الرسمي) مستمرّة"، شارحين أنّ "الكمية قليلة جداً، ناهيك عن جودتها"، وفي المقابل يُسمح بسدّ الحاجة "من الكانتين بالتقطير" من خلال الأموال الخاصة. وأشاروا إلى "محظورات مثل اللبن (الحليب) والمياه الغازية والأسماك والخضراوات والفاكهة".
وأوضح هؤلاء السجناء السياسيون أنّهم ما زالوا رهن الحبس الاحتياطي، وبالتالي فإنّهم يستحقّون زيارة أسبوعية مباشرة مع الأهالي لمدة 45 دقيقة، بحسب لوائح السجون.
وقد حمّل المعتقلون مسؤولية التوتّر الذي يعيشه السجن لضابط الأمن الوطني يحيى زكريا، مسؤول السجون في جهاز الأمن الوطني، ومعه الضابط مروان حماد مسؤول السجن، اللذَين يعتقدان بأنّ أيّ حقّ يحصل عليه السجناء هو "إهانة لهما وليّ لذراعَيهما"، الأمر الذي جعلهما يفتحان المجال أمام المخبرين لاستفزاز السجناء والاحتكاك والتحرّش المتكرّر بهم، لتكون في ذلك ذريعة لإغلاق السجن والعودة مجدداً إلى وضع ما قبل موجة محاولات الانتحار.
وجدّد السجناء دعوة إلى لجنة الحوار الوطني، وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري والمعنيين بالملف الحقوقي والإنساني، لزيارة سجن بدر 3 ولقاء بعض السجناء من أجل الوقوف على حقيقة ما يجري "داخل هذه القلعة المغلقة".