دعوى قضائية لوقف هدم جبانات القاهرة التاريخية

دعوى قضائية لوقف هدم جبانات القاهرة التاريخية

30 مايو 2023
إزالة المقابر التاريخية بقلب القاهرة القديمة لإنشاء محور مروري (Getty)
+ الخط -

تقدم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بدعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة -محكمة مصرية- ضد رئيس مجلس الوزراء، ووزيري الآثار والإسكان، ورئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، ومحافظ القاهرة، ورئيس هيئة التنمية الحضرية، ورئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بصفاتهم، للمطالبة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن توفير الحماية اللازمة للمقابر والمباني الأثرية وذات التراث المعماري المتميز بمنطقة جبانات القاهرة التاريخية وتحديد حرم لهذه الآثار، بما يترتب على ذلك من آثار أخصها وقف أعمال الإزالة والهدم لجميع هذه المقابر والمباني.

وخلال الفترة الماضية، شرعت الحكومة المصرية في إنشاء محور الفردوس المروري، ما تسبب في إزالة المقابر التاريخية بقلب القاهرة القديمة. وسبقه أعمال هدم محدودة شملت مقابر في تلك المنطقة بهدف توسعة "طريق النصر"، خلال الفترة ما بين عامي 2014 و2016.

وكانت محافظة القاهرة، قد أعلنت عن مخطط مشروع محور "الفردوس" في 22 يوليو/تموز 2020 وهو المحور المروري الممتد إلى تسعة كيلومترات تقريباً، بهدف تيسير الحركة المرورية المتبادلة بين وسط القاهرة وكل من الطريق الدائري ومدن شرق العاصمة.

الدعوى أقامها المركز وكيلاً عن عدد من أساتذة الجامعات وخبراء التخطيط والآثار، منهم جليلة القاضي، ومونيكا حنا، وطارق المري، وسالي سليمان، وداليا حسين، وهم مجموعة من أساتذة واستشاريي الحفاظ على التراث العمراني، والمهتمين بمجالي الآثار والتراث المصريين. 

وقال المركز إن الدعوى أقيمت على خلفية عمليات الإزالة التي تجري على قدم وساق بمنطقة جبانات القاهرة التاريخية في حي الخليفة بمنطقة جنوب القاهرة، والمعروفة بمقابر الإمام الشافعي ومقابر السيدة نفيسة، التي يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي، والتي تقع حالياً شمال وجنوب وشرق طريق صلاح سالم، وفي أواخر القرن التاسع عشر جرى تخصيصها لدفن كبار موظفي وأعيان الدولة، وبنيت على الطراز المبني عليه المقابر التي تسبقها، تلك المنطقة المخصصة منذ مئات السنين ليواري فيها الموتى الثرى، لا سيما الراحلين من رجالات ورموز الفكر والثقافة والسياسة والدين والفن وأفراد العائلة المالكة، وتضم بين جنبات مقابرها رفات مجموعة كبيرة من عظماء النضال الوطني والفكري والتاريخي المصريين.

ومؤخراً انتشرت الأخبار والصور والمناشدات بشأن الاعتداء على المنطقة وإزالة عدد من مبانيها الأثرية عشوائياً، في الوقت الذي يجري تنفيذ أعمال إنشائية بها لا تناسب بأي من الأحوال طبيعتها ومبانيها، وتعرضها لأخطار داهمة، ليس أقلها محو جزء من تاريخ مصر ومبانيها التراثية، وإهانة رفات عدد لا يستهان به من عظمائها في شتى المجالات، حيث أزيلت مقابر عدة، منها مقبرة عبد الحميد باشا صادق (رئيس البرلمان المصري من 1902 حتى 1909 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني)، ومقبرة عبد الله أفندي زهدي (من أشهر الخطاطين في تاريخ مصر وهو كاتب المخطوطات على المسجد النبوي وسبيل أم عباس ومسجد الرفاعي، وغيرها)، ومدفن حسن أفندي الليثي (رسام كسوة الكعبة المعظمة)، ومدفن عشق بريان معتوقة الخديوي إسماعيل، فضلاً عما يجري تداوله من أنباء بشأن إزالة قبر الإمام ورش، صاحب ثاني أكثر قراءات القرآن شيوعاً في العالم الإسلامي.

تحوي المنطقة عدداً كبيراً من المقابر ذات الطراز المعماري المتميز منها مدافن أمير الشعراء أحمد بك شوقي

وتحوي المنطقة عدداً كبيراً من المقابر ذات الطراز المعماري المتميز، منها مدافن أمير الشعراء أحمد بك شوقي، ومدفن السيدة أم كلثوم، وحوش الملكة فريدة، ومدفن محمود سامي البارودي، وسبيل ومقام الإمام جلال الدين السيوطي، ومدفن الأمير فؤاد، وأسمهان، وفريد الأطرش، وقبة وجامع محمود باشا الفلكي، ومسجد فاطمة الزهراء، وغيرها من مقابر الشخصيات التاريخية والرموز المصرية والمساجد والقباب والأسبلة.

ومنذ فترة ليست بالقليلة بدأت أعمال هدم وإزالة مساحات من حرم منطقة مقابر القاهرة التاريخية لتنفيذ مخططات إنشاء وتوسعة عدد من الطرق والمحاور، ما تسبب في هدم أو تهدم أو الإضرار بعدد من المباني ذات الطراز المعماري المتميز في غيبة أية بيانات أو إيضاحات حكومية بخصوص حدود المخطط وتفاصيله، وفي غيبة أي تأمين أو إشراف فعلي من الجهات المختصة بالدولة لحماية المباني المذكورة، أو الحرم المقرر قانوناً لحمايتها، مثل مفتشي وخبراء وزارة الآثار، أو الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، عدا فرق وعمال الهدم والإزالة.

وفي عددها رقم 74 الصادر في 29 مارس 2023، نشرت صحيفة الوقائع المصرية قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 233 لسنة 2023، الذي نص في مادته الثانية على: "إضافة 86 مدفناً بنطاق حي الخليفة والمقطم، تبدأ بمسلسل رقم (1) "أمير الشعراء أحمد بك شوقي" وتنتهي بمسلسل رقم (86) "حوش مناع".

وفي التوقيت ذاته، جرى إخطار حراس عدد من المقابر الواردة بالقرار المذكور بالتخطيط لإزالتها، ومنها حوش محمد راتب باشا السردار، وحوش عائلة العظم السورية، والفريق إسماعيل سليم باشا، ورشوان باشا عبد الله، والبرنس يوسف كمال، ونشأت دل قادن زوجة الخديوي إسماعيل، وعلي باشا فهمي، ومحمود سامي البارودي، وأحمد شفيق باشا، وإبراهيم الهلباوي، ومحمد محمود باشا، وهي المدافن المسجلة بموجب القرار المذكور، بل وجرى وضع علامات تفيد بذلك على الجدران الخارجية لبعض هذه المدافن.

المساهمون