يعد تقديم الدعم النفسي للأطفال أمراً ملحاً، وخصوصاً بالنسبة لهؤلاء الذين عاشوا النزوح، والحروب، والكوارث الطبيعية، والاعتداءات الجنسية، والعنف المنزلي وغير ذلك. ويساعد الدعم النفسي في الحد من التأثيرات السلبية للصدمات النفسية على المدى الطويل.
في هذا الإطار، تقول منسقة الدعم النفسي والتربوي للأطفال في جمعية النجدة الاجتماعية بمخيم شاتيلا، سناء قيس، المتحدرة من قرية نحف في قضاء عكا في فلسطين، والمقيمة في ضواحي مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين قرب العاصمة بيروت: "في بداية تسعينيات القرن الماضي، كانت هناك ثلاثة مراكز دعم نفسي في ثلاثة مخيمات في مدينة صور (جنوب لبنان) ومنطقة برج البراجنة في بيروت، وآخر في شمال البلاد. وبعد حرب يوليو/ تموز عام 2006، بدأنا العمل في مشروع الدعم النفسي في عدد من القرى بسبب الحاجة. بعدها، عملنا في المخيمات الفلسطينية في نتيجة الحرب، وطُبّق البرنامج في تلك التي تتواجد فيها مراكز للجمعية، لأن أطفالنا بحاجة لهذا الدعم وخصوصاً بعد الحرب. وزادت الحاجة بعد نزوح عدد كبير من السوريين والفلسطينيين السوريين من سورية بسبب الحرب".
وتوضح سناء: "نستهدف الأطفال من عمر 6 حتى 17 عاماً، ونقسمهم إلى ثلاث مجموعات بحسب الفئات العمرية. لدينا في مركز الجمعية 200 طفل يتلقون الدعم النفسي على فترتين صباحية ومسائية". وعن كيفية اختيار الأطفال، توضح أن "الأهل يأتون إلى المركز ويسجلون أسماء أولادهم، ونحيل الأطفال الذين يحتاجون للدعم النفسي إلى متخصصين. وهناك جلسات علاج للأفراد وأخرى للمجموعات".
تتابع: "المشاكل الأسرية تنعكس على الأطفال. كما أن للعنف الأسري تداعيات عليهم. نهتم بقضايا التربية وعمالة الأطفال وخصوصاً بين الأطفال السوريين الذين يعملون ويتعرضون للإساءة. وأكثرهم هم الذين يجمعون البلاستيك ويعملون حتى منتصف الليل. يتعرض هؤلاء للأذية، الأمر الذي يؤثر على صحتهم النفسية. وربما يعاني البعض من التبول اللاإرادي".
وتشير إلى أن المركز مساحة آمنة للأطفال لتفريغ طاقاتهم السلبية، بحسب قيس. تضيف: "نساعد الأطفال في دراستهم، ولدينا مناهج بالشراكة مع مؤسسات خارج المخيم. ونحرص على تمكين المدربات بالمهارات اللازمة. وتركز بعض الأنشطة على حقوق الطفل وكيفية حمايتهم لأنفسهم في حال تعرضهم للأذى. تضيف: "معظم مشاكل الأطفال هي انعكاس لمشاكل الأهل، الأمر الذي يدفعنا إلى تنظيم ورش عمل للأهل تتمحور حول حقوق الطفل والمرأة".
وترى أن بعض الأطفال لا يستطيعون التحدث مع أهلهم حول مواضيع محددة، على عكس الحال في المركز. إذ تشجعهم بعض الأنشطة على البوح والتحدث عن مشاكلهم. تضيف: "كوننا عضو بشبكة حماية الطفل في مخيم شاتيلا وغيرها من من المؤسسات، نستطيع التدخل في حال مورس العنف على الأطفال. كما ننسق مع جمعية حماية الأحداث في لبنان. أما عن الجزء الترفيهي للأطفال، فتقول: "هناك تدريبات على رقصة الدبكة، ورياضة اليوغا، واللعب من أجل المساواة، بالإضافة إلى التوعية حول الجسد والثقافة الجنسية".
إلى ذلك، تقول الطفلة أريج فرج (12 عاماً) المتحدرة من سورية والمقيمة في مخيم شاتيلا: "تعلمت حتى الصف الثاني الأساسي. لكن في الوقت الحالي، ألتحق بدورات تعليمية في القراءة والكتابة". تتابع: "ولدت في سورية وقدمت إلى لبنان في سن صغير.
في الوقت الحالي، التحقت بدورة الدعم النفسي. ولطالما حلمت بالالتحاق بدورات لتصفيف الشعر. لكنني بدأت بالكتابة والقراءة والدعم النفسي والحماية الذاتية والتبليغ في حال التعرض لأي أذى". كما تشارك في ورش عمل حول النظافة الشخصية، والتوعية حول مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية توخي الحذر في التعاطي مع الغرباء.
من جهتها، تقول أسينات آغا، المتحدرة من بلدة عمقا بفلسطين، وهي من سكان مخيم شاتيلا، وتدرس في الصف الخامس الأساسي: "نتعلم في المركز كيفية التفرقة بين الصح والخطأ" مضيفة أنها تشعر بالارتياح لدى قدومها إلى المركز لأنها تفرغ طاقتها وتتعرف إلى صديقات جدد.
يشار إلى أن جمعية النجدة الاجتماعية تعمل بشكل رئيسي مع النساء والفتيات اللاجئات الفلسطينيات، ومن خلالهن مع سائر فئات المجتمع الفلسطيني المهمشة، كما تستهدف الفئات الفقيرة من الجنسيات الأخرى التي تعيش في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان.