درب النازحين الطويلة بعد إخلاء مستشفى الشفاء في غزة

19 نوفمبر 2023
كان في مستشفى الشفاء 2300 شخص قبل أن تبدأ عملية الإخلاء القسرية (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

ظل رامي شراب عالقاً في مستشفى الشفاء بغزة لمدة 20 يوماً، ووصل السبت إلى وسط القطاع بعد ساعات من السير بين الجرحى والنازحين والأطفال الخائفين.

عندما تعرّض الحي الذي يقيم فيه في مدينة غزة للقصف، لجأ رامي شراب (24 عاماً) إلى أكبر مجمع استشفائي في غزة مع شقيقته حنان (22 عاماً) وشقيقه فارس (11 عاماً) ووالدته البالغة 53 عاماً لقناعته بأن القصف لن يستهدفهم.

وكما رامي، كان في مستشفى الشفاء 2300 شخص قبل أن تبدأ عملية إخلاء السبت بحسب الأمم المتحدة: فقد علق فيه مرضى وجرحى ونازحون وأطباء جراء المعارك ومحاصرته من الدبابات الإسرائيلية.

على طريق صلاح الدين الذي يعبر قطاع غزة من الشمال إلى الجنوب وانضم إليه رامي شراب عند مغادرته، تتقدم مجموعة من الفلسطينيين ببطء. يحمل رجل ابنته المعوقة بين ذراعيه، في حين يحمل آخر ابنته الصغيرة التي كسرت ساقها.

من جهة، تحوط بهم مستودعات دمرت سقوفها وسيارات متفحمة وأسلاك كهربائية متدلية فوق شوارع مهدمة. ومن جهة أخرى، يراقبهم جنود إسرائيليون مسلحون يعتمرون خوذات أمام آليات مدرعة ودبابات وناقلات جنود.

يسير أطفال حفاة ويتكئ مسنون على عصي، وتتجاوزهم بعض العائلات النادرة القادرة على دفع مبلغ عشرين أو ثلاثين شيكل (ما بين خمسة وثمانية يوروهات) في عربات يجرها حمار أو حصان.

أكياس وصناديق وحفاضات

يرفع البعض علماً أبيض مصنوعاً من قطعة قماش وخشبة صغيرة. ويحمل العديد منهم أكياساً وحزم حفاضات التي أصبح من المستحيل العثور عليها أو باتت باهظة الثمن، بالإضافة إلى صناديق وبطانيات.

على وجوههم تظهر علامات التعب والقلق وأحياناً البكاء. لكن رامي شراب يشعر بالارتياح.

يروي أنه عند "حوالى الساعة الثامنة صباحاً طلبوا منا بمكبر الصوت الإخلاء خلال ساعة واحدة وإلا سيقصفون المستشفى".

ويحاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي المستشفى منذ أيام، بحجة أن المجمع الاستشفائي يضم قاعدة عسكرية لحماس، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.

وأضاف "كنت من أوائل الذين غادروا. كان هناك إطلاق نار في الهواء وقصف مدفعي". من جانبه أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه لبى طلب إدارة المستشفى "للإخلاء".

لدى بدء الحصار، قال الأطباء، لوكالة فرانس برس، إنّ القناصة الإسرائيليين كانوا يطلقون النار على أي شخص يغادر المستشفى. ثم بدأت عمليات الجيش في الداخل، في الأروقة وأقسام العناية والمكاتب.

"الجحيم"

تم استجواب مرضى ونازحين وأفراد من الطواقم الطبية وتفتيشهم، وتجريد البعض من ملابسهم، كما قال صحافي في وكالة فرانس برس بقي في المستشفى لعدة أيام حيث كان ينوي إجراء مقابلات.

يقول رامي شراب الذي تعرض للضرب: "كان الجحيم بعينه". ويضيف "بقيت لمدة خمس ساعات في باحة المستشفى بملابسي الداخلية. وكل هذا وسط عمليات القصف".

والقصف متواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول خلّف حتى الآن 12300 شهيد في غزة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

من جهتها تقول سامية الخطيب (45 عاماً)، من سكان مخيم الشاطئ، إنها خرجت وزوجها أيمن الخطيب وابنتها ميسر (15 عاماً) من مستشفى الشفاء السبت، وساروا للحاق بباقي أفراد الأسرة في مخيم النصيرات على بعد عشرة كيلومترات جنوباً.

غادر ثلث سكان شمال القطاع، بحسب المكتب المركزي للإحصاء الفلسطيني، من بين 1,5 مليون نازح من غزة يشكلون ثلثي السكان.

وتضيف "خرجنا من المستشفى باتجاه البحر غرباً. كل الشوارع كانت مدمرة وفيها حفر ضخمة. شاهدت الكثير من الجثث المتحللة قرب المستشفى وعلى طريق الكورنيش. كانت المشاهد مرعبة حقاً. مجزرة حقيقية".

(فرانس برس)

المساهمون