كشفت دراسة عن العنف ضدّ الأطفال في الأردن، أعلنتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بالتعاون مع المجلس الوطني الأردني لشؤون الأسرة، أنّ 75 بالمائة من الأطفال الأردنيين يتعرضون للعنف الجسدي.
ووفق الدراسة التي أجريت بين 2019- 2020، وأعلنت نتائجها الأربعاء، فقد تعرّض 75 بالمائة من الأطفال للعنف الجسدي (79 بالمائة ذكوراً و70 بالمائة إناثاً)، كما بلغت نسبة الأطفال الذين تعرضوا للعنف في مخيمات اللجوء السوري 70 بالمائة (77 بالمائة ذكوراً و62 بالمائة إناثاًَ، فيما وصلت النسبة إلى 55 بالمائة بين الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
وعرّفت الدراسة العنف الجسدي بأنه "أيّ عقاب تُستخدم فيه القوة الجسديّة ويكون الغرض منه إلحاق درجة معينة مـن الألم، مهما قلّت شـدتها، ويشمل هـذا العقاب ضرب الأطفـال أو "الصفـع" أو اللطـم"...، ويمكن أن يشـمل رفـسهم أو رميهم، أو الخدش أو القرص أو العضّ أو نتف الشعر والضرب بالعصى أو إجبارهم على تناول مواد معينة".
وشملت عينة الدراسة، على المسـتوى الوطني: 3281 طفلاً من المدارس الحكومية والخاصة ووكالة الغوث، وعيّنة المخيمات السـورية 296 طفــلاً من مدارس مخيمي الزعتري والأزرق للاجئين السوريين، و126 طفلاً من دور الرعاية، و134 طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى استطلاع آراء 1118 شابا وشابة أعمارهم من 18 إلى 24 عاماً و1563 من الآباء والأمهات.
ووفق الدراسة، فإنّ العنف النفسي كان انتشاره بنسبة 58 بالمائة في العينة الوطنية (57 بالمائة ذكورا، و60 بالمائة إناثاً) و(63 بالمائة ذكوراً و51 بالمائة إناثاً) في مخيمات اللجوء السوري، في حين كان انتشار العنف الجنسي27 بالمائة بين العينة الوطنية (31 بالمائة ذكوراً و23 إناثاً) و24 % بين عينة المخيمات السورية، وكان العنف الجنسي اللفظي باستخدام وإطلاق كلام بذيء أو مخجل هو الأكثر انتشارا.
وكان الصفع على الوجه ومؤخرة الرأس، أكثر أنواع العنف الجسدي شيوعاً، يليه الركل واستخدام أداة، أما مبررات استخدام العنف فكانت السرقة، مغادرة الطفل المنزل أو المدرسة بدون علم الأهل، عدم الاستماع لتعليمات الأهل، تعريض نفسه للخطر وضعف الأداء الأكاديمي.
وحول مرتكبي العنف، أوضحت الدراسة أن الأهل شكلوا 47 بالمائة من مرتكبي العنف في العينة الوطنية و44 بالمائة الإخوة و39 بالمائة من الأقران و27 بالمائة من قبل المعلمين والمعلمات، أما بالنسبة للاجئين، فكان مرتكبو العنف 42 بالمائة من الأهل و44 بالمائة الإخوة، 37 بالمائة الأقران و40 بالمائة المعلمين والمعلمات.
بدورها، رجّحت المديرة التنفيذية لمؤسسة درة المنال للتنمية والتدريب، والمديرة التنفيذية السابقة لجمعية إنقاذ الطفل في الأردن، منال الوزني لـ"العربي الجديد" أن تكون هذه الأرقام مرحلية ومرتبطة بجائحة كورونا، لافتة إلى أن نتائج الدراسات تعتمد على آلية إجرائها والأسئلة التي تُطرح من قبل الباحثين.
وأشارت إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية لنسبة كبيرة من الأسر في ظل الجائحة، ما ضاعف من معاناتهم وزاد التوتر وجود الأطفال الدائم في المنزل، خصوصا خلال أيام الحظر ومنع التجول، فأصبحت هذه الفئة أكثر عرضة للتعنيف من قبل ذويهم نتيجة لتفاعلات اجتماعية واقتصادية عدة.
واعتبرت أنّ ذلك مرتبط بوجود الأسرة في بيئة مغلقة، يصبح فيها تصرف الطفل مختلفاً، فيما الأهالي قلقون على المستقبل، مشيرة إلى أن الكثير من الدراسات كشفت عن زيادة العنف المنزلي بسبب الظروف التي رافقت وباء كورونا، خاصة أن فترة طويلة ارتبطت بالدراسة عن بُعد.
وبيّنت أنّ هناك خلطاً يحدث أحيانا بين تعديل السلوك واستخدام العنف، مشيرة إلى أن العنف المنزلي المرتبط بين الإخوة ارتفع مع وجودهم لفترة طويلة مع بعضهم البعض في المنازل.
وقالت إنّ العنف الممارس على الأطفال سينعكس على الأجيال المقبلة، فالجيل المعنف سيمارس العنف في المستقبل أيضا.
هذا، وأوصت الدراسة بتنفيذ وإنفاذ القوانين، ومنها الموافقة على قانون حقوق الطفل كقانون خاص، وإلغاء النص القانوني الخاص بالسماح بإسقاط الحق الشخصي عن مرتكب العنف في الأردن، وتوفير بيئات آمنة للأطفال من خلال مساقات تعليمية متخصصة عن العنف ضد الأطفال في التعليم المهني والجامعي.
كما طالبت بمأسسة برامج حماية الطفل في القطاعات التربوية الصحية، ووضع خطة وطنية للاستجابة لاستغلال الأطفال عبر الإنترنت، وإشراك الأطفال في تصميم وقيادة برامج الحماية، وتقديم الدعم للأهل من خلال تعزيز المفاهيم الإيجابية وبدائل طرق التأديب، وتطبيق برامج لتعزيز التربية الإيجابية لدى مقدمي الرعاية.