دراسة تحذّر الأردن من عواقب الإجهاد المائي

20 يوليو 2022
ثمّة تبعات اجتماعية واقتصادية خطرة على الأردن نتيجة أزمة المياه (ماركوس يام/ Getty)
+ الخط -

حذّرت دراسة جديدة أعدّتها "إيكونوميست إمباكت" بتكليف من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، من عواقب اجتماعية واقتصادية خطرة على الأردن بسبب أزمة المياه فيه، بعدما تضافرت عوامل عديدة أخيراً وأدّت إلى تفاقم الضغط على الموارد المائية المحدودة، بما في ذلك التركيبة السكانية والتوسّع الحضري وتغيّر المناخ.

وخلصت نتائج "دراسة تكاليف الإجهاد المائي في الأردن" التي أطلقتها منظمة "يونيسف" بالتعاون مع وزارة المياه والري/ سلطة المياه، اليوم الإربعاء، إلى أنّ 90% من الأسر ذات الدخل المنخفض في الأردن قد تواجه ضعفاً شديداً في المياه في العقود المقبلة، إذ يشكّل الوضع المائي المتدهور خطراً على كلّ من حقوق المرأة والصحة العامة، خصوصاً أمراض الطفولة الناجمة عن نقص الوصول إلى المياه.

وبيّنت الدراسة أنّ مصادر المياه المتجدّدة في البلاد لا تلبّي حالياً إلا نحو ثلثَي احتياجات السكان من المياه، مع زيادة مستويات الإجهاد المائي (التي تُعرف باستجرار المياه كنسبة من الموارد المائية المتاحة) من 80% إلى 100% في العقدَين الماضيَين.

وقد حاولت الدراسة إيجاد حلول، إنّما على حساب المواطن الأردني. فعلى الرغم من أنّ مقدّمتها تقرّ بارتفاع نسبة البطالة في ظلّ أزمة كورونا الوبائية إلى ما يزيد عن 25%، وبطالة الشباب إلى ما يقرب من 50%، الأمر الذي أدّى إلى انخفاض دخل الأسرة وزيادة الإنفاق الاجتماعي، فإنّها (الدراسة) تطالب بتغيير وتحسين نظام دعم أسعار المياه (أيّ رفع سعر الكميات المستهلكة من قبل المواطنين بحسب شريحة الاستهلاك).

وبحسب الدراسة نفسها، تساهم الزراعة بنحو خمسة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للأردن وتوظّف 3% من العمالة، لكنّها تستهلك أكثر من 50% من المياه العذبة في البلاد. وفي هذا الإطار، وبحسب تقديرات دراسة للبنك الدولي، فإنّه في إمكان انخفاض موارد المياه والتغيّرات ذات الصلة في كميات المحاصيل الناجمة عن تغيّر المناخ أن يقللا من الناتج المحلي الإجمالي الأردني بنسبة تصل إلى 6.8%، أي ما يعادل 2.6 مليار دولار أميركي في الفترة المقبلة.

ويساهم الإجهاد المائي في تفاقم تحديات الأمن الغذائي في الأردن، لا سيّما بين الفئات الضعيفة من السكان. وقد ازداد انتشار نقص التغذية من 5% إلى 10% منذ منتصف العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، في حين أنّ نحو 56% من الأردنيين و89% من اللاجئين ما زالوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي أو عرضة لانعدام الأمن الغذائي.

ووفقاً للدراسة نفسها، انخفض معدّل كفاية المدخول الغذائي في الأردن من 125% في منتصف العقد الأوّل من القرن الجاري إلى 117% فقط، وهو أقلّ بكثير من المتوسط الإقليمي البالغ 125%، ومن دون تدخّل للحدّ من تزايد الإجهاد المائي من الممكن أن تنخفض هذه النسبة أكثر حتى تصل إلى 115%، الأمر الذي يزيد من خطر تعرّض الناس لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.

والدراسة التي طلبتها منظمة "يونيسف"، أفادت أيضاً بأنّه في إمكان زيادة استهلاك المياه بنسبة 5% أن تقلّل من وفيات الرضع في الأردن من 13.4 وفاة لكلّ 1000 حالة إلى 9.7 وفاة لكلّ 1000 حالة. ومع ذلك، على الرغم من التقدّم الكبير الذي أُحرز في العقود الأخيرة، فإنّ لدى 85% و82% فقط من الأردنيين على التوالي إمكانيةً للوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي المُدارة بأمان.

وسوف يحتاج الأردن، بحسب الدراسة، إلى زيادة كمية المياه التي يمكن توفيرها للمستخدمين النهائيين. وقد لفتت الدراسة إلى أنّ الاكتشافات الأخيرة في تكنولوجيا تحلية مياه البحر أدّت إلى خفض التكاليف المحتملة لتحلية المياه إلى أقلّ من 0.60 دولار أميركي لكلّ متر مكعّب، كما توفّر معالجة مياه الصرف الصحي مصدراً بديلاً للأردن، علماً أنّها تغطّي حالياً نحو 14% فقط من إمدادات المياه في البلاد.

في سياق متصل، قال مساعد أمين عام وزارة المياه والري لشؤون التخطيط الاستراتيجي المهندس محمد الدويري إنّ الحكومة تعمل على معالجة بعض التحديات الاقتصادية على النحو المدعوم بالأدلة والتوصيات العلمية التي تمّ التحقق منها، وهذا هو سبب دعم الوزارة نتائج هذه الدراسة بشكل كامل. وهي تتطلع إلى استخدامها لدعم المناقشات الموحّدة وصنع القرار لتجنّب مشكلة ندرة المياه النظامية في الأردن، على الرغم من تنفيذ حكومة الأردن ووزارة المياه والري تدخّلات عديدة في الماضي. وشدّد الدويري على أهمية الدعم المستمر من المجتمع الدولي للتخفيف من مستوى الضعف الذي قد ينشأ عن ندرة المياه في الأردن.

من جهتها، أفادت ممثّلة منظمة يونيسف في الأردن تانيا شابويزات بأنّ تغيّر المناخ وندرة المياه يمثّلان أزمة تدعو إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة الآن لحماية هذا المورد الثمين جداً، أضافت أنّ الأردن يواجه، كما دول كثيرة في العالم، انخفاضاً في إمدادات المياه العذبة تفاقم بسبب فقدان 50% من إمدادات المياه نتيجة الخسائر الفنية أو التجارية.

أضافت شابويزات أنّ تصاعد التوتّرات حول الموارد المائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يترافق مع الاحترار المناخي، لافتة إلى أنّ الدراسة اكّدت أهمية الحوار والجهود الدبلوماسية لتعزيز الأمن المائي. يُذكر أنّ الأردن يحصل حالياً على 40% من مياهه من الأحواض العابرة للحدود، الأمر الذي يجعله يعتمد بشكل كبير على جيرانه.

المساهمون