كشفت دراسة جديدة نشرتها مجلة "ذا نيتشر"، أمس الاثنين، أنّ تأثيرات أزمة المناخ، قد تؤدي إلى تصادم حقيقي بين الإنسان والحياة البرية. ففي العديد من الدول التي تعاني من الجفاف على سبيل المثال في أفريقيا، يواجه السكان مشاكل مع الحيوانات، التي تسعى للبحث عن الماء والطعام في المجتمعات السكانية، وهو ما سبق وأظهره تقرير لصحيفة ذا غارديان البريطانية.
نظر الفريق البحثي من جامعة واشنطن في التغيرات البيئية الحاصلة خلال الـ30 سنة الماضية، ووجدوا أنّ عدد الدراسات التي تربط الانهيار المناخي بالصراع قد تضاعف أربع مرات في السنوات العشر الماضية، مقارنة بالعقدين الماضيين، وهو ما قد تكون له نتائج سلبية.
Human–wildlife conflict could be amplified by climate change, argues a Progress Article in @NatureClimate. The findings demonstrate the need to identify and mitigate future impacts on both human and wildlife wellbeing as a result of climate change: https://t.co/KFLOo7UM1Z
— Springer Nature (@SpringerNature) February 27, 2023
تناولت الدراسة نحو 49 حالة صراع بين الإنسان والحياة البرية، في كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية وفي المحيطات الخمسة، وشملت البعوض، الأفيال، الطيور، الأسماك، الزواحف وغيرها.
كانت التغيرات في درجات الحرارة وتساقط الأمطار، الدوافع الأكثر شيوعاً للصراع، واستُشهِد بها في أكثر من 80%، وجاءت النتائج صادمة إلى حد كبير، فقد أظهرت الدراسة أنّ 43% من عدد الإصابات أو الوفيات كانت بشرية، فيما نحو 45% حالة سجلت في الحالات البرية.
في دراسة سابقة نُشرت عام 2021، في مجلة "ذا ساينس" الأميركية، حاول الخبراء التركيز على العلاقات التفاعلية بين الإنسان والحياة البرية، وحينها وجدوا أنّ تغير المناخ يزيد من تفاقم النزاعات بين الإنسان والحياة البرية من خلال إجهاد النظم البيئية وتغيير السلوكيات، وكلاهما يمكن أن يعمق الاتصالات، والمنافسة المحتملة بين الناس والحيوانات. لذا، طالب الخبراء بضرورة توسيع نطاق البحث في الطرق التي يؤثر بها تغير المناخ في التفاعل بين الأنشطة البشرية ومجموعات الحياة البرية.
نماذج مختلفة
تطرقت الدراسة إلى عدد كبير من المناطق التي تشهد تفاعلاً سلبياً بين الإنسان والحياة البرية، وقد ذكرت أنه في بلد مثل سومطرة في إندونيسيا، توفي عدد من الأشخاص، بعد موجه الجفاف التي ضربت المنطقة في عام 2019، وأدت إلى خروج النمور والأفيال إلى مناطق جديدة.
وارتفعت حالات الاعتداء بين الحيوانات نفسها بسبب تغير المناخ، في مناطق عديدة بأفريقيا، وبدأت الحيوانات المفترسة تقترب من المناطق السكنية، حيث تعيش الحيوانات الأليفة، لافتراسها.
في منطقة القطب الشمالي، يساهم تغير المناخ في تقليل كمية الجليد البحري، ما يعني أنّ الدببة القطبية تضطر بشكل متزايد إلى الصيد على الأرض. وتضاعف عدد التفاعلات بين الإنسان والدب القطبي ثلاث مرات في مدينة تشرشل الكندية، المعروفة باسم "عاصمة الدب القطبي في العالم" .
وتعمل الحيتان الزرقاء على تغيير توقيت هجرتها مع تزايد تواتر موجات الحر البحرية، ما يزيد من الاصطدامات بالسفن. ويجبر الجفاف الأفيال في تنزانيا على البحث عن الطعام والماء بالقرب من القرى، ما أدى إلى تلف المحاصيل وحوادث القتل الانتقامي.
نتائج هذه الدراسة تأتي منسجمة مع تحليل نشرته مجلة "ذا ساينس" قبل أعوام، وحذرت فيه من أنّ ظاهرة الاحتباس الحراري تؤدي إلى إعادة ترتيب مجموعات الحيوانات والنباتات في جميع أنحاء العالم، مع ما يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة على البشرية.
وأظهرت النتائج أنّ ارتفاع درجات الحرارة على اليابسة والبحر يجبر الأنواع بشكل متزايد على الهجرة إلى مناخات أكثر برودة، ما يدفع الحشرات الحاملة للأمراض إلى مناطق جديدة، ونقل الآفات التي تهاجم المحاصيل وتحويل الملقحات التي تخصب العديد منها.
وحذّر الخبراء من أن بعض التحركات ستضر بطبيعة العلاقة بين الحيوانات البرية والإنسان، ورجحت أن تزداد التوترات في السنوات المقبلة.