استمع إلى الملخص
- التوجيهات تأتي في سياق محاولات النظام للتجاوب مع المطالب الدولية بتقييد تصرفات الأجهزة الأمنية وإخضاعها للقانون، لكن محامي من دمشق يشكك في فعاليتها.
- الأجهزة الأمنية غالبًا ما تعمل بمعزل عن وزارة الداخلية، مما يؤدي إلى اعتقالات غير مبررة بناءً على اعترافات المعتقلين، ويضطر المواطنون لدفع أموال لمعرفة ما إذا كانوا مطلوبين أمنيًا.
طلب وزير الداخلية في حكومة النظام السوري محمد الرحمون من الضباط العاملين في الوزارة، عدم إذاعة البحث عن أيّ شخص ما لم تتوفّر ضدّه أدلة تثبت تورّطه في الجرم المتهم به. وأتى ذلك بعد تزايد ظاهرة تعميم أسماء أشخاص، خصوصاً عند الحدود، بأنهم مطلوبون للنظام بناء على اعترافات أشخاص آخرين معتقلين لدى النظام.
وحثّ الرحمون، في اجتماع عقده أمس السبت مع مديري إدارات الأمن الجنائي ومكافحة المخدرات ومكافحة الاتجار بالأشخاص ورؤساء فروع الأمن الجنائي ومكافحة المخدرات في المحافظات، على "تعزيز الدوريات وتقصّي المعلومات والدقّة في عمل الوحدات الشرطية والتحرّي في الجرائم المرتكبة". كذلك طالب وزير الداخلية في حكومة النظام بـ"عدم إذاعة البحث عن الأشخاص، إلا الذين تتوفّر ضدّهم أدلة تثبت تورّطهم في الجريمة، وعدم الاكتفاء بالاعتراف الموجّه ضدّهم من دون أدلة، وتجنّب إصدار بلاغات مراجعة بحقّ أشخاص من دون توفّر المبرّرات الكافية لذلك"، بحسب ما جاء في صفحة الوزارة الرسمية على "فيسبوك".
ويرى متابعون أنّ هذه الخطوة تأتي في سياق مساعي النظام السوري إلى منح انطباع بأنّه يبذل الجهود ويتّخذ الإجراءات من أجل تحسين أداء أجهزته الحكومية، خصوصاً الأمنية، بما يستجيب للمطالب الإقليمية والدولية التي يتركز عدد كبير منها على ضرورة كفّ يد الأجهزة الأمنية عن حياة الناس اليومية، إلى جانب ضرورة إخضاع تصرفات تلك الأجهزة للقانون.
يقول المحامي ح. م. المقيم في دمشق لـ"العربي الجديد" إنّ هذه التوجيهات ليست جديدة، وسبق أن صدرت تعليمات مماثلة في السابق، لكنّ أثرها لم يكن كبيراً على أرض الواقع، ولا سيّما أنّ بطاقات "إذاعة البحث" بمعظمها تصدر عن الأجهزة الأمنية المختلفة التي لا تتبع وزارة الداخلية، مشيراً إلى أنّها "في الحقيقة لا تتبع أحداً، لأنّ كلّ جهاز يتصرّف وحده، فيما ينسّق رئيس كلّ جهاز مع رئيس الجمهورية أو القصر الجمهوري".
يضيف المحامي، الذي تحفّظ على الكشف عن هويته "إلى جانب التعاميم الأمنية المرتبطة بالمعارضين في معظم الأحيان، تلاحَظ في الآونة الأخيرة كثرة إذاعات البحث المرتبطة بتجارة المخدرات. ويشترط المحققون على كلّ معتقل يستجوبونه الاعتراف على شركاء مفترضين له. فيلجأ بالتالي إلى ذكر أسماء أشخاص في خارج سورية، ويُصار إلى اعتقال هؤلاء حالما يصلون إلى الأراضي السورية، من دون أن يعلموا ما هي طبيعة التهم الموجّهة إليهم في أحيان كثيرة".
ويلفت المحامي السوري نفسه إلى أنّ "مواطنين كثيرين في البلاد يعمدون بين الفينة والأخرى إلى دفع أموال لمعرفة ما إذا كانوا مطلوبين من قبل جهة أمنية معيّنة، قبل إقدامهم على مراجعة مؤسسات حكومية أو السفر إلى خارج البلاد، خشية أن يكون أحدهم قد ذكر أسماءهم في تحقيق ما، وأن تكون تلك الأسماء قد عُمّمت على المؤسسات الحكومية والمراكز الحدودية من أجل اعتقالهم حين وصولهم إليها".
تجدر الإشارة إلى أنّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان ذكرت، في تقرير أصدرته مطلع شهر مايو/أيار الجاري، أنّها وثّقت اعتقال النظام ما لا يقلّ عن 212 شخصاً في شهر إبريل/نيسان الماضي، خصوصاً من بين اللاجئين الذين عادوا من لبنان أخيراً.
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد اجتمع في مطلع العام الجاري مع قادة الأجهزة الأمنية، وبحث معهم "الأثر المرتقب لإعادة الهيكلة التي تجري في المجال الأمني وتطوير التنسيق بين الأجهزة، بما يعزّز أداء القوات الأمنية في المرحلة المقبلة"، وفقاً لما نُشر على حساب رئاسة الجمهورية على تطبيق "تليغرام" في حينه. كذلك تزامن ذلك مع إعلان وزارة الدفاع في حكومة النظام عن دورات لتطويع شبّان بعقود محدّدة لخمسة أعوام أو عشرة للعمل لمصلحة الوزارة، مع رواتب عالية وامتيازات كثيرة غير مألوفة بالنسبة إلى المتطوّعين السابقين لدى الوزارة، الذين يتطوّعون في العادة مدى الحياة وليس لفترة محدّدة.