خيارات مرّة للمصريين في عيد الفطر
عبد الكريم سليم
"أتأكلن أم تلبسن؟" هكذا خيّرت فاطمة بناتها من أجل تحذيرهن من طلب شراء ملابس عيد الفطر. تقول لـ "العربي الجديد": "راتب زوجي، الموظف في الإدارة التعليمية بمدينة الجيزة المصرية، الذي ناله قبل العيد يسمح بشراء ملابس لبناتنا الثلاث، لكن كيف سنعيش بقية الشهر؟".
وتقول هدى، زميلة زوج فاطمة في العمل، لـ"العربي الجديد": "أسرعت وفعلت كما أفعل كل عام في بداية رمضان بالنزول مبكراً إلى المحلات لشراء ملابس العيد، تجنباً لازدحام فترة العيد نفسها ولاستغلال الباعة الذين يقومون برفع الأسعار أكثر مع دخول العيد".
فشلت هدى في شراء ملابس بسعر مناسب فتجوّلت في الأسواق الشعبية حيث كادت الأسعار، كما تقول، "تحرق أصابعها" وهي تقلّب في الملابس على طاولة البائع الذي يفترش أحد الشوارع الجانبية بمنطقة الطالبية بالجيزة". تضيف: "اشتريت طقماً لكل من أطفالي الأربعة، ما فاقم أزمة المبلغ الكافي من الراتب لنفقات شهر رمضان". ولم تخطر على بال هدى حتى فكرة شراء كعك العيد، في ظل الأزمة، "فمن يتمكن من الدخول على أسرته بكعك العيد أو بملابس جديدة مشكوك في أمره، في ظل الغلاء الكبير، ويجب التحري حول مصدر ثروته".
مناورات مع الأسعار
"لعبة شد الحبل مع الارتفاع الفاحش في الأسعار لتدبير النفقات لا يزال المصريون قادرين على التعامل معها"، هذا ما يوضحه عبد الرحمن الذي يعمل سائقاً في هيئة حكومية، لـ"العربي الجديد"، ويقول: "هناك دائماً حل كي نعيش ونسعد أبناءنا. وهو يتمثل حالياً في أسواق البضاعة المستعملة التي باتت الوجهة المفضلة لكثيرين. وقد نصحني أحد زملائي الذي يتقاضى دخلاً أعلى مني، ويعد من أبناء الطبقة المتوسطة، بالتوجه إلى وكالة البلح وسط القاهرة، وشراء سلع منها بسعر مناسب".
هكذا وجد عبد الرحمن ثغرة في الأزمة لشراء ملابس، وأخرى أيضاً لإسعاد أطفاله عبر جلب كعك العيد إليهم، "إذ اشتريت لزوجتي مكونات صنعه من دقيق وسكر وسمن بما تيسر من مال كما أفعل كل عام، رغم أن مبلغ العام الحالي أقل، وقلت لها إن هذا المبلغ الذي انخفض هو المتاح بعدما التهم ارتفاع الأسعار بوتيرة متصاعدة معظم الراتب، وقليل من الكعك سيسعد الأطفال، وهو أفضل من لا شيء".
وأعدت الزوجة في صينية كبيرة الحجم عدداً معقولاً من قطع الكعك وحملتها معها في "توك توك" إلى فرن إفرنجي قريب لخبزها مقابل قيمة معقولة.
وعلى هذا المنوال، تأثرت مبيعات محلات الحلويات والكعك بتزايد اعتماد المصريين حل آباءهم وأمهاتهم في صنع الكعك في المنزل. ويؤكد محمد، وهو عامل توصيل (ديلفيري) لدى عدد من محلات الحلويات، انخفاض معدلات توصيل الطلبات هذا العام عن السابق بسبب الارتفاع الفاحش في الأسعار.
واحتل الكعك المحشو بمكسرات مقدمة الحلويات التي شهدت الارتفاع الأكبر في الأسعار، بحسب نوع المكسرات المستخدمة، علماً أن محافظين وقادة حزبيين أطلقوا مبادرات لتوفير مستلزمات العيد بأسعار مخفضة نحو النصف.
وفي محافظات القاهرة والسويس والجيزة، جرى تنظيم معرض بأسعار مخفضة للملابس الجاهزة والأحذية والسلع الغذائية الخاصة والمفروشات، والمخبوزات الخاصة بعيد الفطر واللحوم ولعب الأطفال والأدوات المنزلية.
في سوق بالجيزة، يعرض بائع حلويات أفضل ما لديه، وهو علبة من الكعك المشكل من أنواع من المخبوزات بزنة كيلوغرام ونصف الكيلوغرام. ويقول لـ"العربي الجديد" من دون أن يكشف اسمه: "المحافظة أمّنت لنا المكان مجاناً، وروّجت له ما جلب الزبائن، لذا جرى توفير قسم من التكاليف المتعلقة بالإنتاج والتسويق، ما خفّض الأسعار". لكن زبوناً همس في أذن شخص وقف إلى جانبه محذراً من رداءة النوع المصنوع من مكونات سمن ودقيق رخيصة وأقل جودة، ومخلفات مصانع السكر للتحلية. وهو كان حريصاً على ألا يسمعه البائع الذي استمر في إقناع داخلي السوق بجودة المنتجات.
وداخل السوق كان بائع ملابس يحاول إقناع زبونة بشراء قطعة، في وقت أصرّت على أنها ستكتفي بشراء ملابس لأطفالها فقط، ورددت: "إما نفرح نحن بملابس العيد أو أطفالنا". وبدا السوق غير مزدحم "بسبب تدهور الأحوال المعيشية وضيق ذات اليد عند الجميع"، بحسب ما يقول حسن، وهو بائع ملابس.
وأكد محافظ الجيزة اللواء احمد راشد، خلال جولة تفقدية لسوق الجيزة توفر كل منتجات الملابس الجاهزة بجودة عالية، مع الالتزام بنسب التخفيضات على السلع التي لا تقل عن نسبة 30 في المائة عن تلك في الأسواق الخارجية.
وبحسب بيان أصدرته أخيراً وزارة التموين والتجارة الداخلية، أمر الوزير علي المصيلحي الشركة القابضة للصناعات الغذائية بتوفير جميع السلع الغذائية الأساسية وطرحها بكميات وأسعار مناسبة، إضافة إلى كل مستلزمات عيد الفطر من كعك وبسكويت وأسماك مملحة في المجمعات الاستهلاكية، وبتخفيضات تصل إلى 30 في المائة.
وتلقى المصيلحي تقريراً من الشركة القابضة للصناعات الغذائية أفاد بأنها ستفتح ثلث مخازنها يومياً خلال إجازة عيد الفطر لاستكمال صرف المنظومة التموينية لشهر مايو/ أيار الجاري، واستلام السلع.