في مواجهة الهوة التي تفصل بين الدول الغنية، حيث تتوافر اللقاحات ضد وباء كوفيد-19 بكثرة، والدول الفقيرة التي لم تتمكن من تلقيح سوى نسبة ضئيلة من سكانها، طالبت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء، بتجميد توزيع الجرعات المعزِّزة للقاحات سعيا لإحلال توازن، وإن كان محدودا.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحافي في جنيف: "نحتاج إلى قلب الوضع بسرعة، والانتقال من توجيه غالبية اللقاحات إلى الدول الغنية، إلى توجيه غالبيتها إلى الدول الفقيرة"، مؤكدا أن التجميد يجب أن يستمر "حتى نهاية سبتمبر/أيلول على الأقل".
ورد البيت الأبيض على الفور رافضا دعوة منظمة الصحة، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي: "إنه بديل خاطئ. نعتقد أن بإمكاننا القيام بالأمرين. لسنا بحاجة إلى أن نختار" ما بين توفير جرعات ثالثة للأميركيين، وهذا لم يتقرر رسميا بعد في مطلق الأحوال، ومساعدة الدول الفقيرة.
وأدلى غيبريسوس بتصريحه تعليقا على إعلان عدد من الدول، من بينها ألمانيا، توزيع جرعة ثالثة "معزّزة" من اللقاحات التي تتطلب جرعتين بالأساس. وستخصص هذه الجرعات المعزّزة بشكل أساسي إلى المسنين الذين لا ينتج نظامهم المناعي كمية كافية من الأجسام المضادة رغم تلقيهم اللقاح كاملا.
وطالب مدير المنظمة الأممية بأن يستمر التجميد حتى تحقيق الهدف الذي حدده في مايو/أيار، وهو تلقيح 10 في المائة من سكان العالم ضد كوفيد-19 الذي أودى بحياة أكثر من 4.2 ملايين شخص منذ ظهوره في نهاية 2019، بحسب الأرقام الرسمية. وقال غيبريسوس: "لبلوغ ذلك، نحتاج إلى تعاون الجميع، لا سيما مجموعة البلدان والشركات التي تتحكم في إنتاج اللقاحات عالمياً".
ودعا كبرى شركات الأدوية على وجه الخصوص إلى دعم آلية "كوفاكس" الدولية التي أرسيت لمكافحة انعدام المساواة على مستوى توفير اللقاحات، ومساعدة 92 دولة فقيرة لتحصين سكانها.
Media briefing on #COVID19 with @DrTedros https://t.co/beAu9uWJ0j
— World Health Organization (WHO) (@WHO) August 4, 2021
وتعجز "كوفاكس" إلى الآن عن تحقيق مهمتها لعدم توافر الجرعات، ولم توزع سوى جزء ضئيل مما كان مقررا بالأساس لعدم تمكنها من شراء اللقاحات الضرورية، ولقيام الهند بتجميد تصدير اللقاحات التي تنتج على أراضيها حتى تتمكن من مكافحة تفشي الوباء بين مواطنيها.
غير أن النظام حصل على عشرات ملايين الجرعات التي قدمتها بلدان كانت تملك فائضا من اللقاحات، أو لقاحا من صنف لا يناسبها، مثل الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية أخرى.
ومن أصل أربعة مليارات جرعة أعطيت حول العالم، ذهبت 80 في المائة منها إلى البلدان مرتفعة ومتوسطة الدخل، في حين يعيش فيها أقل من 50 في المائة من سكان العالم.
وأقرّ المكلّف بآلية "كوفاكس" داخل منظمة الصحة، بروس أيلوارد، بأنّ نهاية سبتمبر/ أيلول هدف طموح لن يتحقق إذا استمرت الأمور بوتيرتها الحالية.
وتعتزم ألمانيا بدء إعطاء جرعة ثالثة اعتبارا من الأول من سبتمبر/ أيلول تشمل المسنين والمعرضين للخطر. وقال متحدث باسم وزارة الصحة الألمانية: "هدفنا مزدوج: نريد تأمين جرعة ثالثة من باب الاحتراز للأشخاص المعرضين للخطر، وبموازاة ذلك تقديم دعمنا لحملة تلقيح تشمل جميع سكان العالم إن أمكن" من خلال تقديم عشرات ملايين الجرعات لآلية كوفاكس.
غير أن مسؤولة اللقاحات في منظمة الصحة، كايت أوبراين، تساءلت حول جدوى جرعة ثالثة، وقالت: "لا نملك عناصر أدلة كاملة لنعرف ما إذا كنا بحاجة إليها أم لا".
أسعار اللقاحات
وطالبت منظمة الصحة الشركات ببذل مجهود على جبهة أخرى هي جبهة الأسعار. وتعتزم شركتا فايزر وموديرنا للأدوية زيادة ثمن لقاحيهما اللذين يعتبران الأكثر فاعلية في السوق، بعد تعديلهما لمكافحة متحورات الفيروس، بحسب ما أفاد به وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، كليمان بون.
ولفتت ماريانجيلا سيماو، المكلفة الوصول إلى الأدوية في منظمة الصحة، إلى أنه "من المهم للغاية أن تعتمد الشركات أسعارا معتدلة"، وشددت على أنه "في وضع طبيعي للسوق، من المفترض أن تنخفض الأسعار وليس أن ترتفع"، مذكرة بأن فايزر وموديرنا لم تنجحا في زيادة إنتاجهما فحسب، بل عززتا إنتاجيتهما أيضا، وتابعت: "نطالب الشركتين بالإبقاء على أسعار متدنية يمكن تحملها".
وعلى صعيد جهود التلقيح، أعلنت السلطات الصحية البريطانية توسيع حملة التطعيم لتشمل "في أسرع وقت ممكن" الفتيان في سن 16 و17 من العمر، مع الامتناع في الوقت الحاضر عن تلقيح من هم بين 12 و15 سنة، عدا من يعانون من ضعف.
من جهة أخرى، وعد الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة الذي مول تطوير لقاح "سبوتنيك-في" بتسوية مشكلة التأخير في تسليم الشحنات خلال شهر أغسطس/آب، بعدما شكت دول في أميركا اللاتينية من هذه المشكلة.
(فرانس برس)