خطوات "تكتيكية" للأسرى الفلسطينيين لمنع الاحتلال من فرض إجراءات جديدة

25 اغسطس 2022
يبلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 4550 (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -

"تكتيكياً" يواصل الأسرى الفلسطينيون منذ أيام خطواتهم الاحتجاجية الاستباقية لمواجهة أية إجراءات تحاول إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي فرضها عليهم مطلع الشهر المقبل، إذ إنهم عازمون على خطوات أكثر قسوة تصل إلى حد الإضراب الجماعي للأسرى كافة، إذا نفذت إدارة السجون تلك الإجراءات عليهم.

ويبدو أن إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي عازمة على تقويض الحياة الاجتماعية والتنظيمية داخل السجون، لتتعامل مع الأسرى كأفراد، لا كتنظيمات، من خلال عدة إجراءات، كان أبرزها نقل الأسرى من أصحاب المحكوميات العالية بين السجون باستمرار لمنع استقرارهم تبعاً لتوصيات لجنة "أردان" الأمنية التي شكلها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بعد عملية (نفق الحرية)، حيث تمكن ستة أسرى من الفرار من سجن جلبوع قبل نحو عام، وكذلك قدمت اللجنة مقترحات تجعل حياة الأسرى أكثر صعوبة، بحسب ما يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، في حديث لـ"العربي الجديد".

وفي شهر فبراير/شباط من العام الجاري، قرر الأسرى الشروع بسلسلة خطوات نضالية، بعد جملة من الإجراءات التّنكيلية، كان أبرزها تغيير نظام "الفورة"، أي الخروج إلى ساحة السّجن، والتضييق على الأسرى من ذوي الأحكام العالية، وتحديداً المؤبدات.

ويوضح فارس أن إدارة سجون الاحتلال تنصلت من اتفاقية سابقة مع الأسرى بوقف تلك الإجراءات، في 25 مارس/آذار 2022، وأبلغت الأسرى الأسبوع الماضي أنها ستعود لتطبيق تلك التوصيات الأمنية، بدءاً من الخامس من سبتمبر/أيلول المقبل، لكن الأسرى فعّلوا "لجنة الطوارئ"، التي تضم جميع الفصائل، وبدأوا بخطوات استباقية قد تدفعهم إلى خطوة الإضراب عن الطعام.

ووفق فارس، فإن أبرز ما أقرته تلك اللجنة الأمنية بشكل أساسي، هو النقل الدوري للأسرى من أحكام المؤبدات والمصنفين "خطيرين جداً"، بحيث يُنقَلون ولا يُسمح بإقامتهم في الغرفة الواحدة أكثر من ستة أشهر، وفي القسم الواحد أكثر من سنة، وفي السجن الواحد أكثر من عامين، فيما يؤكد فارس أن ذلك الإجراء يقوّض نظام الحياة داخل السجن، ويشتّت الأسرى، ويقوّض الحياة التنظيمية، ويجري التعامل مع الأسرى كأفراد، لا كتنظيمات.

ويشدد فارس على أن الخطوات التي ينفذها الأسرى حالياً خطوات مدروسة، وهم مضطرون إليها، لأنه في حال نجاح إدارة سجون الاحتلال بفرض إجراءاتها، فإن ذلك سيكون فاتحة لسلسلة إجراءات أخرى تقوّض حياة الأسرى.

وحول السيناريوهات المتوقعة، يوضح عبد الفتاح دولة، الناطق باسم مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، والأسير السابق، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "السيناريو الأكثر قرباً من الواقع، هو أن الحراك لن يتوقف قريباً، والأسرى ذاهبون إلى إضراب مفتوح عن الطعام خلال الأيام القليلة إذا لم يُستجَب لمطالبهم".

ويؤكد دولة أن "كل الخطوات الحالية التي يقوم بها الأسرى تؤكد هذا السيناريو، مثل بدء الأسرى بعدم الخروج من الغرف في وقت الفحص، والقيام بحالة تمرد وعصيان في الساحة، وحل التنظيمات، كلها خطوات تصعيدية ترجّح الذهاب نحو الإضراب المفتوح عن الطعام، وهذه أعلى درجات التمرد والعصيان في السجون، والوضع وصل إلى درجة الطوارئ، وهذا الوضع لا يمكن إدارة سجون الاحتلال أن تقبل باستمرار".

وخلال الأسبوع الجاري، شرع الأسرى بعدة خطوات، بينها الامتناع عن الخروج إلى الفحص الأمني وإرجاع وجبات طعام، ثم كان آخر تلك الخطوات اليوم الخميس، بخروج المئات من الأسرى في السّجون كافة من الأقسام، والاعتصام في ساحات السّجون، كجزء من خطوات "العصيان والتّمرد" على قوانين إدارة السّجون، وذلك تحت شعار "موحدون في وجه السّجان".

كذلك قرر الأسرى في إطار خطواتهم المستمرة البدء بخطوات حل الهيئات التنظيمية في السّجون كافة ومن الفصائل كافة، ابتداءً من الأحد المقبل، الأمر الذي يفرض على إدارة السجون مواجهة الأسرى كأفراد.

لكن في المقابل، وفق الأسير المحرر دولة، حكومة الاحتلال لا ترسل أي إشارات بالاستجابة لهذه الخطوات، ومن الواضح أنها ستوظف هذا الأمر في الانتخابات من باب التعنت وعدم الاستجابة لمطالب الأسرى، "ما يعني أننا ذاهبون إلى الإضراب المفتوح عن الطعام"، ويقول دولة: "بعد الإضراب عن الطعام، ستكون إدارة السجون مكرهة في الاستجابة لمطالب الأسرى، لكن نتمنى أن لا يكون هذا الإضراب طويلاً".

ويشدد دولة على أن "الحركة الأسيرة اليوم تقوم بخطوات موحدة من كل الفصائل، وهذا الأمر لم يحدث منذ سنوات، وهذه الوحدة ستقلل من عمر الإضراب وتحقق مطالب الأسرى أو غالبيتها".

وحول المطلوب حالياً، يؤكد دولة "أنه إذا كان هناك حراك حقيقي مساند في الشارع، فقد لا نذهب إلى الإضراب، وهذا ملقى على عاتق جميع الفصائل والمؤسسات والمجتمع الفلسطيني إذا أخذوا دورهم الكامل وقاموا بإسناد الأسرى شعبياً في الشارع".

ويقول دولة: "لدينا أكثر من 48 ساعة قبل الوصول إلى يوم الأحد، وهو اليوم الذي هدد فيه الأسرى بحل الهيئات التنظيمية، وأعتقد أن إدارة السجون معنية بالوصول إلى اتفاق مع الأسرى قبل خطوة حل الهيئات التنظيمية، لأنها تعرف أنه سيكون عليها حينها التعامل مع كل الأسرى في السجون بشكل منفرد وليس عبر هيئة قيادية، وهذا أمر لا تحتمله إدارة السجون".

ويتابع دولة: "حالياً إدارة السجون ترضخ لضغوط من الحكومة ووزير الأمن الداخلي، وهؤلاء يبحثون عن مكاسب انتخابية بالدرجة الأولى، لكن تقديرات مصلحة السجون تريد الاستجابة حتى تواجه هذه الخطوات التصعيدية من الأسرى، لكن للأسف، الأجواء العامة في دولة الاحتلال مع التعنت وعدم الوصول إلى اتفاق مع الأسرى لغايات انتخابية".

يشار إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال يبلغ نحو (4550)، من بينهم (31) أسيرة، و(175) قاصراً، وأكثر من (700) معتقل إداري.

المساهمون