بعد إعلان الولايات المتحدة خُطّتها لتطعيم الأطفال من الخامسة إلى سن الحادية عشرة، ضد فيروس كورونا، طُرحت العديد من علامات الاستفهام حول مدى تقبل هذه الفئة لخوض تجربة اللقاح.
وبحسب العديد من الخبراء، فإنّ هناك حاجة لدعم الأطفال للتغلب على شعور الخوف. إذ تصف جودي توماس، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة Meg Foundation-جمعية خيرية تُعنى بتمكين العائلات - مقرها الولايات المتحدة الأميركية، قلق الأطفال وحتى الأهل من ردود الأفعال لتلقي اللقاحات، بأنها أشبه بـ "الخوف من النزوات".
ورغم ذلك، ترى توماس بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنه من الأهمية بشكل خاص أن يساعد الآباء أطفالهم في التغلب على التوتر.
قبل التطعيم
يعتقد وليام كايل مود، طبيب الأطفال في كليفلاند كلينك، أنه من الضروري أن يسعى البالغون إلى تعزيز قدرات الأطفال القلقين قبل التوجه إلى مراكز التطعيم. ويقول "إنه من الجيد تماماً أن يخافوا". فقد كشفت دراسة من جامعة ميشيغن في العام 2019، أن أكثر من 60% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات وما دون يخافون من الإبر.
ويضيف: "بغض النظر عن مستوى الخوف لدى الطفل، فإن الاستعداد والصدق والسلوك الإيجابي، تعدّ عوامل أساسية في عملية التلقيح". ويرى أنه يجب على الآباء إخبار أطفالهم بما يمكن توقعه، وتجنب الكلمات التي قد تكون مخيفة مثل "لقطات" أو "وخزات". ويرى مود أنه يمكن للأهل استخدام عبارات مخففة للآلام، مثل أن يقولوا "إن اللقاحات مؤلمة لثانية لكنها تحافظ على صحتنا"، أو مثلاً يمكن للأطفال الصغار، اللعب بأطقم ألعاب طبية للتعرف على أدوات الأطباء.
زيارة الطبيب
"بالنسبة للكثير من الناس، فإن الخوف المعتدل أمر عادي". تقول كاتي بيرني، أخصائية علم النفس السريري في قسم علوم صحة المجتمع بجامعة كالجاري". وتضيف: "إن بعض الأطفال يعانون من رهاب خطير يمكن أن يجبرهم على تجنب الرعاية الطبية لسنوات إذا تُركوا دون علاج، ومن هنا يمكن للمعالجين مساعدة هؤلاء الأطفال من خلال خطوات تدريجية، مثل التحدث عن الإبر، ثم النظر إلى صور الإبر، ومشاهدة مقاطع فيديو لأطفال يتمتعون بتجربة جيدة في التطعيم"، على حد قولها.
ووفق بيرني: "في بعض الأحيان يفكر الأطفال في أن الإبر بشكل كبير، أو يمكن أن تكون لديهم أفكار مسبقة، بأنه يمكن للأبرة أن تمر في ذراعي"، أو" ربما تنكسر في ذراعي"، ولذا فإن خوفهم يصبح كبيراً.
وانطلاقاً من هنا، ترى بيرني أنه يمكن وضع خطة، من شأنها أن تساعد في تلقي اللقاحات، إذ يمكن للأطفال تحديد المكان الذي يريدون الجلوس فيه في مكتب الطبيب، ومقطع الفيديو الذي يريدون مشاهدته كمصدر إلهاء، ونوع المكافأة التي يرغبون في الحصول عليها بعد ذلك. ووفق توماس فإن الخيارات تجعل الأطفال يشعرون بالقوة.
وقد يكون من المفيد للطفل إحضار متعلقات معينة للراحة، مثل بطانية أو دمية دب، أو حتى كتاب. يمكن استخدام كريمات التخدير التي لا تستلزم وصفة طبية أو الموصوفة لتقليل الشعور في موقع الحقن المستقبلي.
يرى الخبراء أنه لا ينبغي أبداً احتجاز الأطفال لإجراءات طبية، لأن القيام بذلك يمكن أن يكون مؤلما. بدلاً من ذلك، يجب على الآباء حمل الطفل بطريقة تجعله مرتاحاً وهادئاً ومستقرا بما يكفي لتلقي الحقنة.
مع طرح لقاحات الأطفال، يشعر أطباء الأطفال بالارتباك خاصة مع نقص الموظفين - لكنهم حريصون على المساعدة، يمكن للوالدين أيضاً تشجيع أطفالهم على التنفس بعمق أو حتى الصراخ أو السعال عند تلقي اللقاح، إذ تشير بعض الأبحاث الى أن أدمغة الإنسان يمكنها فقط فك الكثير من المعلومات ويمكن تشتيت انتباهها عن الألم من خلال البيانات الحسية المتنافسة.
وبينما يعتقد الناس غالبا أن إعطاء أطفالهم دواءً مسكنًا للألم مسبقا سيساعد، إلا أن بيرني ترى أن القيام بذلك غير مستحسن.
خطة ما بعد التطعيم
بعد الانتهاء من التطعيم، لا بد للأهل من اعتماد أسلوب المكافأة، إذ يجب أن يحصل الأطفال على مكافأة مقابل التحصين الدائم، مثل القيام برحلة إلى ملعب أو حديقة، خلال عودتهم إلى المنزل، أو شراء بعض الحلويات، بحسب ما تؤكده توماس. بالإضافة إلى تعزيز الشجاعة، فإن التطلع إلى علاج يمكن أن يمنح الأطفال أيضا شيئا للتركيز عليه خلال اللحظات الصعبة في هذه العملية.
بغض النظر عن الطريقة التي سارت بها التجربة، تؤكد توماس أنه من الضروري للآباء مدح أطفالهم حول التجربة والتحدث معهم حول ما يريدون القيام به بشكل مختلف في المرة القادمة. مع اللقاحات الموصى بها طوال حياة الناس، ستكون هناك حتما فرص للمحاولة مرة أخرى. وتختم بيرني حديثها" بأن دعم الأطفال للحصول على تجربة إيجابية مع لقاح كوفيد 19 يهيئهم حقا لمهارات الحياة، وهذا هو الاستعداد للحياة.