خشية أوروبية من فتح بيلاروسيا الحدود للمهاجرين وليتوانيا تشتكي

11 يوليو 2021
بناء جدار حدودي من الأسلاك المعدنية الشائكة على حدود بيلاروسيا (بيتراس مالوكاس/فرانس برس)
+ الخط -

سجّلت ليتوانيا ارتفاعاً في أعداد المهاجرين الواصلين إليها عبر حدودها مع بيلاروسيا، حيث تقدّر السلطات أنّ نحو ألف من هؤلاء قطعوا الحدود الممتدة لأكثر من 500 كيلومتر، وأغلبهم من العراقيين والسوريين، إضافة إلى بعض الأفغان والأفارقة. ويتهم الاتحاد الأوروبي الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، بنقل ممنهج لهؤلاء من معسكرات إيواء في العاصمة مينسك، باتجاه حدود أوروبا الليتوانية. 

وسجّل حرس الحدود الليتواني والوكالة الأوروبية لحراسة الحدود، فرونتيكس، زيادة في أعداد المهاجرين القادمين، حوالى 1500 مهاجر حتى يوليو/ تموز الحالي، مقارنة بحوالى 80 شخصاً العام الماضي، و46 شخصاً في 2019، بعد أن هدّد لوكاشينكو قادة الاتحاد، الذين فرضوا عقوبات عليه بعد تحويل مسار طائرة واعتقال معارض بيلاروسي من على متنها كانت عائدة من اليونان، بترك المجال لمهربي المخدرات والمهاجرين عبور حدود الاتحاد، ورمي مسؤولية اعتقالهم والتعامل معهم على أوروبا.  

ومنذ يونيو/ حزيران الماضي، بدأ الجيش الليتواني ببناء جدار حدودي من الأسلاك المعدنية الشائكة على حدود بيلاروسيا، بحسب وزارة الدفاع الليتوانية، وبتسيير حراسة ومراقبة في مناطق قريبة من الغابات، التي تحوّلت إلى مسار جديد لدخول اللاجئين إلى هذا البلد الصغير على بحر البلطيق، ويقطنه نحو 2.8 مليون نسمة. ورغم الإجراءات، وبسبب طول الحدود، اضطرت السلطات إلى إعلان حالة طوارئ، ووجّهت نداءً إلى الأوروبيين لمساعدتها في السيطرة على الحدود، بحسب ما قال وزير الداخلية الليتواني، آغنا بيلوتايت، في بداية الشهر الحالي. 

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قد زارت العاصمة الليتوانية، فيلنيوس، بداية يوليو الحالي، وتعهّدت بتقديم الاتحاد الأوروبي مساعدة إلى البلد، لمواجهة هذا التدفق والتعامل مع المهاجرين القادمين، وأشارت بالتحديد إلى نشر المزيد من قوات حرس الحدود الأوروبية، فرونتيكس، على الحدود البيلاورسية مع دولتي ليتوانيا ولاتفيا. 

وبالفعل، باشر الجيش الليتواني تشديد الحراسة على الحدود، بعد أن تلقى دعماً من متطوعين من الأندية والفعاليات الليتوانية للمساعدة في التعامل مع التدفق الذي يُعَدّ كبيراً على دولة صغيرة، وسريعاً شُيِّد معسكر خيام استقبال للموقوفين على الحدود. ورغم أن مسار الهجرة هذا يشهد إقبالاً أقل بكثير من مسارات أخرى، شهدت تدفقاً نحو الحدود الأوروبية، إلا أنّ الحكومة الليتوانية، بعد إعلان لوكاشينكو تخلّيه عن سياسة ضبط الهجرة والتهريب، والسماح للحافلات بنقل لاجئين من العاصمة مينسك إلى حدود ليتوانيا، ترى فيه تحدياً كبيراً، حتى بوصول 100 مهاجر يومياً. وحذّر ناطق باسم  الصليب الأحمر الليتواني لوكالة "رويترز" أنّ تأمين سكن للقادمين وتلبية الاحتياجات الإنسانية يعتبر تحدياً كبيراً. 

اعتبرت رئيسة وزراء ليتوانيا، إنغريدا سيمونيتي، تراخي بيلاروسيا مع تدفق المهاجرين نحو حدودها بمثابة "انتقام من عقوبات الاتحاد الأوروبي"، مؤكدة في الوقت ذاته أن نقل هؤلاء المهاجرين يجري بصورة ممنهجة ومنظمة من سلطات بيلاروسيا. وهذا الاتهام يؤكده أيضاً المعارض البيلاروسي، بافيل لاتوشكا، على اعتبار أنّ الرئيس لوكاشينكو "يهدف إلى الانتقام السياسي من أوروبا"، مستشهداً بخطاب تنصيب لوكاشينكو في مايو/أيار الماضي أمام برلمان مينسك، حين حذّر أوروبا من العقوبات التي تخنق بلاده، وأنها ستواجه ضغطاً على حدودها. وكان لوكاشينكو قد صرّح أخيراً بأنه لن يغلق الحدود مع أوروبا، بحجة أنّ بلده لا يرغب في التحوّل إلى "معسكر لجوء من الشرق الأوسط"، معتبراً بلهجة تهكم أنه "لن نحتجز أي شخص يأتي إلينا، فهؤلاء وجهتهم النهائية أوروبا المستنيرة والدافئة والمريحة". 

وكان الاتحاد الأوروبي قد أدان، في وقت سابق من هذا الشهر، ما سمّاه "استخدام المهاجرين" كسلاح بيد لوكاشينكو في مواجهة عقوبات الاتحاد الأوروبي. وخلال زيارة رئيسه، شارل ميشيل، الأسبوع الماضي لليتوانيا والحدود مع بيلاروسيا، أكّد أنّ الاتحاد سيبذل جهده "لتقديم المزيد من الدعم للسلطات الليتوانية لمواجهة التحديات، وندين بصوت واحد استخدام المهاجرين للضغط على أوروبا". وطالبت رئيسة الوزراء الليتوانية، بدعم مالي أوروبي مستعجل، وبإرسال المزيد من حرس الحدود الأوروبي (عبر وكالة فرونتيكس)، معتبرة أنّ بلادها "تدافع عن الحدود الأوروبية وليس الليتوانية فحسب". 

وتتّهم السلطات الليتوانية سلطات مينسك بنقل مهاجرين من العراق إلى مينسك "وبعدها يجري نقلهم مباشرة من خلال شركة تسينكوروت السياحية، المملوكة للدولة، لعبور حدود البلطيق"، وهو ما أكدته أيضاً المعارضة البيلاورسية، سفيتلانا تيخانوفسكايا. ومن المفترض أن يناقش، يوم غد الاثنين، وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي قضية تدفق المهاجرين نحو ليتوانيا.

المساهمون