تبدو بصمات الاحترار المناخي واضحة وقابلة للقياس في كلّ موجات الحرّ التي يشهدها العالم اليوم، بحسب ما لاحظ عدد من أبرز الخبراء المتخصصين في قياس دور التغيّر المناخي في التسبّب بظواهر الطقس الحادّة. وقد أفادت الوثيقة التي نُشرت اليوم الأربعاء، ووُصِفَت بأنّها دليل إرشادي للصحافيين، بأنّ الاحترار الناجم عن الأنشطة البشرية يزيد من تواتر الفيضانات وشدّتها في بعض أنحاء العالم، ومن بعض حالات الجفاف، لكنّ الرابط أقلّ تلقائية.
وتوضح الباحثة المشاركة في الدراسة فريدريكيه أوتو من جامعة "إمبريال كولدج لندن" لوكالة فرانس برس، أنّه "لا شكّ في أنّ التغيّر المناخي يغيّر قواعد اللعبة عندما يتعلق الأمر بموجات الحرّ". وفي الوثيقة، تشدّد أوتو وشريكها في إعداد الدراسة بن كلارك، من جامعة "أكسفورد"، على أنّ "كلّ موجة حرّ في العالم اليوم تأتي أقوى من سابقتها واحتمالات حصولها أكبر بسبب التغيّر المناخي الذي يسبّبه الإنسان".
وينصح الباحثان وسائل الإعلام التي تتولى تغطية موجات الحرّ بألّا تكون "حذرة جداً" في هذا المجال، إذ إنّ تلك الموجات "مرتبطة بالاحترار المناخي". وكان العلماء عموماً، حتى وقت قريب، لا يزالون متردّدين في الربط رسمياً ما بين التغيّر المناخي وحدث محدّد في مجال الطقس، لكنّ التقدّم الكبير الذي حقّقه في السنوات الأخيرة ما يسمّى علم الإسناد جعل من الممكن معرفة دور الاحترار المناخي في حصول حدث ما وقياس هذا الدور، في غضون أيام أحياناً.
Ist das schon der #Klimawandel??
— klimafakten.de. Sprechen wir darüber (@klimafakten) May 11, 2022
Diese Frage wird bei einer #Hitzewelle, #Dürre oder #Flut oft gestellt
Wie man sie journalistisch präzise und wissenschaftlich korrekt beantwortet, zeigt unsere neue Handreichung:https://t.co/f7PrqRrumS
🙏 an @FrediOtto @wxrisk @TerliWetter pic.twitter.com/DBGQ5XUZXZ
وترى أوتو وزملاؤها في منظمة "وورلد ويذر أتريبيوشن" مثلاً، أنّ موجة الحرّ غير المألوفة التي ضربت أميركا الشمالية في يونيو/ حزيران 2021 والتي بلغت الحرارة في خلالها مستوى قياسياً هو 49.6 درجة مئوية في كندا، كان من "شبه المستحيل" أن تحصل لولا الاحترار.
وإذ تشير أوتو إلى أنّ موجة الحرّ التي سُجّلت في خلال الربيع الجاري في الهند وباكستان ما زالت قيد التحليل، تقول إنّ "ما نراه الآن سوف يكون طبيعياً، لا بل بارداً، في عالم تكون حرارته قد ارتفعت ما بين درجتَين وثلاث درجات مئوية" عمّا كانت عليه في العصر ما قبل الصناعي.
وفي الوقت الحالي، وصل متوسط الحرارة الإضافية التي سُجّلت في العالم نحو 1.2 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة. لكنّ الذنب لا يقع بالقدر نفسه بالضرورة على الاحترار في كلّ الحالات التي تُسجَّل فيها ظواهر طقس حادة، خلافاً لما هو عليه الوضع بالنسبة إلى موجات الحرّ. ويصرّ الخبراء على ضرورة مراعاة الدور الذي تؤدّيه العوامل الأخرى في بعض الكوارث، كاستصلاح الأراضي وإدارة المياه، وقد يكون التغيّر المناخي بريئاً من التهمة في بعض الأحيان.
وعلى سبيل المثال، يرى خبراء "وورلد ويذر أتريبيوشن" أنّ الاحترار أدّى دوراً ضئيلاً فحسب في الجفاف والمجاعة الاستثنائية التي ضربت مدغشقر ما بين عام 2019 وعام 2021، إذ إنّ النماذج المناخية تتوقّع حصول زيادة في حالات الجفاف في هذه الجزيرة ابتداءً من وصول حرارة الأرض المكتسبة إلى درجتَين إضافيّتَين مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
(فرانس برس)