حذّر خبراء سبق أن أصدروا تقريراً في مارس/آذار، لحساب منظمة الصحة العالمية حول منشأ وباء كوفيد-19، من أنّ البحث في هذه المسألة "متوقف" حالياً ومن الضروري تحريكه لأنّ احتمال التوصل إلى نتيجة يتراجع مع مرور الوقت.
وكتب الخبراء، في مقال نشرته مجلة "نيتشر"، الخميس، أنّ "البحث عن منشأ فيروس سارس-كوف-2 بلغ منعطفاً حرجاً" و"المهلة المتاحة لإتمام هذا التحقيق الجوهري تنقضي سريعاً".
وأوضحوا أنّ "الأجسام المضادة تتراجع مع الوقت، وبالتالي، فإنّ عمليات جمع عينات (حيوانية) واختبار أشخاص قد يكونون تعرّضوا قبل ديسمبر/كانون الأول، ستتراجع نتائجها تدريجياً".
ولفت العلماء الـ11 وبينهم الهولندية ماريون كوبمانس، والبريطاني بيتر داتشاك، والفيتنامي هونغ نغوين فيات، والقطري فرج المبشر، إلى أنّ "تقريرنا... كان الهدف منه أن يكون المرحلة الأولى من آلية هي اليوم متوقفة".
Authors of the March WHO report into how COVID-19 emerged warn that further delay makes crucial inquiry biologically difficult. https://t.co/OGhdT2PHDm
— nature (@Nature) August 25, 2021
وكان العلماء ضمن فريق من 17 خبيراً دولياً مكلفاً من منظمة الصحة العالمية و17 خبيراً صينياً، أصدر تقريره في 29 مارس/آذار بعد تحقيق أجراه في يناير/كانون الثاني في ووهان، منشأ الوباء في الصين. ولم يعط التقرير في ذلك الحين أي رد حاسم، بل أورد أربعة سيناريوهات صنفها على أنها مستبعدة بشكل شبه تام إلى محتملة جداً.
وذكر أنّ فرضية انتقال الفيروس إلى الإنسان عبر حيوان وسيط "محتملة إلى محتملة جداً"، في مقابل "استبعاد شبه تام" لفرضية تسرّب الفيروس من مختبر جراء حادث.
ورجّح التقرير الفرضية الشائعة بأن الفيروس انتقل بشكل طبيعي من حيوان يعد المصدر أو الخزان هو على الأرجح الخفافيش، عبر حيوان آخر وسيط لم يتم تحديده حتى الآن. غير أنّ الخبراء رأوا أنّ الانتقال المباشر للفيروس من الحيوان إلى الإنسان "ممكن إلى مرجح"، من غير أن يستبعدوا نظرية الانتقال عبر اللحوم المجلّدة، وهي النظرية التي ترجّحها بكين، معتبرين أنّ هذا السيناريو "ممكن".
وأشار الخبراء إلى أن "أي معطيات" تدعم "فرضية تسرب من مختبر لم تنشر أو ترفع إلى منظمة الصحة" منذ ذلك الحين.
وأثار التقرير عند صدوره انتقادات أخذت عليه تقليله من مسؤولية الصين. وعلق العلّماء بأنّ "الفريق الصيني كان ولا يزال يتمنع عن تقاسم بيانات أولية" ولا سيما حول أول 174 إصابة تم التعرف عليها في ديسمبر/كانون الأول 2019.
ورفضت الصين، في 13 أغسطس/آب، دعوة منظمة الصحة إلى تحقيق جديد على الأرض، معتبرة أن ّالتحقيق الأول كاف.
وذكرت وسائل إعلام أميركية، الثلاثاء، أنّ تقريراً آخر طلبه الرئيس جو بايدن من أجهزة الاستخبارات لم يسمح بالبت في المسألة الحساسة حول منشأ كوفيد-19، وهي نقطة خلافية بين واشنطن وبكين.
Intelligence agencies give Biden their report on the origin of the coronavirus, but fail to crack the case, U.S. officials say https://t.co/4CSmVIRRko
— The Washington Post (@washingtonpost) August 25, 2021
في جنيف، صرح المدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، بأنّ تقرير الخبراء الصادر في مارس/آذار يفصّل "عدداً من الدراسات التي يمكن القيام بها بدون إبطاء". وقال، خلال مؤتمر صحافي: "شجعنا مختلف الأطراف على مواصلة هذه الدراسات".
من جهتها أفادت مديرة الفريق التقني المكلف الوباء في منظمة الصحة ماريا فان كيرخوف، خلال المؤتمر الصحافي، بأنّ عدداً من هذه الدراسات تجري حاليا في العالم بما في ذلك في الصين. كما أشار مسؤول الأوضاع الطارئة في منظمة الصحة مايكل راين إلى أنه "من غير الضروري الاستعانة بفريق دولي جديد (من الخبراء) إلا في حال الضرورة القصوى".
وكانت الصين قد انتقدت، أمس الأربعاء، "تسييس" الولايات المتحدة لمساعي التوصّل إلى منشأ فيروس كورونا، وطالبت بإجراء تحقيق بشأن مختبر عسكري أميركي كمصدر محتمل للفيروس، وذلك قبل نشر تقرير الاستخبارات الأميركية بخصوص منشأ كورونا.
وقال فو كونغ، المدير العام لإدارة السيطرة على الأسلحة التابعة لوزارة الشؤون الخارجية، في إفادة صحافية "جعل الصين كبش فداء لا يمكن أن يبرئ ساحة الولايات المتحدة".
وقالت الصين إنّه من المستبعد بشدة أن يكون الفيروس قد تسرّب من أحد مختبراتها، ساخرة من نظرية تقول إنّ الفيروس أفلت من مختبر بمدينة ووهان الصينية، حيث ظهرت عدوى كوفيد-19 في أواخر عام 2019 لتتسبّب في الجائحة. ولمّحت بكين بدلاً من ذلك إلى أنّ الفيروس تسرّب من مختبر في فورت ديتريك بولاية ماريلاند الأميركية عام 2019.
وقال فو: "العدالة تقتضي أنه إذا كانت الولايات المتحدة تصرّ على أن هذه فرضية سليمة، فينبغي لهم أن يقوموا بدورهم ويطلبوا التحقيق بشأن مختبراتهم".
كان فريق مشترك من منظمة الصحة العالمية والصين قد زار مختبر ووهان لعلم الفيروسات، لكن الولايات المتحدة قالت إنّ لديها بواعث قلق بشأن مدى حرية الوصول إلى البيانات التي أُتيحت للتحقيق.
(فرانس برس، رويترز)