خالد نوفل قتله المستوطنون

11 فبراير 2021
كان في الرابعة والثلاثين (عن فيسبوك)
+ الخط -

منذ قتله مستوطنون يقيمون بؤرة استيطانية على أراضي عائلته في جبل الريسان غرب قرية راس كركر، غربي رام الله وسط الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، فجر يوم الجمعة، تعيش عائلة الشهيد الفلسطيني خالد ماهر صالح نوفل (34 عاماً) صدمة ما جرى. يستذكر أفراد العائلة سلسلة من اعتداءات المستوطنين على أراضيهم، كما تعرّض والد الشهيد خالد نفسه للطعن على يد مستوطن قبل نحو 22 عاماً.
لا تملك العائلة رواية حول ما جرى مع ابنها خالد، بل تشير إلى رواية الاحتلال حول قتل ابنها على أيدي المستوطنين بالرصاص من المسافة صفر (أمتار قليلة) ما يشير إلى قتله بدم بارد بينما كان في الإمكان السيطرة عليه، عدا عن مقتله في أرض عائلته في جبل الريسان المهدد بالاستيطان، إذ لا جدران أو نقاط عسكرية في المكان، وفق ما يوضح خال الشهيد، وديع نوفل، لـ"العربي الجديد". كلّ ما تعرفه عائلة نوفل عن نجلها خالد أنّه كان نائماً في غرفته، وفي الصباح الباكر فوجئت باقتحام جيش الاحتلال منزلها وسؤالها عن خالد، ثم اقتيد الوالد إلى نقطة عسكرية وعرضوا عليه ملابس ومقتنيات، ليؤكد الوالد أنّها لنجله خالد، ثم أطلقوا سراحه. بعدها أبلغ جهاز الارتباط الفلسطيني العائلة أنّ خالد استشهد في جبل الريسان.

عام 1999، كاد خالد، وهو في الثانية عشرة، أن يكون يتيماً وابن شهيد فلسطيني، حينما كان يعمل والده مقاولاً في مدينة اللدّ بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وتعرض للطعن على يد مستوطن، ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج، ونجا من الموت المحقق. لكنّ تلك الحادثة المحفورة بذاكرة العائلة، أعادها المستوطنون هذه المرة وقتلوا خالد وغدا طفله الوحيد يوسف البالغ من العمر 4 أعوام ونصف يتيماً. الآلام مضاعفة في العائلة، فخالد تزوج قبل نحو ست سنوات من ابنة خالته من الأردن، وأنجبا طفلاً سمياه يوسف، لكنّ الطفل مع الوالدة محتجزان في الأردن منذ عدة أشهر، بسبب صعوبة السفر، نتيجة الإجراءات التي فرضها فيروس كورونا الجديد. فقبل استشهاده، لم يرَ خالد طفله طوال أشهر، وكان ينتظر مجيئهما بعد أسبوع، لكنّهما حرما منه الآن.
خالد شاب هادئ تخرج من جامعة بيرزيت في اختصاص المحاسبة، وكان يعمل في دائرة ضريبة الأملاك التابعة لوزارة المالية الفلسطينية. كان خلوقاً مثقفاً، يعيش في أجواء عائلة مكونة من خمسة أشقاء بالإضافة إلى والديه، وينعم بحياة اجتماعية مميزة، وبعائلة مليئة بالحبّ والسعادة التي انتزعتها جرائم المستوطنين.
عائلة نوفل المفجوعة على استشهاد خالد يعمّق ألمها احتجاز قوات الاحتلال الإسرائيلي جثمانه، ومنع دفنه وفق الشعائر الدينية الذي كفلته القوانين والمواثيق الدولية، فيما العائلة بصدد تحريك دعوى قضائية أمام المحاكم الإسرائيلية لتسليم جثمان ابنها ومقتنياته، وإن لم تتمكن ستحاول إيصال القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، خصوصاً مع إعلانها فرض ولايتها القضائية على الأراضي المحتلة في اليوم نفسه الذي قتل فيه خالد، وفق ما يؤكد مروان نوفل، قريب الشهيد، في حديث لـ"العربي الجديد".
تنوي العائلة أيضاً رفع قضية لطرد المستوطنين المجرمين الذين يقيمون بؤرة استيطانية رعوية على أراضي جبل الريسان، ويسيطرون من خلالها على مساحات واسعة من أراضي قرية راس كركر. ويشكل المستوطنون خطراً على حياة الأهالي. وتطالب عائلة نوفل بإجراء محاكمة فورية للقتلة (حراس ما يسمى حقل أفرايم، وهي البؤرة الاستيطانية المقامة على أراضي جبل الريسان) ومعاقبتهم على جريمتهم البشعة، وطردهم من جبل الريسان المغتصب وإزالة ما عليه من تجهيزات رعوية، والتوقف عن أعمال الحفر والتجريف في الجبل والسماح لأصحاب الأرض بالعمل في أرضهم .
ويبلغ عدد سكان قرية راس كركر، مسقط رأس الشهيد خالد نوفل، نحو ألفي نسمة، تخنقها المستوطنات والبؤر الاستيطانية والنقاط العسكرية من كلّ جهاتها، وكذلك الشوارع الالتفافية الاستيطانية. ويلتهم الاستيطان من أراضيها نحو 2000 دونم من أصل مساحة تصل إلى نحو 8500 دونم، وفق ما يؤكد رئيس المجلس القروي في راس كركر، راضي أبو فخيذة، لـ"العربي الجديد".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

يحاول المستوطنون منذ عامين خنق راس كركر من جهتها الغربية، إذ أقاموا بؤرة من عدة كرفانات على أراضي جبل الريسان، وخاض الأهالي حينها سلسلة فعاليات وجهوداً قانونية وشعبية لمنع التمدد الاستيطاني. وأقيمت من جهة القرية الشمالية مستوطنة "نيريا" على أراضي غرب رام الله، قبل نحو 17 عاماً، ويحاول المستوطنون السيطرة على الأراضي المحيطة. وفي الناحية الشرقية تحاصر القرية مستوطنة "دولب" المقامة على أراضيها منذ نحو 38 عاماً. وليس هناك إلّا مدخل وحيد للقرية تغلقه قوات الاحتلال ببرج وبوابة حديدية تفتحها وتغلقها متى تشاء، أما الشوارع الاستيطانية فتلف القرية من جميع الاتجاهات، وبعضها ممتد بمحاذاة منازل الأهالي.

المساهمون