حيدر الجبوري يمثل ذوي الإعاقة في انتخابات العراق

30 سبتمبر 2021
حيدر الجبوري في حوار مع مواطنين (العربي الجديد)
+ الخط -

 

تحديات الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق كثيرة وكبيرة، خصوصاً أن التشريعات الحكومية لم توجد أيّ حلول لها. في الانتخابات المقبلة، يتطلع مرشح يمثلهم هو حيدر الجبوري إلى وقف التمييز ضدهم.

في وقت يحظى ترشحه لانتخابات البرلمان العراقي بقبول واسع لدى مواطني مدينة كربلاء جنوبي البلاد، يتنقل حيدر الجبوري (49 عاماً) على كرسيه المتحرك بين أزقة وطرقات المدينة من أجل شرح برنامجه الانتخابي ومشروعه للانتخابات المقررة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والتي يأمل فيها بدخول البرلمان كأول فائز من الأشخاص ذوي الإعاقة.

ويعتبر ترشح الجبوري للنسخة الخامسة من الانتخابات العراقية منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، الأول من نوعه. ويخوض المنافسات مستقلاً بعيداً عن الأحزاب والكتل السياسية التي تسعى إلى شغل 11 مقعداً برلمانياً مخصصاً للمحافظة ضمن تقسيم يشمل ثلاث دوائر انتخابية تتوزع على مركز المدينة وضواحيها. ورغم إمكاناته المتواضعة في الحملة الانتخابية مقارنة بمنافسين آخرين يُصرّ الجبوري على مواصلة عرض برنامجه على المواطنين في الشوارع والمنتديات، وتقديم رؤيته للمشكلات الكثيرة وحلولها، ومحاولة تحقيق إفادة قصوى من التأييد الواسع لمواطنين له، وكذلك من شريحة مهمة من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يأملون بوصوله إلى البرلمان، ومساهمته في إسماع صوتهم والدفاع عن حقوقهم.

الصورة
قد يغيّر أيضاً حياة فقراء وبسطاء يمثلهم (العربي الجديد)
قد يغيّر أيضاً حياة فقراء وبسطاء يمثلهم (العربي الجديد)

يتحدث الجبوري لـ"العربي الجديد" بأن "شريحة واسعة من ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع العراقي عانت كثيراً بعد الغزو الأميركي، ولم تحصل على أبسط حقوقها مثل توفير ضمان صحي وتسهيل إنجاز معاملاتها، ما دفعني للترشح للانتخابات الحالية، من أجل خدمة هذه الفئة وتخفيف معاناتها على غرار جميع العراقيين". يضيف: "أخوض الانتخابات مستقلاً، ومن دون أن أتلقى أي دعم معنوي أو مادي من منظمات المجتمع المدني. وقررت تحدي الظروف الصعبة ومحاولة التفكير بحلول، وأرى أن القانون الجديد للانتخابات يخدم المستقلين، ما شجعني على الترشح، في حين حظيت بدعم معنوي من جمعية المعوقين في العراق إلى جانب أهلي وأقاربي ورفاقي".

ويتعهد الجبوري في حال فوزه بمقعد برلماني بخدمة "الشريحة المعدومة من ذوي الإعاقة، والعمل لتوفير سكن لهم وحصولهم على مرتب شهري من خلال تشريع قانون خاص بهم"، علماً أن عددهم يقدر بحوالى 50 ألفاً في كربلاء، غالبيتهم أصيبوا في الحروب والعمليات الإرهابية التي شهدها العراق منذ عام 2003، ويعانون من غياب القوانين التي تراعي أوضاعهم الخاصة، وضعف الخدمات التي تقدمها الدوائر والمؤسسات الرسمية، وبينها حجب عروض التوظيف الحكومي عنهم".

الصورة
يملك فرصة جيدة لكسب مقعد في البرلمان (العربي الجديد)
يملك فرصة جيدة لكسب مقعد في البرلمان (العربي الجديد)

ويشير الجبوري إلى أنه لا يملك ثمن طبع لافتات خاصة بحملته الانتخابية، ويعتمد على تبرعات من مواطنين يدعمونه. ويطالب الطبقة المثقفة في كربلاء والناشطين والحقوقيين تحديداً بمساندة حملته "في سبيل خدمة شريحة كبيرة تعاني من التهميش والتمييز في المجتمع العراقي، إلى جانب فئات أخرى من المجتمع".

وكان البرلمان العراقي أقرّ عام 2013 قانوناً خاصاً بالأشخاص ذوي الإعاقة، الذين حددهم بـ "كل من يعاني من تقييد في حركته أو يعجز عن التفاعل مع الإنسان الطبيعي في محيطه". لكن هذا القانون تجاهل منح أفراد هذه الفئة مرتبات شهرية وإدراجهم في برنامج للتأمين الصحي المجاني، وفرض مراعاة الدوائر والمؤسسات العامة لأوضاعهم، وعدم عرقلة تحركاتهم عبر تخصيص مواقف سيارات وأماكن لدخولهم، وإعطائهم أفضلية في إنجاز المعاملات، وحق التعلم وحصولهم على وظائف تتناسب مع حالاتهم الصحية.

الصورة
طالب مثقفين وناشطين وحقوقيين في كربلاء بدعم حملته (العربي الجديد)
يطالب مثقفين وناشطين وحقوقيين في كربلاء بدعم حملته (العربي الجديد)

ويرى الناشط المدني المتحدر من مدينة كربلاء، علي الموسوي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المرشح الجبوري يملك فرصة جيدة لكسب مقعد في البرلمان، معتبراً أن "تنوّع التمثيل الشعبي أمر مهم في البرلمان المقبل. ورغم التشاؤم السائد من أن النتائج لن تجلب التغيير المنشود، يجب دعم المرشحين المستقلين والتصويت لهم بدلاً من المقاطعة، أو اختيار أحزاب قديمة، علماً أن وجود أشخاص مثل الجبوري في البرلمان قد يغيّر حياة كُثر من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحتى فقراء وبسطاء يمثلهم".

من جهته، يقول الخبير السياسي والأستاذ في جامعة "أهل البيت" بمدينة كربلاء، غالب الدعمي، لـ "العربي الجديد" إن "قانون الانتخابات الجديد الذي اعتمد في هذه الانتخابات سيخدم المرشحين المستقلين، والكتل الصغيرة الناشئة في دخول البرلمان". يضيف: "ستواجه الأحزاب الكبيرة التي فشلت في خدمة الشعب معادلة الربح والخسارة في هذه الانتخابات، في مقابل إتاحة فرص أكبر لوصول مرشحين مستقلين".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وقبل أيام، أعلنت السلطات العراقية أنها اتخذت إجراءات جديدة لتسهيل وصول كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة إلى مراكز الاقتراع، وذلك تحت ضغط تلميح منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان إلى احتمال عدم قدرة أفراد من الفئتين على الإدلاء بأصواتهم. وأفاد تقرير لـ "هيومن رايتس ووتش" بأن "الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق يواجهون عقبات كبيرة قد تمنع مشاركتهم في الانتخابات المقبلة، بسبب تشريعات تمييزية، وعدم ملاءمة أماكن الاقتراع لاحتياجاتهم". وتابعت: "من دون تغييرات عاجلة لن يستطيع مئات آلاف الأشخاص التصويت. والسلطات العراقية تتقاعس عن تأمين الحقوق الانتخابية لذوي الإعاقة". ونقل التقرير عن الباحثة في قسم الأزمات والنزاعات في "هيومن رايتس ووتش" بلقيس والي، قولها إن الحكومة العراقية مطالبة بضمان توفير أماكن اقتراع لجميع الناخبين بلا استثناء، والبلدان التي تدعم الانتخابات مالياً ومهمات المراقبة العراقية تريد تعزيز تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق في هذه العملية، وكذلك في نظامه السياسي وقوانينه.

المساهمون