عندما استأنف طلاب المرحلة الثانوية في مدرسة باكستون بمدينة ويليامز تاون، في ولاية ماساتشوستس الأميركية، التعليم الحضوري في خريف عام 2020، وذلك بعد أشهر من التعلم عن بعد بسبب وباء كورونا، لاحظ مدير المدرسة بيتر بيك أن الطلاب باتوا لا يعرفون كيفية التفاعل بعضهم مع بعض.
يقول بيك لموقع "نيويورك بوست": "نسي الطلاب تماماً أساسيات التفاعل وجهاً لوجه، بعدما أمضوا وقتاً طويلاً ملتصقين بهواتفهم الخلوية، علماً أن إدمان الشاشات كان يمثل مشكلة متزايدة بالنسبة إلى التلاميذ قبل الأزمة الصحية العالمية، ثم أصبحت الحال أسوأ بعد الحجر الصحي. وهم كافحوا للتحدث بعضهم مع بعض، بعدما اختفت قدرتهم على البقاء مع الآخرين أو الجلوس معهم".
يضيف: "كان انتباه الجميع ينصب على حياتهم عبر الإنترنت، لذا قررنا اتخاذ إجراءات صارمة عبر تشكيل لجنة ضمت 15 مسؤولاً تربوياً، قررت حظر الهواتف الخلوية في المدرسة".
ويؤكد أن الحظر الذي بدأ تطبيقه في العام الدراسي الجديد، في سبتمبر/ أيلول الماضي، "حقق نجاحاً ساحقاً، إذ تكيّف الطلاب جيداً مع واقع عدم التقيّد بالهواتف الذكية، وهو ما يعرفون أنهم في حاجة إليه، لكنهم لم يعلموا أنه أمر يمكن تحقيقه".
ويشير إلى أن المراهقين، وحتى بعض البالغين في الكادر التدريسي، لم يتحمسوا في البداية للتخلي عن الهواتف الخلوية، وقد سحبت عائلات غاضبة أطفالها من المدرسة. ويقول: "كان بعض الطلاب خائفين، إذ لم يستطيعوا تخيّل ما سيكون عليه الحال بلا هواتف أصبحت جزءاً مهماً من كل ثانية من حياتهم".
وبعدما ترك التلاميذ أجهزتهم في المنزل، أو وضعوها من مكان خاص داخل المدرسة، تزودوا بجهاز "غير جذاب" يتضمن الحد الأدنى من ميزات إجراء واستقبال مكالمات ونصوص بدائية، في حين سمح لهم بالوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي على أجهزة الكمبيوتر المكتبية في نهاية اليوم الدراسي، إذا رغبوا في ذلك.
ويخبر بيك أن "الحظر أثرّ إيجاباً على الحياة الأكاديمية والاجتماعية، إذ ارتفعت قدرة الطلاب على متابعة الدروس، وتوفر لهم وقت أطول للقيام بأعمال أكاديمية، والتعبير عن أنفسهم بشكل إبداعي من خلال الفن، والتعرف بعضهم على بعض، وعلى أنفسهم."
ويعلّق عضو اللجنة فراني شوكر هاينز بالقول: "سيملك العالم دائماً التكنولوجيا التي لا نحاول أن نأخذها من طلابنا، لكننا نريد فقط أن يختبروا الوجود في الحرم المدرسي والجامعي، والعودة إلى المنزل بلا الضجيج المستمر الذي تصدره هواتفهم".