يقصد العديد من الفتية والشبّان المسطحات المائية للسباحة من دون الأخذ في الحسبان مراعاة تضاريس هذه المسطحات وخصوصاً أنها تشكل خطراً على السلامة. وأكثر الأماكن التي يقصدونها للسباحة في مناطق شمال غرب وشمال شرق سورية هي نهر الفرات وروافده، بالإضافة إلى بحيرة ميدانكي في منطقة عفرين ونهر العاصي في إدلب، وغيرها من القنوات المائية على الرغم من التحذيرات بتجنب السباحة فيها نظراً لخطورتها.
وقال الدفاع المدني السوري في آخر إحصائية له صدرت مساء الثلاثاء الماضي، إن 18 شخصاً غرقوا منذ بداية العام الجاري في مناطق شمال غرب سورية، بينما تمكنت فرق تابعة له من إنقاذ 37 شخصاً بينهم 27 طفلاً. وأوصى الفريق باتخاذ إجراءات السلامة تجنباً للغرق، منها عدم ترك الأطفال بمفردهم في أحواض السباحة وإن لفترات قصيرة، والتأكد من عدم وجود مخاطر تحت المياه كقطع زجاجية أو حديدية، بالإضافة إلى استخدام أطواق النجاة، وعدم السباحة في حال الشعور بالإرهاق أو الحرارة أو البرودة، وعدم السباحة المنفردة، وتجنب القفز في المياه بقوة، وعدم دفع الأشخاص إلى المياه.
كما أوصى الفريق بإخبار المنقذ إذا كان قريباً أو طلب الاتصال بفرق الإنقاذ المائي، ومحاولة انتشال الغريق في حال كان قريباً من حافة المياه، وعدم محاولة إنقاذ شخص يغرق إذا لم يكن المنقذ متمرساً بالسباحة، بالإضافة إلى تعلم الإنعاش القلبي الرئوي لكونه مهما لإنقاذ الغريق، مشدداً على أن "سواقي المياه في عفرين، وبحيرة ميدانكي، ونهر الفرات، ونهر العاصي، ونبعة عين الزرقاء، وغيرها من المسطحات المائية غير صالحة للسباحة".
وفي 21 يوليو/ تموز الجاري، انتشلت فرق الإنقاذ المائي التابعة للدفاع المدني (الخوذ البيضاء) جثة طفل غرق أثناء السباحة في مياه نهر العاصي بمنطقة دركوش غربي إدلب بالإضافة إلى إنقاذ طفل آخر. ولا يدرك الشخص، حتى في حال كان متمرساً، أنه يمكن أن يكون عرضة للغرق، الأمر الذي تحدث عنه الشاب عمار العبدو (21 عاماً)، لافتاً إلى أنه مرّ بأوقات صعبة خلال سباحته في بحيرة ميدانكي قبل مدة. ويقول: "تعلمت السباحة منذ كنت في العاشرة من عمري، ولم تكن هناك مسابح نذهب لها. سبحت في مياه الفرات وسواقي الري وأحد السدود قبل مغادرة ريف حمص للشمال السوري. وقبل فترة، كنت مرهقاً وسبحت في بحيرة ميدانكي بمنطقة عفرين. شعرت بتعب شديد وصعوبة في تحريك يدي وكأن المياه تسحبني للأسفل. لحسن الحظ، كان أصدقائي على مقربة مني ولم نكن في عمق كبير ضمن البحيرة، فأخرجوني من المياه". يضيف: "أتمنى على الشبّان الذين يحبون السباحة ويجدون متعة فيها آلا يغامروا، وخصوصاً إذا كانوا مرهقين، عدم الابتعاد عن بعضهم بعضاً".
وتتكرر حوادث الغرق في نهر الفرات ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرق سورية. وارتفع عدد الغرقى في النهر والمسطحات المائية في ريف الرقة إلى 7. يقول الناشط أسامة أبو عدي، وهو من أبناء مدينة الرقة، لـ "العربي الجديد"، إن الشاب عبيدة محمد الحسن المصري توفي مساء الجمعة 21 يوليو غرقاً أثناء السباحة في نهر الفرات ضمن ناحية الكرامة شرق محافظة الرقة شمال شرق البلاد. كما يشير إلى وفاة الشابين فايز عبد الكريم السليمان الكدرو وخليل غازي العبدالله يوم الخميس 20 يوليو، أثناء السباحة غرقاً في نهر الفرات ضمن منطقة زور شمر شرق محافظة الرقة شمال شرق البلاد.
وكان الأهالي قد عثروا ليل الجمعة 21 يوليو على جثة الشاب عبد الإله العايد الذي غرق في نهر الفرات، ويتحدر من قرية الخميسية شرق محافظة الرقة شمال شرق البلاد. كما توفي الطفل عبد القادر خلف العساف يوم الأحد الماضي غرقاً أثناء السباحة في نهر الفرات بالقرب من الجسر الجديد ضمن مدينة الرقة، وعثر على جثته بعد ساعات من البحث.
في سياق متصل، أنشأت فرق الغواصين التابعين لفريق الاستجابة الأولية في محافظة الرقة، نقطة إنقاذ ثابتة وأخرى راجلة مجهزة بسيارة إسعاف عند نهر الفرات بالرقة، وتم خلال الفترة الماضية إنقاذ العديد من حالات الغرق، وخمسة خلال الشهر الجاري، فيما حذر الفريق عبر منشورات ولافتات من خطورة السباحة في الأماكن المجهولة من النهر خوفاً من الغرق.
وسجلت أرياف محافظة دير الزور ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شرق سورية، غرق ثمانية مدنيين منذ بداية الشهر الجاري بينهم طفل، أثناء السباحة في نهر الفرات شرق البلاد.
ومن أسباب تكرار حوادث الغرق في عموم المناطق السورية تجاهل التحذيرات والسباحة في مسطحات مائية تختلف درجات الحرارة فيها بشكل ملحوظ، بالإضافة للسباحة في ذروة ارتفاع درجات الحرارة. وبحسب الأمم المتحدة، هناك وسائل مختلفة للوقاية من الغرق، منها تركيب حواجز للتحكم بالوصول إلى المياه، وإتاحة أماكن مأمونة بعيدة عن المياه مثل دور حضانة للأطفال ما قبل الدخول إلى المدرسة، وتعليم السباحة والسلامة المائية ومهارات الإنقاذ الآمنة، والتدريب على مهارات الإنقاذ والإنعاش، بالإضافة إلى وضع لوائح خاصة بالقوارب والشحن والعبارات، مع الاهتمام بتحسين إدارة مخاطر الفيضانات.