كثيرةٌ هي المبادرات الفلسطينية الهادفة إلى مساعدة أهالي المخيمات الفلسطينية في لبنان، من بينها مؤسسة أبناء المخيمات الفلسطينية. ويقول مدير المؤسسة بسام المقدح، الذي يتحدر من بلدة الغابسية (تقع على بعد 16 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من عكا في فلسطين)، ويقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان): "أنشأت مجموعة من الشباب المغتربين المؤسسة التي انبثقت منها حملة من ابن المخيم إلى ابن المخيم، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2019، وذلك بعد قرار وزير العمل اللبناني السابق كميل أبو سليمان بضرورة استحصال الفلسطيني على إجازة عمل، ما أدى إلى خسارة كثيرين أعمالهم وارتفعت نسبة البطالة. من هنا، كان الهدف تقديم المساعدة لهم. تطور عملنا وتحولنا إلى مؤسسة لها نظامها الداخلي، وحصلنا على ترخيص في ألمانيا من خلال المحكمة الدستورية الألمانية".
يتابع: "في البداية، كان نطاق عملنا ضيقاً، ثم ما لبث أن شمل مخيمات لبنان كلها. وفي عام 2020، استطعنا توزيع مساعدات غذائية في المخيمات. كما أمنّا ملابس العيد لـ 600 طفل العام الماضي. ومع تفشي جائحة كورونا، شعرنا بأنّ من الواجب علينا مساعدة أبناء شعبنا في هذه المحنة، وتحديداً بعد تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان بسبب الحجر المنزلي، فاستطعنا تأمين 75 عبوة أوكسيجين". ويوضح أن الحملة قدمت منحاً مادية لطلاب فلسطينيين بلغ عددهم 73 طالباً كانوا يدرسون في معهد الآفاق. هؤلاء الطلاب كانوا مهددين بالفصل بسبب عدم استطاعتهم تأمين أقساط المعهد من جراء تردي الأوضاع الاقتصادية لذويهم".
هذا العام، وقبيل بدء شهر رمضان، أعلنت المؤسسة تنظيم حملة كبيرة لمساعدة الناس في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة حملت عنوان "من ابن المخيم إلى ابن المخيم"، تشمل توزيع مواد غذائية لنحو 2040 أسرة فلسطينية. كذلك، ستُطلَق حملة إفطار صائم لنحو 1500 شخص، هي عبارة عن توزيع مبلغ مادي لشراء الطعام بهدف الحد من التجمعات، وذلك في الأسبوع الثاني من شهر رمضان. وفي الأسبوع الثالث، ستشمل الحملة تأمين ملابس العيد للأطفال (نحو ألفين)، بالإضافة إلى تعبئة قوارير الغاز".
وفي ما يتعلق بتمويل المؤسسة، يوضح أنها قائمة على مبدأ الانتساب، ويدفع كل منتسب بدل اشتراك شهري. وفي بعض الحالات الاستثنائية، يقدّم أبناء المخيمات الفلسطينية المغتربون المساعدات. المؤسسة حصلت على رخصة في ألمانيا، كذلك افتتحَت فروعاً لها في الدنمارك والسويد ولندن. وبسبب كورونا، تأخر افتتاح فرعين للمؤسسة في بلجيكا وهولندا، وكل هذه الفروع هي تحت اسم مؤسسة أبناء المخيمات. بداية، انطلقت المؤسسة لمساعدة المرضى، ثم صارت تكفل الأيتام وتقدم المساعدات للناس بحسب الحاجة.
وعن العمل في المخيمات، يقول المقدح إن "المؤسسة تعمل مع عدد كبير من المتطوعين في المخيمات كافة، يتولون إحصاء السكان من خلال استمارات أعدت خصيصاً لهذا الغرض. أما في مخيم عين الحلوة، فالاعتماد على لجان الأحياء"، لافتاً إلى أنه في كل حيّ لجنة قادرة على إعطاء أرقام دقيقة حول العائلات الأكثر حاجة.
يضيف: "نعمل على تقديم مساعدات طبية من خلال تأمين أدوية للناس، فقد عقدنا اتفاقاً مع صيدلية يمكن المرضى الذهاب إليها والحصول على الأدوية التي يحتاجون إليها. وفي ما يتعلق بالأدوية غير المتوافرة، نتواصل مع منتسبي الجمعية في الخارج لإرسالها"، لافتاً إلى أن شراء الأدوية في أوروبا يحتاج إلى وصفة طبية. يتابع أن الحملة تستهدف الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، وليس فقط في المخيمات، ما يعني أن المساعدات تصل إلى كل تجمع فيه فلسطينيون.
إلى ذلك، يقول المتطوع بشار مفيد النصار، المقيم في مخيم عين الحلوة، والحاصل على شهادة بكالوريا فنية - ميكانيك سيارات: "تطوعت في هذا العمل من أجل مساعدة الناس في المخيم، الذين باتت أوضاعهم محزنة، وخصوصاً الأكثر فقراً، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان بشكل عام، الذي أثر في الفلسطينيين المقيمين في لبنان، الأمر الذي يجعلني معنياً بمساعدة المحتاجين في ظل التقصير الواضح من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والمرجعيات الفلسطينية".